Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
انتهاكات حقوق الإنسان

البحرين تعود إلى القمع المكشوف: موجة اعتقالات ضخمة في أبريل

في أبريل 2025، شهدت البحرين واحدة من أوسع حملات القمع السياسي منذ سنوات، مع تسجيل 22 حالة اعتقال على مدار الشهر، بينهم نساء وقصّر وناشطون سابقون بحسب أوساط حقوقية.

وعلى الرغم من الإفراج عن خمسة منهم لاحقًا، لا يزال 17 شخصًا رهن الاحتجاز في ظروف غير واضحة، وسط صمت رسمي وتضييق إعلامي شامل.

وقد تزامنت هذه الموجة مع سباق جائزة البحرين الكبرى للفورمولا 1، الذي أُقيم في 13 أبريل، ما أثار تساؤلات جدية حول تكرار نمط معروف من التضييق الأمني في فترات تزايد الأنظار الدولية على المملكة، حيث تسعى السلطات إلى منع أي تعبير عن الاحتجاج أو الرفض السياسي، ولو كان سلميًا أو رمزيًا.

أساليب أمنية تعسفية… وغياب كامل للشفافية

بحسب منظمة “أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” (ADHRB)، تم تنفيذ الاعتقالات بأساليب متفرقة شملت استدعاءات أمنية، مداهمات منازل، اعتقالات في أماكن العمل، وعلى الحدود أو حتى داخل المحاكم.

ولم تصدر أي أوامر اعتقال قانونية، كما لم تُعلن التهم بشكل رسمي في أغلب الحالات.

من بين المعتقلين البارزين، الناشط أحمد داود، الذي اعتُقلت أيضًا زوجته إيمان شاكر الماهوزي لفترة قصيرة قبل الإفراج عنها وفق “إجراء أمني بديل”.

وتشير تقارير إلى أن داود يُواجه اتهامات غامضة بالتخابر مع دولة أجنبية — وهي تهمة استخدمتها السلطات مرارًا ضد المعارضين السياسيين دون أدلة معلنة.

رسائل ردع تتجاوز الفعل إلى “النية”

ما يميز هذه الحملة ليس فقط عدد المعتقلين، بل نوعية المستهدفين: أفراد من عائلات سجناء سابقين، نساء، أشخاص سبق أن شملهم العفو، بل وحتى قُصّر.

تشير هذه المعطيات إلى تحول في الاستراتيجية الأمنية نحو “الردع المسبق”، أو ما يمكن وصفه بـ”الشرطية الوقائية”، حيث يتم تجريم نوايا الأفراد أو صلاتهم غير المباشرة بأوساط المعارضة.

وترجّح منظمات حقوقية أن عددًا من المعتقلين كانوا يُراقبون بسبب احتمال مشاركتهم في احتجاجات تزامنًا مع سباق الفورمولا 1، أو بسبب تعبيرهم السلمي عن آراءهم على وسائل التواصل.

الفورمولا 1: واجهة الحداثة التي تغطي القمع

لم تكن هذه الحملة الأمنية بمعزل عن السياق السياسي والدعائي الذي أحاط بسباق الفورمولا 1، الذي تُنظمه البحرين سنويًا منذ 2004 وتستخدمه كمنصة لـ”تبييض سجلها الحقوقي”.

وعلى الرغم من الشكاوى المتكررة من منظمات دولية، بما فيها شكوى رسمية قُدّمت عام 2014 إلى نقطة الاتصال الوطنية في بريطانيا بموجب إرشادات منظمة التعاون والتنمية، لا تزال الفورمولا 1 تمارس تجاهلًا متعمدًا لانتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بالحدث.

ورغم تعهد إدارة الفورمولا 1 سابقًا بتبني سياسات لحقوق الإنسان، لم تُتخذ أي خطوات فعلية ملموسة تجاه الانتهاكات المتكررة التي ترتكبها السلطات البحرينية بحق الناشطين في الأسابيع التي تسبق السباق كل عام.

اعتقال القُصّر… وخرق صارخ للاتفاقيات الدولية

المؤسف أن الحملة لم تستثنِ الأطفال. فقد وثّقت ADHRB حالات اعتقال لقُصّر دون مذكرات توقيف، وحرمانهم من الحق في الدفاع القانوني، وإجبارهم على “اعترافات” تحت التعذيب.

ومن بين هذه الحالات، الطفل علي حسين متروك عبدالله، الذي تعرّض لانتهاكات جسيمة تشكل خرقًا مباشرًا لـ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، التي تُعد البحرين طرفًا موقعًا عليها.

قمع ممنهج واستمرار لنهج القطيعة مع المجتمع المدني

يتسق هذا التصعيد مع السياسات القمعية التي تنتهجها البحرين منذ 2011، حيث شهدت البلاد تفكيكًا ممنهجًا للمجتمع المدني، وحلًّا للجمعيات السياسية، وفرض قيود قانونية خانقة على حرية التعبير تحت ذريعة الأمن القومي أو الرقابة الإدارية.

ويواصل رموز حقوق الإنسان مثل عبد الهادي الخواجة وعبد الجليل السنكيس قضاء أحكام قاسية في السجن، وسط تحذيرات متكررة من الأمم المتحدة بشأن الإهمال الطبي وسوء المعاملة التي يتعرض لها هؤلاء المعتقلون.

دعوة للمساءلة ورفضٌ لتواطؤ الصمت الدولي

إن اعتقالات أبريل 2025 لا تمثل فقط تصعيدًا قمعيًا، بل تؤكد أن السلطات البحرينية تتعامل مع أي تعبير عن الرأي كخطر وجودي يستوجب الرد الانتقامي العنيف.

وبينما تواصل الحكومة تقديم البحرين كـ”نموذج للحداثة والانفتاح” عبر الفعاليات الرياضية والدولية، فإن الواقع على الأرض يكشف صورة أكثر قتامة لدولة تُدار عبر الأمن الوقائي، ومصادرة الحريات، والتخويف المنهجي.

لذا، فإن صمت الفورمولا 1 وأصحاب المصلحة الدوليين يُعد تواطؤًا مقلقًا في شرعنة هذه الانتهاكات، ويجب أن يخضع للمساءلة الأخلاقية والقانونية. فثمن هذا الصمت يُدفع من قبل المعتقلين، وأسرهم، وأطفال يعيشون في خوف دائم من طرقات الليل الأمنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى