سياسي بحريني يبرز تكريس سيادة المنهج الأمني في ملف المعتقلين السياسيين
سرد سياسي بحريني موجزا للحالة السياسية بعد 10 سنوات من بدء الأزمة في البحرين، مشيرا إلى أنها لازالت تراوح مكانها.
وقال السياسي يوسف ربيع، إن الحكومة لم تستطع أن تبعث برسائل إيجابية لإحداث انفراجة ما، وبالأخصّ في ملفّ السجناء السياسيين الضاغط على الأهالي والحكومة في آن واحد.
وعرّج على حادثة وفاة السجين السياسي عباس مال الله في سجن جو المركزي يوم الثلاثاء، لافتا إلى أنها أحدثت صدمة كبيرة في البحرين.
وتَعرّض الضحية، بحسب مزاعم وزارة الداخلية، لـ”نوبة قلبية” أدّت إلى وفاة طبيعية.
في حين اتّهمت جمعية “الوفاق” المعارِضة إدارة السجن بالتقاعُس والإهمال في نقله إلى المستشفى.
و”مال الله” مصاب سابق بطلقة من سلاح «الشوزن» المُحرَّم دولياً، وهو ما يعني بقاء شظايا صغيرة في جسمه طوال حياته لا يمكن إزالتها.
تركة ثقيلة
ونبه ربيع في مقال تابعه “بحريني ليكس”، إلى أن “مال الله” يعد أوّل ضحية سياسية في عهد ولي العهد، رئيس الوزراء سلمان بن حمد.
منذ تعيينه في منصبه في تشرين الثاني نوفمبر 2020، خلفا لعمه خليفة بن سلمان، الذي مكث في منصبه لـ49 عاما.
وقال ربيع إن هذه الجريمة ستلقي بظلالها على عهد رئيس الوزراء الجديد. الذي وَرِث تركة ثقيلة من الأزمات السياسية والانتهاكات الممتدّة في مجال حقوق الإنسان.
وانتقد التبريرات التي قَدّمتها السلطات بشأن وفاة “مال الله”.
إذ شدد على أنها لم تكن مقنعة ولا مقبولة لدى أهالي السجناء، أو منظّمات حقوق الإنسان، فضلاً عن المعارضة السياسية.
مسؤولية سياسية وقانونية
وقال: لا يستقيم أن تتبرّأ السلطات الحاكمة من الاتّهام، فهي تتحمّل المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية.
“بوصفها الجهة التي اعتقلته وسلَبت حريته في ظلّ هذه الظروف الصحّية الحرجة”.
وتَبيّن بالمتابعة أيضاً، بحسب ربيع، أن الحكومة تُراوغ في تطبيق الحلول التي استحضرتها من الخارج، وبالتحديد «قانون العقوبات والتدابير البديلة.
ونبه إلى أن هذا القانون لم يُغيّر في واقع السجون شيئاً منذ تاريخ إقراره من قِبَل ملك البحرين في تموز يوليو عام 2017.
سيادة المنهج الأمني
وتابع: “من هنا، أضحى ملفّ السجناء محرِجاً للسلطات -وإن قالت إنهم «جنائيون» وليسوا سجناء رأي-، إذ إنه ينمّ عن سيادة المنهج الأمني في التعامُل السياسي وتحكُّمه في صيرورة الأحداث”.
وأفاد بأن البحرين هي الأولى خليجياً في عدد السجناء السياسيين قياساً إلى عدد سكّانها ورقعتها الجغرافية.
حيث تُقدِّر المعارضة أعدادهم بما بين ألفين وثلاثة آلاف، يتوزّعون على 4 سجون هي:
جو، الحوض الجاف، القرين العسكري، وسجن مدينة عيسى المُخصَّص للنساء.
ونبه ربيع إلى أن تلك السجون لا تتمتّع بالرعاية الصحّية اللازمة، التي من بين وجوه انعدامها الحرمان من الحصول على العلاج.
وهو ما يتهدّد حياة هؤلاء السجناء الذين تُطلق عليهم السلطات «النزلاء»، خصوصاً في زمن «كورونا» حيث تجاوز عدّاد المصابين 77 مصاباً.
بين المطرقة والسندان
وتَصِف جهات مراقِبة حال السجناء السياسيين بأنهم في محنة، بين مطرقة الانتقام السياسي والعقاب الجماعي من قِبَل النظام والتي قد تفضي إلى الموت.
وسندان تفشّي «كورونا»، وهو موت ماثل يلاحق كبار السن وذوي الأمراض، كما يقول ربيع.
ولاحظ أيضا أن الحكومة تتهرّب من تطبيق توصيات «تقرير بسيوني» الشهير الذي صدر في 23 شباط/ فبراير 2011.
ونصّ بشكل صريح على قيام حكومة البحرين «بإعداد برنامج للمصالحة الوطنية يتناول مظالم المجموعات.
التي تعتقد أنها تعاني من الحرمان من المساواة في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية».
وبعيداً عن «التناوُل الطائفي»، أشار ربيع، إلى أن كلّ السجناء السياسيين في البحرين الآن هم من الطائفة الشيعية.
وهذا يكشف من وجهة نظره “عن أزمة في سياق الثقة بين النظام وهؤلاء المواطنين الذين يُشكّلون أغلبية 60٪ من السكّان.
على رغم تأثيرات التجنيس السياسي الذي يستهدف التغيير الديموغرافي في التركيبة السكانية للبلاد”، كما يقول ربيع.
وختم قائلا: “ينبغي فهْم مطالب الحرمان الذين يعاني منه أفراد هذا المكوّن الاجتماعي الواسع في البحرين.
وهي في الأساس مظالم تتلخّص في التجهيل السياسي والعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة”.