Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أخبار

البطالة في البحرين كعامل عدم استقرار اجتماعي وسياسي

تشير البيانات الرسمية الصادرة عن هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية في البحرين إلى أن معدل البطالة بين المواطنين بلغ نحو 7.7% في الربع الرابع من عام 2023، مقارنة بـ 4% فقط في عام 2010.

ويعكس هذا الارتفاع تحول البطالة من ظاهرة هامشية إلى مشكلة بنيوية مستمرة، في وقت تتجاوز البطالة في الفئة العمرية بين 18 و29 عاماً، 20% وفق تقديرات غير رسمية تستند إلى بيانات وزارة العمل وبرامج التوظيف الحكومية.

ويقدَّر عدد العاطلين عن العمل من المواطنين بما يتراوح بين 30 و35 ألف شخص، في بلد لا يتجاوز عدد سكانه المواطنين 700 ألف نسمة.

وتعد هذه النسبة مرتفعة مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي، حيث لا يتجاوز معدل البطالة بين المواطنين في السعودية 5.1%، وفي الإمارات أقل من 3% وفق بيانات 2023.

في المقابل، تُظهر إحصاءات سوق العمل أن عدد العمالة الأجنبية في البحرين يتجاوز 600 ألف عامل، أي ما يقارب 75% من إجمالي القوة العاملة.

وفي القطاع الخاص تحديداً، تشكل العمالة الأجنبية أكثر من 85% من العاملين، بينما لا تتجاوز نسبة البحرينيين 15%. هذه الأرقام تضعف الرواية الرسمية حول “عدم وجود وظائف”، وتبرز الخلل في سياسات الإحلال والتوظيف.

وقد تجاوز الإنفاق الحكومي على برامج التوظيف، مثل “تمكين” و”برنامج التوظيف الوطني”، مبلغ 500 مليون دولار خلال السنوات الخمس الماضية، وفق تقارير ديوان الرقابة المالية.

لكن رغم ذلك، لم ينخفض معدل البطالة بشكل مستدام، ما يشير إلى ضعف العائد الاقتصادي لهذه البرامج. تقارير الرقابة نفسها سجّلت تكرار توظيف مؤقت، تدريب بلا توظيف دائم، وغياب مؤشرات قياس حقيقية للأثر.

وعلى مستوى الدخل، يبلغ متوسط الأجر الشهري للبحريني في القطاع الخاص حوالي 700 دينار بحريني، مقابل أكثر من 1,200 دينار في القطاع العام.

ويدفع هذا الفارق غالبية الباحثين عن عمل إلى انتظار وظيفة حكومية شبه متوقفة، حيث لم يتجاوز عدد الوظائف الحكومية الجديدة سنوياً 3,000 وظيفة خلال الأعوام الأخيرة، مقابل دخول ما يزيد عن 8,000 خريج جديد إلى سوق العمل سنوياً.

ويظهر التمييز في التوظيف في توزيع الوظائف السيادية والأمنية، إذ تشير بيانات حقوقية إلى أن أكثر من 90% من وظائف الأجهزة الأمنية والعسكرية تذهب إلى فئة محددة اجتماعياً، مع اعتماد واسع على مجنسين، في مقابل إقصاء آلاف المواطنين من هذه القطاعات ذات الأجور المرتفعة والاستقرار الوظيفي.

اقتصادياً، تعاني البحرين من محدودية النمو. بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الحقيقي بين 2019 و2023 أقل من 2% سنوياً، وهو معدل غير كافٍ لخلق فرص عمل جديدة.

في المقابل، ارتفع الدين العام إلى أكثر من 130% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، ما يقلص قدرة الدولة على التوسع في التوظيف أو الإنفاق الاجتماعي.

كما تشير معدلات الفقر إلى أن أكثر من 55 ألف أسرة تستفيد من برامج دعم الكهرباء والماء والدعم النقدي، ما يعني أن شريحة واسعة من المواطنين تعيش عند أو تحت خط الأمان المعيشي. البطالة في هذه الحالة لا تعني غياب الدخل فقط، بل تعني الاعتماد الكامل على الدولة في ظل تراجع قدرتها المالية.

واجتماعياً، سجّلت وزارة الداخلية ارتفاعاً في قضايا العنف الأسري والمخدرات والجرائم الصغيرة بنسبة تجاوزت 15% بين 2018 و2023، وهي مؤشرات غالباً ما ترتبط بارتفاع البطالة بين الشباب.

في الوقت نفسه، تشير استطلاعات رأي محلية محدودة إلى أن أكثر من 60% من الشباب لا يثقون بقدرة الحكومة على حل أزمة العمل.

سياسياً، يُعد ملف البطالة أحد الملفات القليلة التي تجمع تذمراً عابراً للطوائف. بيانات الاحتجاجات المتفرقة خلال السنوات الماضية تُظهر أن المطالب الاقتصادية، وعلى رأسها العمل والدخل، كانت حاضرة في أكثر من 70% من التحركات الشعبية، حتى في الفترات التي غاب فيها الخطاب السياسي المباشر.

الخلاصة الرقمية تشير إلى معادلة واضحة: سوق عمل مختل، اعتماد مفرط على العمالة الأجنبية، نمو اقتصادي ضعيف، إنفاق غير فعّال على التوظيف، وتفاوت حاد في الفرص.

وتضع هذه العوامل مجتمعة البطالة في موقع عامل عدم استقرار طويل الأمد، لا يمكن احتواؤه أمنياً أو إعلاميا، فيما استمرار تجاهل هذه المؤشرات يجعل ملف العاطلين مرشحاً للتحول من أزمة اقتصادية إلى أزمة اجتماعية وسياسية ذات كلفة مرتفعة على النظام والدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 + عشرة =

زر الذهاب إلى الأعلى