حرمان من العلاج والدواء.. سجون البحرين تتحول إلى مقابر لمعتقلي الرأي
في ظل واقع من الحرمان من العلاج والدواء فضلا عن التعذيب وسوء المعاملة، فإن سجون البحرين تحولت إلى مقابر لمعتقلي الرأي بفعل قمع واستبداد النظام الخليفي الحاكم في البلاد.
وقالت حركة أحرار البحرين الإسلامية المعارضة إن وفاة الشاب حسين خليل إبراهيم الرمرام جاء ليثير مشاعر الوطن والشعب وليسلط الضوء على قضايا الوطن وسياسات الحكم والصراع لتحديد مآلات الصراع القائم بين شعب البحرين والعصابة الخليفية.
وأبرزت الحركة في بيان اطلع عليه “بحريني ليكس”، أن الرمرام كان يطالب بالعلاج منذ شهور، وتكشف رسالته الصوتية لأهله قبل أسابيع عمق شعوره بالمرض وحاجته للعلاج.
وقد خاطب الرمرام مسؤولي السجن مرارا ولكن بدون جدوى، بل تركوه حتى اختاره الله إلى جواره فارتفعت روحه الطاهرة في الساعات الأولى من صباح يوم الأثنين الماضي.
فكان وقع ذلك الحدث على عائلته صاعقا لأنها لم تتوقع أن تكون بشاعة الحكم بهذا المستوى. فقد قضى الشهيد في السجن قرابة الأعوام السبعة منذ اعتقاله في مايو 2017 بسبب نشاطه ضمن حركة الشعب الإصلاحية.
وقد اقتيد كما اقتيد المئات من البحرانيين بأيدي الجلاوزة والسفاحين، وقلبه مطمئن بالإيمان وبما يمليه عليه ذلك الإيمان من شعور بالمسؤولية وضرورة أداء الوجوب والعمل من أجل الإصلاح.
قضاة الطغمة الحاكمة لم تتردد عن إصدار حكم جائر بسجنه خمسة عشر عاما ظلما وعدوانا، استقبلها الشاب آنذاك بالتسليم من جهة والإصرار على مواصلة الطريق من جهة أخرى.
وقد كان يعلم أن مصير أمثاله الشهادة، وهي ما وطّنوا أنفسهم ليس للقبول به فحسب، بل عملوا ليتسلقوا في سلم الكمال حتى يستحقوها. لقد كان على وعي بواقع الوضع السياسي في البلاد في ظل الحكم الخليفي الجائر، الجاثم على صدور الآدميين كالجبل.
ولم يتردد لحظة عن أداء واجبه الديني والوطني، هادفا لرفع الظلامة عن ضحايا القمع الخليفي الذي لم يتوقف يوما منذ أن دنست أقدامهم أرض أوال الطاهرة.
وقد أدرك حسين الرمرام منذ نعومة أظفاره طبيعة الصراع في البلد، وشهد وهو طفل صغير حوادث الانتفاضة التسعينية المباركة، وعرف عددا من شهداء قريته مثل حميد قاسم ونضال النشابة وفاضل العبيدي وآخرين كانوا سائرين على درب أسلافهم ومنهم شهداء بدر وشهداء ا لطف بالإضافة لشهداء البحرين.
واستوعب حقيقة جوهرية ثابتة: أن طريق النضال طويل وأن العدو متوحش، وأن التضحيات جسيمة، وكذلك فإن طريق الحرّيّة وعرٌ لا يطيق سلوكه ذوو النفوس الضعيفة والمتهالكون على الدنيا ومن زيّن لهم الشيطان أعمالهم فضلّهم عن السبيل.
فانخرط في معركة الشرف والكرامة راضيا غير مكره، وواعيا غير مضلّل. فكان نصيبه الاعتقال والتعذيب، ولما عجز جسده عن تطلّعات روحه حُرم من العلاج والدواء.
مع ذلك لم تضعف إرادته ولم تهن، فاستمر حتى وصل نهاية الطريق الدنيوي. عندها بدأ الصعود إلى عالم الخلود ليكون قريبا من الحضرة الإلهية التي يرقى إليها الصدّيقون والشهداء. وها هو الآن قد حقق أمنيته وصار مع الخالدين.
وقالت الحركة إن رحيل الشهيد حسين الرمرام لن يكون نهاية المطاف لشعب ملتزم بإيمانه، مصمم على الحرّيّة والكرامة، طامع في ما عند الله من نعيم خالد.
فهذا الشعب لم يعقم قط منذ أن قرّر خوض تلك المعركة التي شهدها الآلاف من الأحرار، واستشهد فيها المئات، فأصبحت قبورهم معالم جليّة لمن يبحث عن الحق والعدل والحرّيّة والكرامة.
فالطريق الذي شيّده الشهداء بدمائهم أصبح يستقطب المزيد من الأحرار ا لذين يتلهّفون للعمل والعطاء والنضال، ويرفضون مبارحة الميادين، ويستسخفون تهديدات الطاغية ويهزأون بجنوده وأذنابه.
وأشارت إلى الحركة إلى تواصل التظاهرات والاحتجاجات والوقفات بمشاركة الرجال والنساء والشباب في البحرين وما أكثر عناوينها.
فهي تارة من أجل الحقوق السياسية وإنهاء الاستبداد الخليفي المقيت، وثانية للمطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين، وثالثة لنصرة غزّة ورابعة ضد الهيمنة الاستعمارية والصلف الغربي ضد شعوبنا العربية والإسلامية المقهورة، وخامسة لرفع قضايا معيشية عديدة.
وبرغم ما قيل فقد فجع الشعب باستشهاد حسين الرمرام، فكل شهيد يترك وراءه فراغا كبيرا. وما أكثر الذين استشهدوا في السجن أو بسببه.
هذا ما يسجله تاريخ نضال الشعب البحرين، وما أكثر قائمة هؤلاء التي تضم حوالي 48 بطلا منذ العام 2011، ومن بينهم حسين برطات وعباس مال الله وسواهما. وقد سبقهم آخرون منذ أكثر من أربعة عقود.
فقد استشهد كريم الحبشي في مايو 1980 بعد أسبوعين من الإفراج عنه من سجن العدو. وبعده بقليل استشهد الشيخ جمال العصفور بعد أيام من إطلاق سراحه، وفي جميع هذه الحالات كان الإفراج عن السجين لسبب واضح: أنه يقترب من الموت وأن الأفضل أن يموت بين أهله لكي لا يُتهم الخليفيون بقتله في السجن.
فما أشبه الليلة بالبارحة. هذه المرّة أصبح واضحا أنه كان بالإمكان علاج الشهيد حسين الرمرام بشكل مناسب، إذ لم يكن وضعه الصحي خطيرا بل كان بحاجة لعناية مناسبة طالب بها مرارا بدون جدوى، وآخرها قبل بضعة أسابيع.
فماذا يعني رفض الخليفيين علاجه؟ لقد ارتكبوا بحقه جريمة ضد الإنسانية لأنهم حرموه من العلاج والدواء عمدا ولم يستجيبوا لطلبه المذكور.
ولطالما تكررت هذه الجريمة، وها هم المعتقلون السياسيون يضربون عن الطعام احتجاجا على عدم توفير العلاج والدواء.