Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مؤامرات وتحالفات

تحالفات النظام الخليفي تضع البحرين في فوهة التطورات الإقليمية

في خضمّ التصعيد المتسارع بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية في إيران، تجد البحرين نفسها في موقع بالغ الحساسية، لا تحسد عليه وتهددها بالتواجد في فوهة التطورات الإقليمية، نتيجة تحالفات فرضها النظام الخليفي على البلاد خلافًا لإرادة شعبها.

فالمنامة اليوم لا تتحرك من منطلق سيادي، بل كحلقة ضعيفة في محور مرتهن للولايات المتحدة وتابع بشكل علني للكيان الإسرائيلي، وهو ما يكشفه بوضوح التخبّط في تصريحاتها الأخيرة حول الحرب الإسرائيلية على إيران.

رغم أنّ النظام الخليفي كان من أوائل المطبعين مع الاحتلال الإسرائيلي ضمن “اتفاقيات إبراهام” عام 2020، ورغم ما قدّمه من تسهيلات غير مسبوقة للوجود الأمني والاقتصادي الصهيوني في البلاد، فقد اضطرّ مؤخرًا إلى إصدار موقف حذر من العدوان الإسرائيلي على إيران، واصفًا الهجوم بـ”التصعيد الخطير” الذي يهدد الأمن الإقليمي.

لكن خلف هذا الموقف الخجول تكمن حسابات داخلية وخارجية معقّدة. فالنظام محاصر بين ثلاث جبهات: علاقته التحالفية مع تل أبيب، واحتضانه قاعدة أمريكية ضخمة، وقربه الجغرافي الشديد من إيران. هذه التركيبة تضعه مباشرة في مرمى النيران إذا ما تطور النزاع إلى مواجهة مفتوحة في الخليج.

ازدواجية الخطاب وتناقض المصالح

لم تخلُ إدانة المنامة للعدوان من غموض لافت. فرغم التحذير من “انعكاسات خطيرة على الأمن والاستقرار”، لم تُشر وزارة الخارجية البحرينية صراحة إلى حق إيران في الرد والدفاع، ما اعتُبر بمثابة تبرير ضمني للعدوان، ومحاولة مكشوفة للجمع بين إرضاء واشنطن وتل أبيب من جهة، وتهدئة طهران الغاضبة من جهة أخرى.

المفارقة الأكبر أنّ البحرين، التي تمنع شعبها من التعبير عن التضامن مع إيران، بادرت إلى تهديد واعتقال نشطاء حاولوا تنظيم وقفات احتجاجية أو نشر مواقف على وسائل التواصل تدين العدوان الإسرائيلي. وبلغ الأمر استدعاء مواطنين والتحقيق معهم لمجرّد رفعهم شعارات مناهضة للاحتلال أو داعمة لحق طهران في الدفاع عن سيادتها.

هذه السلوكيات تشير إلى الخوف المتنامي لدى النظام الخليفي من أي حراك شعبي يخرج عن السيطرة، خاصة في بيئة داخلية مشحونة بالرفض المتراكم للتطبيع والوجود العسكري الأمريكي.

تبعية كاملة لواشنطن

كشفت الأزمة الحالية كذلك حدود التبعية البحرينية لواشنطن. فبمجرد تصاعد التوتر، أصدرت السفارة الأمريكية في المنامة تحذيرًا لرعاياها بضرورة مغادرة البلاد، وهو ما حدث أيضًا في الكويت والعراق.

هذا التحذير كان بمثابة إقرار أمريكي بخطورة ما ينتظر المنطقة، لكنه أيضًا أحرج النظام الخليفي الذي بدا عاجزًا عن طمأنة حتى الحليف الأمريكي بسلامة أفراده على أراضيه.

الخارجية الإيرانية، من جانبها، لم تُخفِ تحميل الولايات المتحدة المسؤولية الكاملة عن العدوان الإسرائيلي، مؤكدة أن أي استهداف لمصالح طهران سيقابله رد حاسم يشمل القواعد الأمريكية في المنطقة، في تلميح واضح إلى البحرين كأحد الأهداف المحتملة.

النظام في مواجهة إرادة شعبه

وسط هذا المشهد المعقد، يبقى صوت الشارع البحريني ثابتًا ومتماسكًا: لا للتطبيع، لا للهيمنة الأمريكية، نعم للتضامن مع قضايا الأمة، وعلى رأسها فلسطين وإيران.

هذا الصوت لا يجد له أي صدى في مواقف النظام، الذي يواصل القمع والإنكار، ويسعى إلى الحفاظ على توازن هش بين أطراف متصارعة من خلال تصريحات دبلوماسية لا تستند إلى سيادة وطنية حقيقية.

التناقض الصارخ بين ما يريده الشعب وما يفرضه النظام هو جوهر الأزمة البحرينية اليوم. وبين مطرقة التطبيع مع العدو الصهيوني وسندان الخضوع لإملاءات واشنطن، تجد المنامة نفسها في مأزق خانق لا تملك أدوات الخروج منه، سوى الانصياع للأقوى، حتى لو كان ذلك على حساب أمن البلاد واستقرارها.

وما يعيشه النظام الخليفي اليوم ليس مجرد أزمة دبلوماسية، بل انعكاس لانعدام الرؤية السيادية وارتهانه الكامل لمحاور إقليمية معادية لمصالح شعوب المنطقة. في زمن التحولات الكبرى، قد تكون البحرين الصغيرة ساحة لتصفية الحسابات الكبرى، ما لم يعد الشعب إلى واجهة القرار، وتُعاد صياغة السياسة الخارجية على أساس الاستقلال لا التبعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر + اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى