Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مؤامرات وتحالفات

البحرين وفلسطين: محرك السخط الشعبي ضد التطبيع مع إسرائيل

أحيا استئناف العلاقات الدبلوماسية بين تل أبيب والمنامة معارضة كانت كامنة في البحرين، حيث يواجه النظام الخليفي السخط الشعبي وانتقادات حادة من ناشطين لا يزالون يجرؤون على رفع أصواتهم رغم حملة القمع الشاملة. ويظهر هذا التوتر كيف أن التطبيع مع إسرائيل يتعارض بشكل مباشر مع إرادة الشعب البحريني وحرياته الأساسية.

وأبرز موقع أوريان 21 الفرنسي أنه في أغسطس/آب 2025، عادت العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل إلى المنامة بعد غياب دام ثمانية عشر شهرًا، على خلفية الهجوم الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقد أعاد تعيين السفير الإسرائيلي شموئيل ريفيل الأمور إلى واجهة الصراع الداخلي، ما دفع سكان قرية الدراز وضواحي المنامة إلى الاحتجاج في الشوارع، مع رفع الأعلام الفلسطينية ولافتات مناهضة للتطبيع. ورد النظام باعتقالات جماعية، أُلقي القبض خلالها على ما لا يقل عن اثني عشر شخصًا، في محاولة لتهدئة الغضب الشعبي.

ويعتبر نشطاء المعارضة أن القضية الفلسطينية مرآة لكفاحهم ضد نظام آل خليفة، الذي ينتمي إلى الأقلية السنية، بينما يشكل الشيعة غالبية السكان. منذ انتفاضة البحرين في إطار “الربيع العربي” عام 2011، اعتمدت السلطات على مجموعة متكاملة من أدوات القمع: اعتقالات تعسفية، مداهمات ليلية، ومراقبة رقمية متقدمة.

ووفق تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش، اعتُقل 57 شخصًا على الأقل في عام 2023 بسبب دعمهم لغزة أو نشرهم محتوى مناهض للتطبيع على وسائل التواصل الاجتماعي، بينهم قاصرون.

رغم هذه القيود، استخدم الشباب البحريني الشبكات الرقمية للتعبير عن غضبهم، ومشاركة مقاطع فيديو توثق القمع في غزة، والدعوة إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية.

وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي وسوم مثل #بحريني_ضد_التطبيع و#فلسطين_تصرخ_في_أيدينا، التي جسدت استمرار الوعي السياسي والاحتجاج الشعبي.

وساهمت كتابات المثقفين القوميين في تعزيز شعور الشباب بالهوية الفلسطينية والعربية، بما يربط بين نضالات الماضي ضد الاستعمار والاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الشعبية المحلية.

والتاريخ يعكس جذور هذا النضال: منذ انتفاضات الستينيات التي تحدى فيها الفلاحون والعمال النظام الإقطاعي، مرورًا بإضرابات التسعينيات، وصولًا إلى مظاهرات دوار اللؤلؤة عام 2011، حيث أسفر القمع عن مقتل 60 شخصًا واعتقال آلاف المعارضين.

وفي السنوات اللاحقة، ظل النشاط السياسي مستمرًا، وإن تحوّل إلى بيئات جديدة مثل شبكات التواصل الاجتماعي، بعد حرمان الناشطين من قادتهم المسجونين أو المنفيين.

تجسّد شخصيات مثل أحمد داود وإيمان شاكر الماهوزي هذا النشاط المستقل، الذي يواصل النضال رغم الاعتقالات السابقة، بينما يحاول ناشطون آخرون في الخارج مثل مريم وزينب الخواجة استخدام منفاهم كأداة للتعبئة السياسية العابرة للحدود الوطنية.

ومن خلال هذه الوسائل، يظل التضامن مع فلسطين محورًا رئيسيًا للمعارضة البحرينية، مستندًا إلى التوارث الثقافي والسياسي بين الأجيال.

على الجانب الآخر، استثمرت البحرين في تطوير ترسانتها الأمنية الرقمية، مستعينة بخبرة إسرائيلية متقدمة في الأمن السيبراني.

يقود هذه الجهود شخصيات بارزة من الأسرة الملكية، بما في ذلك ناصر بن حمد آل خليفة، القائد الفعلي للحرس الملكي، والأمير سلمان، رئيس الاستخبارات الرقمية، الذين يشرفون على مراقبة الرسائل الإلكترونية واختراق الجماعات المعارضة.

وتشمل أدواتهم برامج تحليل حركة الإنترنت، والبرمجيات الخبيثة، وتقنيات التجسس على الهواتف وأجهزة الحاسوب، بما في ذلك أنظمة رائدة مثل بيغاسوس من NSO Group وبرمجيات Verint وCellebrite.

ويعكس هذا التطور في المراقبة والتحكم الرقمي أن التطبيع مع إسرائيل ليس مجرد تبادل دبلوماسي، بل جزء من ديناميكية أوسع لتقوية السلطة الحاكمة وتأمينها عبر الخبرة التكنولوجية الإسرائيلية.

ومن خلال هذا النهج، لم تعد السلطات تقتصر على القمع المباشر، بل أصبحت تستبق الاحتجاجات وتمنع تنظيمها، مما يقلص مساحة الحريات المتاحة للمواطنين إلى الحد الأدنى.

وتُظهر هذه التفاعلات أن النظام البحريني يوازن بين علاقاته الخارجية، خصوصًا مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وبين التحديات الداخلية.

استضافة الأسطول الأمريكي الخامس وتعزيز التحالفات مع الإمارات والسعودية يضمن للملك بقاء السلطة، لكنه يأتي على حساب الشرعية الشعبية المتآكلة بالفعل.

وفي المقابل، يستمر المجتمع المدني البحريني، خصوصًا الشباب الشيعي، في استخدام التضامن مع فلسطين كأداة مقاومة، ما يجعل التطبيع قضية حية، مثار جدل مستمر، ومحركًا للسخط الشعبي في أرجاء المملكة.

في النهاية، يظل التضامن مع فلسطين في البحرين أكثر من مجرد موقف سياسي؛ إنه رمز للهوية الوطنية والمقاومة الشعبية، يواجه القمع والإرهاب الرقمي، ويستمر في تشكيل وعي الأجيال الشابة، مؤكّدًا أن التطبيع مع إسرائيل لن يكون هادئًا أو بلا ثمن في الشارع البحريني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى