ميدل إيست آي: البحرين تحولت إلى دولة بوليسية بعد 10 سنوات على الانتفاضة
تحدث الكاتب الصحفي أليكس ماكدونالد، باستفاضة، عما أسماها الأعوام العشرة التي تلت اهتزاز البحرين على وقع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية.
وقال ماكدونالد، في تقرير موسع نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني إن السلطات البحرينية سحقت بشكل وحشي كل الأصوات المعارضة.
“بينما القوى العالمية كانت في معظمها تكتفي بالمشاهدة ولا تحرك ساكنا”.
وذكّر في التقرير الذي نشر الأحد، بكتاب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما الذي نشر مؤخرا بعنوان “الأرض الموعودة”.
وتطرق فيه إلى فترة حكمه، التي كان خلالها العالم العربي يشهد موجة ما عرف بثورات الربيع العربي.
إصلاحات ديمقراطية
وقال الكاتب إن أوباما ناقش في هذا الكتاب مساعيه لتسهيل نجاح الثورات في مصر وليبيا وسوريا واليمن.
لكن الأمر كان مغايرا مع مملكة البحرين، إذ لم يعبر بشكل واضح عن الموقف الأميركي.
وأضاف أن تاريخ 14 فبراير/شباط كان “يوم الغضب” الذي انطلقت فيه مظاهرات ضخمة في أنحاء البلاد.
وقد شهد تظاهر عشرات الآلاف من البحرينيين للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية، ووضع حد للتمييز ضد الأغلبية المسلمة الشيعية.
واليوم، كما يقول الكاتب “يبدو أن الشخصيات التي قادت تلك المظاهرات تقبع في السجن أو تم إسكاتها أو نفيها أو فارقت الحياة.
وهذا البلد الذي كان ينظر إليه في يوم ما على أنه ربما يكون الأكثر ليبرالية وتعددية في الخليج، يوصف الآن من قبل النشطاء بأنه دولة بوليسية”.
وأعد معهد البحرين للحقوق والديمقراطية تقريرا جديدا تزامنا مع الذكرى العاشرة للانتفاضة، جاء فيه أنه منذ 2011 صدرت أحكام بالإعدام ضد ما لا يقل عن 51 شخصا.
ويعتقد أيضا أن هنالك 4 آلاف سجين سياسي بهذا البلد الذي امتلأ بالسجون وانتشرت فيه أعمال التعذيب بشكل كبير.
كما تبدو أوضاع نشطاء الديمقراطية محبطة جدا، رغم أن المشاكل التي أدت لاندلاع الانتفاضة في الأصل لم تنته، ومشاعر الغضب الصامتة بدأت تتزايد.
وأوضح الكاتب أنه عندما انطلقت حملة القمع، كانت في غاية القسوة.
وبحسب بعض التقديرات فإن حوالي 100 ألف شخص تجمعوا في دوار اللؤلؤة بحلول يوم 23 فبراير/شباط 2011، أي حوالي سدس سكان البلاد.
ليكون هذا التجمع أكبر مظاهرة في عواصم الربيع العربي نسبة إلى عدد السكان الإجمالي.
ولكن في ظل عجز الأجهزة الأمنية البحرينية عن احتواء المظاهرات (يقول الكاتب) دخلت القوات الإماراتية والسعودية البلاد يوم 14 مارس/آذار.
وخلال أيام قليلة نجحت في إخلاء الدوار، بكلفة باهظة تمثلت في سقوط 5 قتلى والمئات من الجرحى والمعتقلين.
وتلت ذلك حملة قمعية لا تزال متواصلة بلا هوادة حتى يومنا هذا.
محاكمات جماعية
وبحسب تقرير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، فإن المحاكمات الجماعية باتت شائعة في هذه المملكة، حيث صدر حكم جماعي بحق 167 شخصا في يوم واحد خلال فبراير/شباط 2019.
كما أن المئات من النشطاء تعرضوا للتجريد من الجنسية. وعام 2020 فقط أيدت محكمة الاستئناف الجنائية العليا 10 أحكام إعدام، منها 4 صدرت على خلفية تهم متعلقة بالاضطراب السياسي.
ويضيف الكاتب أن البحرين شهدت إثر حملة القمع اختفاء تاما للتعددية السياسية المحدودة التي كانت قائمة.
إذ إن علي سلمان (زعيم جمعية الوفاق) تم اعتقاله في ديسمبر/كانون الأول 2014 ثم صدر بحقه حكم بالسجن مدى الحياة.
أما المنظمة التي يقودها وكانت السلطة الملكية في السابق تتسامح معها، فقد تم حلها بشكل رسمي عام 2016.
كما أن إبراهيم شريف -الذي برز اسمه كواحد من أبرز النشطاء الديمقراطيين من غير الشيعة- فقد اعتقل أيضا وقضى 5 أعوام في السجن.
وجمعية “وعد” تم حظرها عام 2017 بذريعة الارتباط بالإرهاب.
صورة إصلاحية
وأشار الكاتب إلى أنه في محاولة لتهدئة المتظاهرين وتقديم صورة إصلاحية للمتابعين بالخارج، فقد تم إنشاء اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، بقرار من الملك في يونيو/حزيران 2011.
ولكن بعد مرور 10 أعوام لا يرى أغلب النشطاء أن هنالك إصلاحات حقيقية تم تنفيذها.
ويعتقدون أن تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق كان مجرد محاولة لتمكين الحكومة من الحفاظ على علاقة ودية مع الدول الحليفة.
وقد بذلت بريطانيا جهودا أكثر من أي بلد آخر لحماية سمعة البحرين في العالم.
ففي ديسمبر/كانون الأول 2014 أعلنت لندن عن إنشاء قاعدة بحرية دائمة في البحرين في ميناء سلمان، وتم افتتاحها عام 2018.
وكان فيليب هاموند وزير الخارجية البريطاني حينها قد وصف تلك الخطوة بأنها لحظة فارقة في التزام بلاده تجاه المنطقة.
وفي نفس ذلك الشهر، تم اعتقال زعيم جمعية الوفاق، في خطوة اعتبرتها منظمة العفو الدولية انتكاسة لحرية التعبير.
وقال الكاتب إنه رغم عدم قيام أوباما بخطوات عملية تذكر لتحميل الحكومة البحرينية المسؤولية عن قمع الحركة المطالبة بالديمقراطية، فإن المناخ السياسي في عهد خلفه دونالد ترامب بلغ مستويات جديدة من التدهور.
فحتى القيود المحدودة المفروضة على بيع الأسلحة للبحرين في ظل إدارة أوباما، تم رفعها بعد ذلك.
وفي مايو/أيار 2017 وعد ترامب بإعادة إطلاق العلاقات بين واشنطن والمنامة، ورتب بعد ذلك لتوقيع اتفاق تطبيع العلاقات بين المنامة وتل أبيب.
في خطوة أدت لاندلاع مظاهرات في البحرين.