البحرين: استمرار استغلال العاملات المهاجرات في الخدمة المنزلية وانتهاك حقوقهن

البحرين تواجه تحديًا طويل الأمد في حماية حقوق العاملات المهاجرات في الخدمة المنزلية، اللواتي يشكّلن جزءًا كبيرًا من القوة العاملة في المملكة.
وعلى الرغم من أن نحو نصف سكان البلاد من العمال المهاجرين، إلا أن آلاف النساء في هذا القطاع يواجهن ظروف عمل غير عادلة، وغالبًا ما تتقاطع عوامل الطبقة والعرق والدين والجنس لتضاعف هشاشتهن القانونية والاجتماعية، ما يجعلهنّ في مرمى الاستغلال وسوء المعاملة.
ورغم أن البحرين ألغت رسميًا نظام الكفالة الذي يُلزم العامل المهاجر بالاعتماد الكامل على موافقة صاحب العمل للبقاء أو ترك العمل، إلا أن آثار هذا النظام لا تزال قائمة عمليًا.
وتؤكد منظمات حقوقية أن العاملات المهاجرات في الخدمة المنزلية يجدن أنفسهن تحت رحمة أصحاب العمل، ويعتمد وضعهن القانوني بشكل مباشر على تصرفات الكفيل، ما يكرس عدم الأمان والضعف المستمر.
وبحسب تلك المنظمات يعني إرث الكفالة أن صاحب العمل يتحمل المسؤولية القانونية والاقتصادية تجاه العاملة، ما يجعل علاقة العمل مجالاً خاصًا يخضع لسيطرة الفرد أكثر من أي إطار قانوني، ويتيح انتشار الاستغلال بشكل واسع.
وغالبًا ما تأتي العاملات من أوضاع اقتصادية صعبة في بلدانهن الأصلية، حيث تغرّهن عقود العمل التي تبدو مغرية على الورق، قبل أن تتحول إلى واقع مرير عند وصولهن البحرين.
وتشمل الانتهاكات الأساسية مصادرة جوازات السفر، وإجبار العاملات على توقيع عقود بلغة لا يفهمنها، وأحيانًا مع فرض رسوم باهظة في بداية العمل، مما يُدخلهن في دائرة الديون والاعتماد الكامل على صاحب العمل.
وبدون جواز السفر، تصبح الهروب أو تغيير مكان العمل شبه مستحيل، ولا يمكن للعاملات مغادرة البلاد أو البقاء فيها بشكل قانوني، حتى لو تمكنّ من الفرار، إذ يفقدن إثبات الهوية القانونية وتصريح العمل.
إضافة إلى ذلك، يفتقر العمل المنزلي في البحرين إلى حماية تشريعية واضحة، إذ لا يشمل قانون العمل الوطني الحد الأدنى للأجور، أو تنظيم ساعات العمل، أو منح أيام راحة منتظمة.
ونتيجة لذلك، تُجبر العديد من العاملات على العمل لما يصل إلى 19 ساعة يوميًا، مع يوم راحة واحد شهريًا، ويُحرم معظمهن من التغذية الكافية ويمنعن من مغادرة منزل صاحب العمل. ويزيد هذا الوضع من احتمال تعرضهن للعنف الجسدي والجنسي، في ظل غياب شبه كامل لآليات الحماية أو العدالة القانونية.
ويسهم الخطاب المجتمعي العنصري والذكوري في تفاقم هذه الانتهاكات، إذ يُنظر إلى العاملات المهاجرات على أنهنّ أقل قيمة، والعمل المنزلي يُعتبر واجبًا طبيعيًا للمرأة.
وغالبًا ما يأتين من شرق إفريقيا وجنوب وجنوب شرق آسيا، ما يضاعف من تهميشهن ويتيح تبرير الإساءة لهنّ في نظر بعض أصحاب العمل والمجتمع.
ونتيجة ذلك، تجد العاملات أمام خيارين: إما تحمل الاستغلال والانتهاك اليومي، أو الهروب إلى حياة غير قانونية محفوفة بالمخاطر، إذ يصبح الفارّ منهنّ “مهاجرة غير نظامية”، مع تهديد كبير لاستغلالهن وملاحقة القانون لهن، في حين يُحتفظ بحق صاحب العمل في اتهامها بالسرقة، حيث تُعتبر شهادته أقوى من شهادتها.
وقد أدى هذا الواقع إلى ارتفاع معدلات الانتحار بين العاملات، دلالة على خطورة الأوضاع التي تهدد حياتهن في البحرين.
وتؤكد منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين أن استمرار آثار نظام الكفالة يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، ويجب إدماج اتفاقيات العمل الدولية في التشريعات الوطنية لضمان الحماية القانونية للعاملات المهاجرات في الخدمة المنزلية.
كما تدعو المنظمة السلطات إلى التحقيق الجاد وملاحقة أصحاب العمل المتجاوزين، لضمان المساواة والعدالة والكرامة للعاملات، ووقف دائرة الاستغلال والانتهاك التي تستمر عقودًا في غياب الرقابة والإنصاف القانوني.
وتشدد الأوساط الحقوقية على أن معالجة هذه القضايا ليست مجرد واجب إنساني، بل أيضًا اختبار لمصداقية البحرين في تطبيق مبادئ القانون وحماية حقوق الإنسان، بما يضمن أن تكون جميع النساء العاملات في البلاد محل احترام وحماية كاملة، بعيدًا عن الاستغلال والقمع والتمييز.




