تحقيق: ولي العهد البحريني يكرس سياسة الإقصاء للتفرد بالسلطة
تؤكد الأحداث المتتالية في المشهد العام في البحرين تكريس ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة سياسة الإقصاء للتفرد بالسلطة وإقصاء أي خصوم له.
وقبل أشهر عين ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة نجله سلمان رئيساً للحكومة عقب وفاة عمه خليفة بن سلمان آل خليفة، والذي شغل منصب رئيس الحكومة لفترة طويلة.
وقال معهد دول الخليج العربية في واشنطن إنه حتى عهد قريب، ظهرت البحرين وحيدة في وجود متطلب دستوري لحق الابن البكر في وراثة الحكم، وانتقال الحكم من الأب لابنه الأكبر (مع وجود طريقة لتمكين للملك – خلال حياته – من اختيار أو تعيين ابناً آخر غير الابن الأكبر كخليفة له).
وذكر المعهد أنه كان يتعين على سلمان بن حمد، أن يتعامل مع عمه الأكبر، خليفة بن سلمان، الذي قام بتجميع الثروة والنفوذ السياسي بصفته رئيس الوزراء الأطول فترة على المستوى العالمي.
وقال إنه بوفاة رئيس الوزراء في عام 2020، فقد تولى سلمان منصب رئيس الحكومة، وهو الآن يمسك بمقاليد كل من الحكومة وزمام الحكم المستقبلي.
وأضاف أن هناك إشارات مبكرة على ولي العهد يستخدم سلطته التنفيذية المعززة، لإضعاف تأثير أبناء الأسرة الملكية الآخرين داخل القصر الملكي وفي قوى الأمن.
نهب ثروات البلاد
قبل أسابيع نشر “بحريني ليكس” وثائق تظهر استيلاء سلمان بن حمد على أملاك تخص عمّه رئيس الوزراء الراحل.
وبحسب الوثائق التي سربها مسؤول رفيع المستوى، تبين أن ولي العهد وضع يده بالقوة على مبالغ مالية وعقارات تتجاوز قيمتها ملايين الدنانير.
وتثبت الوثائق تحويل ملكية عقارات لسلفه الراحل إلى ملكية خاصة. ومنها عقار في قرية “قلالي” تبلغ مساحته 21 كيلومتراً مربعاً.
إضافة إلى عقارات في مناطق القدم وكرانة والبسيتين تبلغ مساحتها أكثر من 20 كيلومتراً مربعاً.
احتقان واسع
تلك الإجراءات تقول المصادر ما كانت لتتم لولا أنها جاءت بمباركة من الملك حمد بن عيسى.
وقد أثارت احتقانا واسعا داخل العائلة المالكة، في ظل اعتراض أبناء رئيس الوزراء الراحل.
ومنذ وفاة عم الملك الحالي للبحرين في 11 نوفمبر 2020، وتسود خلافات شديدة داخل أروقة أسرة آل خليفة الحاكمة.
حتى وصل الأمر إلى تأخير إعلان تعديل وزاري كان من المفترض أن يرى النور في الأسبوع الأول من مارس الجاري.
نفوذ وسيطرة
ويتحرك ملك البحرين في جميع الاتجاهات لتوسيع نفوذ وتمكين نجله الذي تولى رئاسة الوزراء في يوم وفاة الأمير خليفة.
ويصر الملك على استبعاد غالبية الوزراء المقربين من الأمير الراحل رئيس مجلس الوزراء السابق.
والذين لازموه في تشكيلاته الحكومية المتعاقبة على مدار 49 عاما.
وفي 25 فبراير الماضي، وعد ولي العهد الجديد في أول مقابلة له مع صحف محلية بـ”تشكيل وزاري قادم”. من دون أن يحدد موعدا واضحا.
وقال إنه يتطلع إلى أن تكون تركيبة مجلس الوزراء مبنية على أسس الكفاءة، وتمثل مختلف الفئات العمرية.
حصر القوة والثروة
وفُهم من هذا الإعلان، بحسب مراقبين، أن ولي العهد يسعى بهذا التعديل إلى إسدال الستار على حقبة خليفة بن سلمان وحاشيته.
وفي مقابل صعود دولة رئيس الوزراء الجديد بشخصيات تحصر القوة والثروة في يد أصغر دائرة ممكنة، مع الاقتراب أكثر من أبو ظبي.
والأسبوع الماضي، رصد تقرير حقوقي مطول خفايا وأسرار ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خلفية، ابتداء من 10 نوفمبر.
واستعرض التقرير ما وصفه بـ“الوجه الخفي” للنجل الأكبر لملك البحرين وثاني رئيس وزراء في البحرين فقط منذ استقلال البلاد عام 1971.
وتضمن التقرير المسرب من منظمات حقوقية حقائق عن رجل البحرين الذي تولى العديد من المناصب.
“سلمان بن حمد آل خليفة وجه الفساد لا الإصلاح”.. استهل التقرير الحقوقي “بروفايل” ولي عهد البحرين ضمن سياق كشفه لحقيقة هذا الرجل.
مكاسب على حساب الدولة
قدم ولي العهد نفسه كـ”رجل إصلاحات” لكنه بالمقابل كان يستأثر بالسلطات ويعزز صلاحياته لتحقيق مكاسب شخصية، على حساب موارد الدولة.
وتوقف التقرير في مسألة طمر الجزر التي ساهمت وفق خبراء دوليين في تدمير الثروة السمكية. وجعلت البحرين بعدما كانت مصدرة للسمك تستورد حاجياتها.
وشدد تقرير الخبراء على أن ولي العهد ساهم في هذه الأزمة لتحويله ملكيات عامة لمصلحته الشخصية.
حيث إن عدداً من الجزر في البحرين كجزيرة أم النعسان والمحمدية تحوّلت إلى أملاك خاصة ومطارات.
وبالتالي منعت الدولة صياديها من ممارسة الصيد من أجل استثمارات يستفيد منها أصحاب النفوذ في المملكة كسلمان بن حمد.
إضافة إلى “أن نجل الملك سلمان بن حمد، ضمّ الجزر الاصطناعية التي شيّدت عليها الفنادق والمطاعم الفخمة.
أهمها وأكبرها جزر “أمواج” وجزيرة “درة البحرين” وجزر “ديار المحرق” وجزر “مارينا وست” إلى أملاكه الخاصة.
يضاف إليها مشروعا “الرفاع فيوز” وحلبة البحرين الدولية، التي استأجرت أراضي الدولة بدينار بحريني واحد في السنة!.
كوارث على المجتمع
الفساد الذي يلف حلقة ولي العهد، بحسب التقرير، أدى إلى فشل رؤيته 2030، التي أطلقها تحت مسمى النهوض بالبحرين إقتصادياً وتنموياً.
إلا أنها تسببت وفق عدد من الخبراء بكوارث على أفراد المجتمع.
وفي 10 فبراير عام 2015 وفي تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية أعلنت 55 وسيلة إعلامية كبرى عن البيانات الموجودة في ذاكرة التخزين المؤقت الضخمة.
وذلك لملفات الحسابات المصرفية السرية المسربة من الذراع المصرفية السويسرية لبنك HSBC.
وأدت هذه الاكتشافات إلى رفع الغطاء عن الممارسات المشكوك فيها في إحدى الشركات التابعة لإحدى أكبر المؤسسات المالية في العالم.
وكانت شخصيات بارزة من عملاء HSBC متورطة في هذه الملفات، ومنهم ملوك وأمراء ومسؤولون ومن بينهم ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة.
تكشف الملفات التي تم الحصول عليها من خلال تعاون دولي مع منافذ إخبارية أن HSBC كان بنكا شهيرا بين أفراد العائلة المالكة.
وكان من بين عملائه سلمان بن حمد نجل ملك البحرين والملك المغربي محمد السادس وعشرات من أفراد العائلة المالكة السعودية.
وأظهرت الملفات المسربة أن ولي العهد البحريني لديه 12 حسابا مصرفيا، باسم شركتين، كمساهم.
وبلغت قيمة الموجودات في حساباته حتى عام 2007 نحو 21 مليون دولار.