Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
انتهاكات حقوق الإنسان

واقع التظاهر السلمي في البحرين خلال الربع الأول من عام 2025

استعرضت منظمة حقوقية واقع التظاهر السلمي في البحرين خلال الربع الأول من عام 2025 في ظل تعمد سلطات النظام الخليفي إحكام قبضتها الأمنية وتكثيف قمعها للحقوق والحريات، بعيدًا عن الأضواء والمتابعة الدولية.

وبحسب منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان شهد الربع الأول من عام 2025 في البحرين تراجعًا ملحوظًا في واقع الحريات العامة، وعلى رأسها الحق في التجمع السلمي، وسط ممارسات ممنهجة لإسكات الأصوات المعارضة.

السياق الإقليمي.. غطاء للقمع الداخلي

ساهمت مشاهد الحرب في غزة وانهيار منظومة الردع الدولية أمام انتهاكات حقوق الإنسان في توفير غطاء غير مباشر لحكومات المنطقة، ومنها الحكومة البحرينية، لتوسيع ممارساتها القمعية داخليًا.

ومع انشغال المنظمات الحقوقية والإعلام العالمي بتوثيق جرائم الحرب والتهجير الجماعي، سقطت الكثير من الانتهاكات “الأقل دموية” عن دائرة الاهتمام، خصوصًا تلك التي تتعلق بتقييد الحريات السياسية وحقوق الإنسان في دول مثل البحرين.

ورغم الإفراج عن قرابة 800 سجين سياسي خلال عام 2024، معظمهم من معتقلي الرأي والتظاهر، فإن هذه الخطوة لم تمثل تحولًا جذريًا، بل جاءت ضمن مناورة محسوبة لتحسين صورة النظام في ظل ظروف إقليمية ضاغطة، فيما استمرت آليات القمع على الأرض بوتيرة متصاعدة خلال الربع الأول من عام 2025.

قيود متزايدة على التظاهر السلمي

منذ مطلع عام 2024، شهدت البحرين تصعيدًا في السياسات الأمنية الهادفة إلى تقييد حق التجمع السلمي. فقد فرضت السلطات حظرًا شبه شامل على التظاهرات العامة، خصوصًا تلك ذات الطابع السياسي أو التضامني مع قضايا خارجية، مثل دعم الشعب الفلسطيني.

وبدلًا من النظر إلى التظاهر كحق ديمقراطي مشروع، تم تأطيره ضمن خطاب رسمي يصوره كتهديد لأمن الدولة، ومؤشرًا على “التحريض على الفوضى”، ما مهد الطريق لتبرير الملاحقة والعقاب.

وشهد الربع الأول من 2025 تنفيذ حملات أمنية شملت اعتقالات تعسفية واستدعاءات أمنية واسعة، واستهدفت مواطنين ونشطاء شاركوا في وقفات سلمية أو حتى قاموا بنشر دعوات للتظاهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

كما سُجّلت عدة محاكمات تفتقر إلى الحد الأدنى من ضمانات العدالة، بتهم تتعلق بـ”التحريض على التجمهر” أو “الإساءة لهيبة الدولة”.

تنوع الحراك الشعبي رغم القمع

على الرغم من القيود المفروضة، لم يتراجع الحراك الشعبي، بل تواصل بأشكال مختلفة، دينية وحقوقية وسياسية. فقد شهدت العديد من مناطق البحرين خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2025 تحركات في مناسبات عدة:

في فبراير/شباط، خرجت مظاهرات بمناسبة الذكرى السنوية لانطلاق احتجاجات الرابع عشر من فبراير 2011، رغم القمع، ما يعكس استمرار الذاكرة الاحتجاجية والوعي الشعبي بقضايا الديمقراطية.

كما نظمت وقفات للمطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين، خاصة الذين يعانون من أوضاع صحية حرجة داخل السجون.

من جهة أخرى، عبّر البحرينيون عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في غزة، من خلال مظاهرات ومسيرات رمزية واجهتها السلطات بالقمع، معتبرة إياها “نشاطًا سياسيًا غير مصرح به”.

هذه التحركات، وإن كانت محدودة العدد مقارنة بمراحل سابقة، إلا أنها تعبّر عن إصرار فئات من المجتمع البحريني على ممارسة حقها في التعبير، حتى في أكثر الظروف قمعًا، وتؤكد أن الاحتجاج السلمي لا يزال حاضرًا في الوجدان الشعبي.

انتهاكات موثقة وقلق متصاعد

وفق ما وثقته منظمة “سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان”، فإن الفترة بين يناير ومارس 2025 شهدت تصاعدًا في عدد الانتهاكات المرتبطة بممارسة الحق في التظاهر، من اعتقالات ومحاكمات إلى مضايقات أمنية وتضييق على النشطاء. وقد تعذّر نشر العديد من أسماء الضحايا حمايةً لهم، في ظل بيئة سياسية تُجرّم مجرد التعاون مع المنظمات الحقوقية.

كما لوحظت أنماط جديدة من التضييق، منها:

تهديد أسر النشطاء بالفصل من العمل أو الحرمان من الامتيازات الحكومية.

حجب صفحات إلكترونية تدعو للتجمع السلمي.

استخدام القضاء كأداة أمنية لمعاقبة الناشطين بعقوبات مغلّظة.

تناقض بين الالتزامات الدولية والقانون المحلي

تُعدّ البحرين طرفًا في عدد من المعاهدات الدولية التي تضمن حرية التجمع والتعبير، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي ينص في مادته 21 على الحق في التجمع السلمي.

لكن القوانين المحلية، لا سيما قانون التجمعات البحريني رقم (18) لسنة 1973 وتعديلاته، تتضمن قيودًا واسعة تسمح للسلطات بمنع أي مظاهرة بدعوى “المصلحة العامة” أو “الأمن”، ما يمنح الأجهزة الأمنية صلاحية مطلقة لتقييد هذا الحق دون مساءلة.

إن هذا التناقض القانوني هو ما يُمكّن السلطات من التلاعب بالحدود بين ما هو قانوني وما هو مجرَّم، ويجعل من أي تجمع سلمي عرضة للتأويل الأمني والقمع.

الحاجة إلى مساءلة دولية وإصلاح داخلي

تكشف أحداث الربع الأول من عام 2025 أن المشهد الحقوقي في البحرين لا يتجه نحو الانفراج، بل نحو مزيد من التشدد والتضييق. ورغم محاولات النظام تقديم إفراجات شكلية أو الحديث عن “إصلاحات قانونية”، فإن جوهر السياسات القمعية لا يزال قائمًا، ويجري تعزيزه بآليات رقابة إلكترونية وملاحقة أمنية دقيقة.

ويُعدّ غياب المساءلة الدولية أحد أبرز العوامل التي تسمح للنظام البحريني بالاستمرار في ممارساته. فكلما خفتت الأضواء الحقوقية الدولية، تصاعدت وتيرة القمع. وفي هذا الإطار، تقع مسؤولية خاصة على المجتمع الحقوقي الدولي لإعادة تسليط الضوء على الانتهاكات في البحرين، وتفعيل آليات الضغط، سواء عبر مجلس حقوق الإنسان أو الشراكات الثنائية.

أما داخليًا، فالحراك الشعبي السلمي، رغم ما يواجهه من قمع، لا يزال يمثل بارقة أمل لإعادة بناء حياة سياسية حقيقية في البلاد، قائمة على التعددية، والاحترام الكامل للحقوق المدنية والسياسية، وعلى رأسها حق التظاهر السلمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى