Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
فضائح البحرين

حقائق تفضح تآكل الهامش الديمقراطي في البحرين

سلطت رابطة الصحافة البحرينية الضوء على سلسلة حقائق تفضح تآكل الهامش الديمقراطي في البحرين في ظل قمع واستبداد النظام الخليفي الحاكم في البلاد.

وأبرزت الرابطة في بيان اطلع عليه “بحريني ليكس”، أنه منذ إطلاق المشروع الإصلاحي في البحرين مطلع الألفية، بدا أن البلاد تتجه نحو انفتاح سياسي وتوسيع لفضاء الحريات العامة، خاصة على مستوى الإعلام.

في تلك المرحلة، برزت صحيفتا الوسط والوقت كمؤسستين إعلاميتين مستقلتين نسبياً، قادرتين على تناول قضايا شائكة ومناقشة مواضيع تتجنبها الصحف الحكومية.

لكن هذه التجربة لم تصمد طويلاً. ففي عام 2010، توقفت صحيفة الوقت عن الصدور لأسباب مالية، لتبقى الوسط في مواجهة منفردة مع إعلام رسمي يُمارس التمجيد ويتماشى من السياسات الحكومية ويروجها ويتحاشى النقد.

ومع اندلاع احتجاجات 2011، تحولت صحيفة الوسط إلى المتنفس الوحيد للأصوات المعارضة، وهو ما اعتبرته السلطات تهديدًا مباشرًا، فقامت بإغلاق الصحيفة مرتين قبل القضاء على وجودها نهائياً في 2017.

وبحسب الرابطة أدى تراجع الصحافة المهنية إلى انتقال النقاش العام إلى الفضاء الرقمي وبالخصوص موقع X “تويتر سابقاً”. ومع صعوبة السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي، لجأت السلطات إلى تقنيات مراقبة متقدمة، شملت – بحسب تقارير Citizen Lab  ومنظمة العفو الدولية – استخدام برنامج “بيغاسوس” الإسرائيلي للتجسس على النشطاء والصحفيين بين عامي 2016 و2021.

وقالت الرابطة إنه من خلال هذه الأدوات، استطاعت السلطات الخليفية مراقبة من يكتبون بأسمائهم الحقيقية، بل وحتى مستخدمي الأسماء المستعارة، لتدفع المجتمع بأكمله نحو ممارسة “رقابة ذاتية” قاسية، تشبه ما كانت تفرضه الصحف على نفسها. أدى ذلك إلى تآكل سريع في هامش التعبير وتحول النقاشات العامة إلى مجالات مغلقة ومحفوفة بالمخاطر.

وعلى الصعيد القانوني، سنّت الحكومة خلال السنوات الماضية تعديلات جديدة زادت من تضييق الخناق على الحريات، أبرزها التعديلات على قانون الخدمة المدنية عام 2020، التي أجازت صراحة فصل الموظف الحكومي في حال توجيهه نقدًا لسياسات الدولة بأي وسيلة.

وأكدت الرابطة أن هذه المادة، التي تتعارض مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية – الذي صادقت عليه البحرين – مثلت نقلة نوعية في “تقنين القمع”.

في الممارسة، لم تعد خطوط الحمراء محصورة بالقيادة العليا، بل امتدت لتشمل مسؤولين تنفيذيين مثل وزير الداخلية، قائد قوة الدفاع، الوزراء وحتى رؤساء المجالس البلدية. انتقاد أيٍّ من هؤلاء قد يؤدي إلى التحقيق، الفصل، أو السجن.

في هذا السياق، يمكن فهم حادثة إقالة الناشطة لولوة البنعلي من وزارة التربية والتعليم بعد انتقادات للوزارة. كما تم اعتقال إبراهيم شريف، الأمين العام الأسبق لجمعية وعد، على خلفية تغريدة انتقد فيها ضخ أموال عامة في شركة “مكلارين” للسيارات، التي تمتلك الدولة غالبية أسهمها، ما اعتُبر تجاوزًا للخطوط الحمراء الجديدة.

حتى القضايا الخدماتية لم تعد آمنة. اعتُقل الناشط فاضل عباس لأكثر من أسبوع بعد انتقاده طريقة تعامل الحكومة مع ملف التقاعد. كما تم توقيف الصحفي صالح العم بعد حديثه عن أداء رئيس المجلس البلدي الشمالي، وحُكم عليه بالسجن عشرة أيام.

ومن اللافت أن السلطات لم تعد تستهدف فقط المعارضين السياسيين، بل امتد الاستهداف ليشمل المواطنين العاديين الذين عبّروا عن مواقف تضامنية مع قضايا خارجية، كما حصل في حملة الاستدعاءات التي طالت نحو 90 مواطنًا بعد نعيهم أمين عام حزب الله السابق أو تعبيرهم عن تضامنهم مع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان.

في موازاة ذلك، تعرضت الصحافة الرقمية لهجمة منظمة، تُوّجت بإغلاق موقع دلمون بوست في ديسمبر 2024، وتغريم الصحفي محمد الغسرة مبلغ 1000 دينار (~2650 دولارًا أمريكيًا) بدعوى إدارة موقع غير مرخص، رغم محاولاته المستمرة لتسجيله رسميًا.

وشددت الرابطة على أن ما يجري في البحرين يتجاوز مجرد ملاحقة المعارضة، ويتجه نحو إعادة تشكيل المجال العام على أسس من الطاعة الصارمة.

وقالت إن هذا التحول، كما تشير مؤشرات فريدم هاوس ومراسلون بلا حدود، وضع البحرين ضمن الدول ذات البيئة “غير الحرة” إعلاميًا، حيث لا يُسمح بانتقاد السلطة أو مناقشة أولويات الإنفاق العام أو السياسات الاجتماعية.

وأضافت أن هيمنة الدولة على المشهد الإعلامي تحمل في طياتها مخاطر جمة، التضييق المتزايد لا يضمن الاستقرار بل يُغلق منافذ التنفيس ويدفع قطاعات من المجتمع إلى البحث عن أدوات احتجاج ربما تكون أكثر راديكالية من سابقاتها.

وخلصت رابطة الصحافة البحرينية إلى أن القمع لا يخلق شعبًا مطواعًا، بل يهيئ لمرحلة قد تكون أشد اضطرابًا، ومن هنا، فإن على الحكومة البحرينية أن تعيد النظر في استراتيجياتها الإعلامية والسياسية وأن تُفسح المجال لحرية التعبير، لا باعتبارها منّة أو ترفًا بل شرطًا لبناء مجتمع سليم ومستقر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى