فساد البحرين: نصف مليار دولار من موازنة الدولة لمجلس شورى صوري
في تعبير صريح عن حدة الفساد الحاصل في البحرين، تكشف الحقائق والمعطيات عن صرف مبلغ نصف مليار دولار من موازنة الدولة على مجلس شورى صوري يعينه النظام الخليفي بنفسه.
وقال الكاتب عباس المرشد في مقال له إنه حتى هذه اللحظة يكون مجلس الشورى المعين من قبل الملك قد استنزف أكثر من 200 مليون دينار منذ تأسيسه في 2002 أي ما يعادل نصف مليار دولار تقريبا.
وأوضح المرشد أنه كانت البداية في 2003 عندما طالب أعضاء مجلس الشورى برفع موازنة المجلس بنسبة تصل إلى 41 في المئة من الموازنة المعتمدة لعامي 2003 – 2004 إذ كانت الموازنة المعتمدة للعام 2003 تصل إلى مليون و 917 ألف دينار.
في حينه طالب المجلس بزيادة الموازنة إلى مليونين و605 آلاف بينما تصل الموازنة المعتمدة للعام 2004 إلى مليون و917 ألف دينار فطالب المجلس بزيادتها إلى مليونين و694 ألف دينار.
أما في 2018 فقد تمت الموافقة على زيادة المبلغ المقدر لمجلس الشورى، بحيث يصبح 9 ملايين و328 ألف دينار للسنة المالية 2017، و9 ملايين 779 ألف دينار للسنة المالية 2018.
والملاحظ أن ميزانيات المجلس تتضخم في ظل ارتفاع العجز المالي وارتفاع الدين العام وارتفاع نسبة الضرائب المفروضة على المواطنين وتقنين زيادة معاشات التقاعد المقدرة ب 15 مليون دينار سنويا فقط. وعلينا أن نتذكر أن هذه المصاريف الرسمية فقط ولا تشمل رواتب التقاعد ولا العطايا والهبات الأخرى.
وقال المرشد “عندما نتخيل المبالغ التي رصدت ليأخذ مجلس الشورى وظيفته السياسية سنرى أنه استنزف ما يكفي لبناء أكثر من 4000 آلاف وحدة سكنية بكلفة 50 ألف لكل وحدة”.
وتابع “ثم ما هي أهمية ووظيفة مجلس الشورى التي تستحق أن يصرف عليه أكثر من 200 مليون دينار؟ في الاقتصاد السياسي ثمة ما يثير الريبة ويدفع إلى اجتراح مقاربات لا تبدو ظاهرة لكنها متلائمة تماما والغرض السياسي من إنشاء مجلس الشورى”.
وأكد أن شروط تعيين أعضاء مجلس الشورى وفق دستور 2002، تعتبر بدائية جدا وفضفاضة لدرجة تسمح أن يصل كل متردية ونطيحة لمقاعد مجلس الشورى بغطاء الثقة الملكية.
وفي أحيان عديدة أصبح كرسي مجلس الشورى مقايضة اقتصادية يتم بموجبها تسوية ديون مالية لأفراد من العائلة الحاكمة مقابل ترسية مقعد من الشورى أو النواب، ويحدث أيضا أن يصبح كرسي الشورى رافعة اقتصادية وإثراء مباشر بفعل العطايا والهبات والتسهيلات التي يحصل عليها عضو الشورى.
لذا فإن من يقول إن أعضاء الشورى يمثلون الفئة الغنية فهم غير محتاجين للراتب، هو محق في قوله ولكنه لا يكمل الجملة الذي تشرح كيف يثري كرسي مجلس الشورى الأغنياء أيضا ويضاعف ثروتهم أو يقبض ثمن ديونه المعدمة.
ولعل السؤال الأكثر وجاهة هل يحتاج الحكم إلى مجلس الشورى في ظل هيمنة الحكم المطلق ومرجعية دستور 2002 التي تحد من أي مشاركة شعبية أو رقابة فعلية على السلطة وتوزيع الثروة والقوة السياسية؟
فعلا لا يحتاج النظام إلى مجلس الشورى إذا ما أحكم الدوائر الانتخابية بتوزيعها الطائفي وضمن فوز أكثرية موالية تأتمر بأوامر الديوان الملكي.
كما لا يحتاج إلى مزايدة أعضاء الشورى في ظل احتكار وسائل الإعلام والقدرة على شيطنة كل المعارضة ومن يدور في فلكها.
إذن الحاجة لابد أن تكون أبعد من الوظيفة العملية وهنا تتلاصق طبيعة الحكم مع طبيعة الحكم المطلق الذي ينشأ مؤسسات شبه شعبية ومن ثم يسيطر عليها ويتحكم في مخرجاتها.
ومن جهة أخرى فالتمسك بمجلس الشورى هو الضمانة الوحيدة لإبقاء الأزمة السياسية مستعرة وهي الآلية الوحيدة التي يجبر بها الحكم قوى المعارضة على القبول بمرجعية دستور 2002.
أما الجزء الخفي من وظيفة مجلس الشورى فهي الرسالة السياسية الكامنة والظاهرة منه، وهي ان لا شراكة حقيقة يمكن لنظام الحكم أن يقدمها للناس وأن قدر السلطة التشريعية يجب ان لا يتجاوز المناصفة المضمونة لصالح بيت الحكم.
في الأداء العملي فقد مارس مجلس الشورى ما هو مطلوب منه وأبدى ملكية أكثر من الملك نفسه في تمرير القوانين أو اعتراض قوانين أخرى.
إلا أن احتقار مجلس الشورى للمواطنين وتحوله إلى سكين حادة في خاصرة أكبر مكون اجتماعي كان جريمة لا يمكن مقابلتها بالغفران او التسامح.
وختم المرشد مقاله “يكفي جردة حساب لعشرين عاما، لكي يتعرف أي مراقب ماذا قدم مجلس الشورى وهل يستحق 200 مليون دينار فعلا؟.