Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أخبار

استدعاءات واعتقالات في البحرين بعد نشر مقاطع مصورة لضرب مباني في إسرائيل

تصعيد أمني يُقابل رفضاً شعبياً للتطبيع

شهدت البحرين على مدار اليومين الماضيين حملة استدعاءات واعتقالات طالت عدداً من المواطنين، بعد قيامهم بنشر مقاطع مصورة توثق لحظة قصف مبانٍ إسرائيلية في تل أبيب، خلال الهجوم الإيراني الذي نُفّذ في إطار عملية “الوعد الصادق”.

وأفاد ناشطون بحرينيون على وسائل التواصل الاجتماعي أن عدداً من العائلات تلقّت اتصالات من جهاز الأمن الوطني (المخابرات) تطلب فيها حضور ذويهم على خلفية تعبيرهم العلني عن بهجتهم بالضربات الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي.

تأتي هذه التطورات في سياق أمني-سياسي متصاعد تعيشه المملكة، مع ازدياد حدة التناقض بين موقف السلطة المنخرطة في مشاريع التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وبين الشارع البحريني الرافض لأي شكل من أشكال التعامل مع “الكيان الصهيوني”، وفق توصيف قطاعات واسعة من المجتمع المحلي.

ناصر بن حمد يفضح التورط الرسمي

اللافت أن الاستدعاءات الأمنية جاءت بعد أقل من عام على تصريحات صريحة أدلى بها نجل الملك البحريني، ناصر بن حمد آل خليفة، في مقابلة مع معهد “أسبن” الأمريكي في أغسطس/آب 2024، حيث تحدّث بكل فخر عن “قضاء ليلة في مقر الأسطول الخامس الأمريكي في المنامة للتصدي للمسيرات الإيرانية التي استهدفت إسرائيل”.

وقال ناصر حينها إنهم تابعوا الضربات من هناك، مضيفاً أن “الأسطول الخامس هو جبل النار”، وهي عبارة استخدمها جده عيسى بن سلمان لوصف الهيمنة العسكرية الأمريكية في الخليج.

هذا الاعتراف العلني بدور البحرين في المساعدة العسكرية لإسرائيل، يُشكّل ذروة في مسار تطبيعٍ تجاوز البُعد السياسي نحو التعاون الأمني والاستخباراتي والعسكري، وهو ما يعتبره المواطنون البحرينيون خيانة للقضية الفلسطينية وتورطاً في دعم العدوان الإسرائيلي على الشعوب العربية.

تطبيع رسمي… ورفض شعبي عارم

منذ إعلان التطبيع بين البحرين والاحتلال الإسرائيلي في سبتمبر/أيلول 2020 ضمن ما عُرف بـ”اتفاقات أبراهام”، تسارعت خطوات التقارب بين المنامة وتل أبيب، بدءاً من افتتاح السفارة الإسرائيلية، ووصولاً إلى توقيع اتفاقيات في مجالات الأمن السيبراني والاقتصاد والتعليم والسياحة، بل وإجراء تدريبات عسكرية مشتركة برعاية أمريكية.

لكن في مقابل هذا الانغماس الرسمي، يقف الشعب البحريني بصلابة في وجه التطبيع. وقد تكررت في السنوات الأخيرة مشاهد الاحتجاجات الشعبية، سواء عبر التظاهرات أو عبر حملات المقاطعة أو الهجوم على الزائرين الإسرائيليين.

فكلما أُعلن عن زيارة مسؤول إسرائيلي أو فعالية مشتركة، يُقابل الأمر بسخط شعبي واسع، يعكس حجم الرفض الذي يكنّه البحرينيون للتطبيع، وولاءهم التاريخي للقضية الفلسطينية.

ومن الأمثلة الصارخة على هذا الرفض، ما حدث في 2022 عندما نظّمت السلطات رحلات سياحية إلى الأراضي المحتلة تحت عنوان “زيارة القدس”، لكن تلك الحملات قوبلت بموجة تنديد حادة، وصلت حدّ نشر أسماء وصور المشاركين في الزيارات على وسائل التواصل الاجتماعي، واتهامهم بـ”خيانة المبادئ الوطنية والدينية”.

منتدى النقب… حلف التطبيع الشامل

في مارس/آذار 2022، أعلنت البحرين انضمامها إلى “منتدى النقب”، الذي يضم إلى جانب إسرائيل، كلاً من الولايات المتحدة، الإمارات، مصر، والمغرب.

هذا المنتدى، الذي روّج له على أنه إطار للتعاون الإقليمي في مجالات “الازدهار والاستقرار”، هو في حقيقته منصة لتعزيز دور إسرائيل كقوة إقليمية مقبولة ومتنفذة في العالم العربي، وفق مراقبين.

يُجمع البحرينيون، من كل الطوائف والتيارات، على رفض مثل هذه التحالفات، التي تُحيل القضية الفلسطينية إلى ملف منسي، وتغطي على الجرائم الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية.

وقد تصاعد الغضب الشعبي مع استمرار المجازر في قطاع غزة لأكثر من 20 شهراً، حيث يرى المواطنون أن التعاون الرسمي مع إسرائيل يرقى إلى مستوى الشراكة في العدوان على شعبٍ أعزل يتعرض لحصار وقتل وتجويع ودمار منهجي.

البحرين والتطبيع ما قبل 2020

رغم أن الإعلان الرسمي عن التطبيع جرى عام 2020، إلا أن علاقات المنامة بتل أبيب تعود إلى ما قبل ذلك بكثير.

ففي عام 2002، ومع تصاعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية، خرجت مظاهرات شعبية في العاصمة المنامة مندّدة بالدور الأمريكي في دعم الاحتلال الإسرائيلي. غير أن قوات الأمن البحرينية ردّت حينها بالرصاص الحي على المتظاهرين، ما أسفر عن استشهاد الشاب محمد جمعة، الذي بات رمزاً للرفض الشعبي المبكر للتطبيع.

في تلك المظاهرة رفع البحرينيون شعارات تطالب بإغلاق السفارة الأمريكية، وطرد الأسطول الخامس الأمريكي من البلاد، باعتباره جزءاً من منظومة الحماية الإسرائيلية في المنطقة.

تصعيد أمني… وخوف من المستقبل

ما حدث في اليومين الماضيين من استدعاءات واعتقالات، ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل القمع الذي تواجه به السلطات كل تعبير شعبي مناهض للتطبيع أو داعم لفلسطين.

إذ باتت الأجهزة الأمنية تراقب كل منشور وتغريدة، وتستدعي المواطنين لمجرد مشاركة مقطع مصور يُظهر الضربات على تل أبيب أو التعبير عن التضامن مع المقاومة.

ولا يعرف البحرينيون إلى أي مدى يمكن أن تمضي السلطة في تماهيها مع إسرائيل، خصوصاً في ظل الحرب المتصاعدة بين إيران والاحتلال، وفي ظل اتهامات سابقة للمنامة بلعب دور لوجستي في العمليات التي تستهدف المقاومة.

نهاية مفتوحة… وغليان شعبي

في ظل هذا التناقض الفج بين الشعب والسلطة، يتوقع مراقبون أن يزداد الاحتقان في الداخل البحريني، لا سيما مع تفاقم العدوان الإسرائيلي، وازدياد الضغوط الأمنية على المواطنين المعارضين للتطبيع.

فالشارع البحريني يُدرك أن أي دعم يُقدّم للاحتلال الإسرائيلي هو خيانة لدماء آلاف الشهداء في غزة والقدس وجنين.

ويجمع البحرينيون على أن محاولات “غسل” صورة الكيان الصهيوني لن تمر، وأن مسار التطبيع مهما توغّل في المؤسسات الرسمية، لن يلقى شرعية شعبية، بل سيبقى وصمة عار في جبين النظام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى