انتخابات تشريعية مرتقبة في البحرين من دون إعلام تعددي
قالت رابطة الصحافة البحرينية إنه في وقت تستعد فيه البحرين لإجراء انتخابات تشريعية سادسة مع نهاية العام الجاري، ما يزال أداء الإعلام التقليدي واحدة من الإشكالات الرئيسية في البلاد.
وبحسب الرابطة تفتقد البحرين إلى إعلام يُسمح فيه إلى جميع الأطياف بالمشاركة في النقاشات العامة، ويُسمح فيه للأفراد والجماعات السياسية بعرض رؤاها الانتخابية بغض النظر عما تحمله من أفكار لتطوير الواقع الديمقراطي أو تجويد أداء السلطة التنفيذية.
ويمكن القول إن عملية الانتخابات الشفافة والنزيهة لا تقتصر على سرية الاقتراع وحرية الأفراد في التصويت، بل بالوصول للمعلومات واتاحة الفرصة للجميع للتعبير عن آرائهم وعرض برامجهم الانتخابية والتصريح بمواقفهم السياسية مهما كانت طبيعتها.
وتعتقد رابطة الصحافة البحرينية أن إعلاما تعددياً يستوعب جميع الاتجاهات يمكن أن يلعب دورا بارزا في دفع المشاركة الشعبية إلى الأمام والمساهمة في تعزيز العملية الديمقراطية في البلاد.
ولا تلوح في الأفق أية بوادر لتطوير واقع الإعلام في البحرين في ظل غياب قانون عصري للصحافة والإعلام، وسيطرة الحكومة على كل الوسائل الإعلامية.
وعلى الرغم من مناقشة السلطة التشريعية مشروعات متعددة لإصدار قانون للمرئي والمسموع إلا أن أياً من تلك النقاشات لم يسفر عن إصدار قانون بهذا الشأن، لتبقى هيئة الإذاعة والتلفزيون المالك الوحيد لحقوق البث الإذاعي والتلفزيوني في البحرين.
وتتحكم الهيئة في المحتوى الإعلامي، ولا تعكس برامجها بشكل عام والبرامج المتعلقة بالانتخابات حقيقة المناقشات العامة في البلاد.
ويقوم معدو الهيئة عادة بإعداد تقارير تلفزيونية وإذاعية عن الانتخابات تركز في مجملها على دعم أوسع مشاركة في عملية الاقتراع، وتعديد ما تصفه بالإنجازات التي حققتها المجالس التشريعية والسلطة التنفيذية.
وتقوم الهيئة ببث برامج حوارية حول الانتخابات، تستضيف من خلالها صحفيين ومعلقين قريبين من وجهة النظر الرسمية، ولا تعطي مساحة لأصحاب الآراء المعارضة للإدلاء بآرائهم في العملية الانتخابية أو الواقع السياسي.
وأكدت الرابطة أن الإذاعة والتلفزيون هيئات عامة يجب أن تمثل جميع الأطياف، وتدعو إلى إنهاء هذا الواقع بالسماح إلى جميع الأطياف في البلاد بالظهور على شاشة التلفزيون والمشاركة في البرامج الإذاعية.
الصحافة المحلية
مع إغلاق صحيفة الوسط المعارضة (4 يونيو/ حزيران 2017) أصبحت الصحافة في البلاد حكرا على الحكومة ومؤيديها، الأمر الذي يجعل من فرص تمثيل أي رأي معارض/منتقد للعملية الانتخابية أو جزءٍ منها معدومة.
وعادة ما تخصص الصحف المحلية مساحات واسعة من صفحاتها لنشر البيانات الرسمية للجنة العليا للإشراف على سلامة الانتخابات، والتقارير التي تقوم بإعدادها وكالة أنباء البحرين الرسمية (بنا) بشأن الانتخابات التشريعية والبلدية.
كما تقوم الصحف المحلية بإعداد خارطة للمترشحين للانتخابات في كل الدوائر الانتخابية. وعادة ما تقوم بنشر بيانات صحافية للمترشحين بمقابل مادي أحيانا.
ولا تنشر الصحف المحلية برامج الجمعيات السياسية حتى الموالية للحكومة منها، وتقوم في الغالب بإفراد مساحات للمترشحين المستقلين.
وصحيح أن الصحف تقوم باستضافة حواريات وندوات بشأن الانتخابات، إلا أن طاولات الحوار تلك لا يُدعى لها شخصيات معارضة للحكومة للتعبير عن آرائها السياسية.
أما على مستوى الآراء الصحافية، فإن النافذة مفتوحة أمام الكتاب الصحافيين لانتقاد أداء السلطة التشريعية في الملفات الخدمية مثل الإسكان والتعليم والصحة.
كما يوجد هامش واسع لانتقاد المترشحين للانتخابات وبرامجهم الانتخابية، إضافة إلى تشجيع الناخبين للإدلاء بأصواتهم.
وفي الوقت الذي تجدد فيه الرابطة دعوتها لإلغاء قرار تجميد عمل صحيفة الوسط، تدعو الصحف المحلية إلى إعطاء التنظيمات السياسية مساحة للتعبير عن برامجها الانتخابية أو آرائها بشأن سير العملية الانتخابية.
جدلية المشاركة والمقاطعة
تعتبر جدلية المقاطعة والمشاركة في الانتخابات النيابية في البحرين واحدة من الجدليات الرئيسية التي تشغل الشارع البحريني، بيد أنها لا تجد مساحة في الإعلام إلا من خلال الهجوم على مقاطعي الانتخابات.
وقاطعت جماعات المعارضة الرئيسية في البلاد الانتخابات التشريعية الأولى العام 2002 قبل أن تعود للمشاركة في الانتخابات التشريعية الثانية 2006 والثالثة 2010.
وبعد انسحابها من المجلس النيابي العام 2011 احتجاجا على التعامل العنيف من قبل قوات الأمن مع احتجاجات طالبت بالديمقراطية، لم تعد جماعات المعارضة للمشاركة في جميع الانتخابات التي تلتها كما سنت الحكومة قانوناً يمنع أعضاء الجمعيات السياسية من ممارسة حقوقهم السياسية.
ولا يعطي التلفزيون الرسمي للمعارضين أي هامش ولو بسيط للتعبير عن الأسباب التي تدفعهم لمقاطعة الانتخابات أو حتى انتقاد القانون المعروف بقانون العزل السياسي.
وعلى النقيض من ذلك، يفرد التلفزيون والصحف المحلية مساحات واسعة للموقف المؤيد للمشاركة في الانتخابات.
ويتجاوز الأمر ذلك لحد السماح بنشر آراء ذات نبرة عنيفة ضد المقاطعين تصل لحد تخوينهم وتشجيع اتخاذ إجراءات عقابية بحقهم.
ونشرت صحف محلية بالتزامن مع عملية الاقتراع العام 2018 تصريحات لرئيس مجلس النواب السابق أحمد الملا، يؤيد فيها ما وصفه بـ “توجهات حكومية لمحاسبة المواطنين الذين لا يشاركون في الانتخابات، وتعطيل طلباتهم الإسكانية”.
ومع التضييق على المعارضين يلجأ الكثير منهم للتعبير عن آرائهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن الجهات الأمنية تقوم بمراقبة المحتوى على تلك المنصات وتتخذ إجراءات قانونية بحق كل من يدعو للمقاطعة.
وأصدرت محكمة بحرينية (يناير 2019) حكما على النائب المعارض السابق علي العشيري بالحبس لمدة شهر، على خلفية إرساله تغريدة عبر منصة تويتر قال فيها “ما زال البعض يسأل هل ستصوّت في الانتخابات؟ وكأنهم لا يعيشون ولا يتابعون الوضع السياسي المتأزم في البحرين، أنا مواطن بحريني محروم من حقوقي السياسية والمدنية، لذلك أنا وعائلتي سوف نقاطع الانتخابات النيابة والبلدية ولا لقانون العزل السياسي”.
وفيما أكدت الرابطة أنها لا تتبنى أيا من المواقف بشأن الانتخابات التشريعية في البحرين، فإنها عبّرت عن أملها في أن تستوعب وسائل الإعلام البحرينية جميع الآراء السياسية وأن تكف إدارة الجرائم الالكترونية يدها عن نشطاء المجتمع المدني الذين يلجؤون إلى منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن آراءهم.