Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مؤامرات وتحالفات

التعاون الأمني البحريني مع إسرائيل.. على حساب فلسطين والمقاومة

في مشهد يختلط فيه السخرية بالخذلان، استقبل وزير الداخلية البحريني راشد بن عبدالله آل خليفة نظيره الفلسطيني زياد هب الريح، ليؤكد أمامه “أهمية تعزيز التعاون الأمني لمواجهة التحديات الأمنية في المحيط الإقليمي”.

عبارة مكررة لا تحمل من الواقع سوى قشرة لفظية، تخفي خلفها جوهرًا سياسيًا يخدم شيئًا واحدًا: ترسيخ التحالف الأمني بين البحرين وإسرائيل، على حساب القضية الفلسطينية وتصفية مشروع المقاومة.

مشهد عبثي وسط ركام غزة

أن يصافح الوزير البحريني ممثل السلطة الفلسطينية في عزّ حرب الإبادة المستمرة على غزة، بينما الاحتلال يحصد أرواح الأطفال ويجوّع المدنيين، مشهدٌ لا يُقرأ إلا في سياقٍ عبثي.

فالبحرين، التي أدارت ظهرها تمامًا للعدوان، لم تطرد السفير الإسرائيلي، ولم تعلّق اتفاقيات التطبيع، بل واصلت علاقاتها مع تل أبيب وكأن شيئًا لم يكن. هذا بينما كانت الشارع البحريني يغلي غضبًا ويُقمع كل من يرفع صوته نصرةً لغزة.

وبينما كانت جرافات الاحتلال تدكّ ما تبقى من شمال القطاع، وتقتل العشرات في رفح، كان الوزير البحريني يعقد جلسة مع وزير “الداخلية” الفلسطيني ــ المعروف بتنسيقه الأمني مع الاحتلال ــ ليبحث معه سبل “التعاون الأمني الإقليمي”. والسؤال البديهي هنا: هل هناك خطر إقليمي أكبر من إسرائيل ذاتها؟

أسئلة مشروعة.. وإجابات مُرّة

إن هذا اللقاء يُثير تساؤلات عدة، لا يمكن الهروب منها، مهما غُلّفت التصريحات الرسمية بعبارات التضامن الإنشائي:

من هو الطرف المستهدف بهذا التعاون الأمني؟ هل الحديث عن مواجهة “التحديات الأمنية” يعني بالضرورة التهديد الإسرائيلي؟ أم أن “المقصود” كما جرت العادة هم فصائل المقاومة الفلسطينية؟

كيف توازن البحرين بين علاقتها الأمنية مع إسرائيل وتنسيقها المزعوم مع السلطة؟ وهل باتت “فلسطين الرسمية” نفسها جزءًا من هذا المحور الذي يُنظّم العمل الأمني في الإقليم لملاحقة المقاومين وتقييد الأصوات الحرة؟

ما الذي تستطيع المنامة أن تقدمه للفلسطينيين؟ هل الدعم يعني تسليم قوائم النشطاء؟ أم المساهمة في تجفيف منابع المقاومة؟ أم فقط التقاط الصور لتبرئة الذمة أمام شعوب عربية ملت من الخداع؟

سلطة بلا مقاومة.. ودولة بلا ضمير

إن السلطة الفلسطينية، المُمثلة في وزيرها، باتت اليوم مجرد أداة تنسيق أمني، لا تحمل من المشروع الوطني إلا اسمه. فهي شريكة في التنسيق مع الاحتلال، تستهدف المقاومة وتعتقل المقاومين، وتسعى إلى إجهاض أي تحرك شعبي في الضفة الغربية أو الداخل الفلسطيني المحتل.

والبحرين، من جهتها، تُعد اليوم من أكثر الدول الخليجية تماهيًا مع المشروع الإسرائيلي في المنطقة. فمنذ توقيعها اتفاق التطبيع في البيت الأبيض، في سبتمبر 2020، وهي تسير بخطى متسارعة نحو الانغماس الكامل في أحضان تل أبيب، على كافة المستويات الأمنية والاقتصادية والعسكرية.

بل إنها وصلت إلى حد قمع أي تعبير شعبي مناصر لفلسطين، وفرضت قيودًا على التظاهرات، وهددت الأصوات المناهضة للتطبيع بالسجن والحرمان من الحقوق المدنية. فأين “القضية الفلسطينية التي في قلوبنا”، كما قال الوزير راشد بن عبدالله؟

حب زائف.. وأقنعة مفضوحة

لقد أصبح التضامن مع فلسطين فقرة ركيكة في بداية كل خطاب رسمي عربي، يُذكر لتجميل المواقف، لا أكثر. فالأنظمة التي تحتضن الاحتلال وتُعمق العلاقات معه، لا تستطيع أن تُقنع أحدًا بأن “معاناة الفلسطينيين تؤلمها”.

فلسطين لم تعد تحتمل هذا النوع من “الحب”، الذي تُذبح فيه في العلن، ويُقال عنها كلمات مؤثرة في البيانات الصحفية خلف أبواب مغلقة.

وفي نهاية المطاف، لقاء وزير الداخلية البحريني مع نظيره الفلسطيني، وما تضمنه من حديث عن التعاون الأمني، ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل تصفية القضية الفلسطينية.

وهو لقاء لا يهدف إلى تحرير الأرض أو إنهاء الاحتلال، بل إلى تكريس الأمن الإقليمي المشترك مع إسرائيل، وشيطنة المقاومة، وتمكين الاحتلال من مزيد من السيطرة عبر أدوات عربية وفلسطينية.

ويؤكد مراقبون أن على البحرين أن تقرر: إما فلسطين، أو إسرائيل. أما الحديث عن “القضية في القلب”، بينما اليد تصافح من يحتل القدس ويدكّ غزة، فهو حديث كاذب لا وزن له في ميزان الشعوب الحرة.

إذ أن فلسطين لا تحتاج إلى أمنٍ مع البحرين.. بل إلى موقف عربي حر يرفض الاحتلال ويُطرد سفراءه، لا أن يُنسق معه أمنياً من فوق جثث الأطفال وتحت أنقاض البيوت المدمرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى