البحرين: تاريخ مُلاحق وأفق مسدود لإطلاق الحريات وحماية الحقوق
بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 2024؛ أطلقت رابطة الصحافة البحرينية تقريرها السنوي الرابع عشر تحت عنوان: “البحرين 2023: تاريخ مُلاحق وأفق مسدود”.
ووثقت رابطة الصحافة البحرينية نحو 53 انتهاكاً بحق الصحافيين والإعلاميين ونشطاء المجتمع المدني في البحرين خلال العام 2023.
ويصل بذلك مجموع الحالات الموثقة منذ اندلاع احتجاجات فبراير 2011 لغاية ديسمبر 2023 إلى نحو 1864 انتهاكاً للحريات الإعلامية وحق الرأي والتعبير.
وتأتي تسمية التقرير السنوي لهذا العام بعنوان: “البحرين 2023: تاريخ مُلاحق وأفق مسدود” كمحاولة لتوصيف سياسة الحكومة المتطرفة تجاه الكتابات والمنشورات التي تتعلق بتاريخ البحرين بما يشمل مصادرة الكتب ومنع تداولها واستهداف الباحثين والأكاديميين المشتغلين في هذا الحقل.
ويأتي ذلك بالتزامن مع أفق الإصلاح الذي لا يزال مسدودًا جراء حزمة القوانين والإجراءات والمحاكمات القامعة لحرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير.
ومن أهم المؤشرات التي رصدتها رابطة الصحافة البحرينية خلال هذا العام هو التشدد الملحوظ من جانب السلطات في القضايا المتعلقة بكتابة تاريخ البحرين.
وتمثل ذلك في منع كتاب المؤرخ ناصر الخيري “قلائد النحرين في تاريخ البحرين” بعد ما يزيد على العقدين من طباعته لأول مرة، وتزامن المنع مع تصريح رسمي يُحذر من “استخدام الكتاب كمرجع تاريخي”.
كما رشحت أنباء أيضاً عن منع جميع كتب الأكاديمي د. نادر كاظم، الأستاذ السابق بجامعة البحرين، من منصات بيع الكتب المحلية، وذلك ضمن عملية انتقامية قاسية ما تزال أسبابها مجهولة.
فضلاً عن إلقاء القبض على صاحب حساب وموقع “سنوات الجريش” المدوّن التاريخي جاسم حسين آل عباس بعد مشاركته في ندوة تطرّق فيها إلى موضوعات تاريخية تخالف السردية الحكومية لتاريخ البحرين.
وتوزعت الانتهاكات خلال هذا العام بحسب نوعيتها إلى 30 حالة استجواب واعتقال و12 إجراء قضائي و11 حالة إساءة معاملة وانتهاكات أخرى.
أبرز التهم التي وجهت للمتهمين خلال جلسات الاستجواب أو أدينوا بها في المحاكم كانت: بث مواد تتنافى مع مقتضيات السلم الأهلي”، نشر عبارات غير لائقة حول مؤسسة رسمية، إذاعة أخبار كاذبة في زمن الحرب، إهانة شخص موضع تمجيد لدى أهل ملة، والطعن في الثوابت الدينية والوطنية للمجتمع.
وفي المؤشرات أيضاً فقد سجلت رابطة الصحافة البحرينية عودة استخدام تهمة “إذاعة أخبار كاذبة في زمن الحرب” إثر إعلان البحرين مشاركتها في حلف بحري تحت قيادة الولايات المتحدة لحماية خط الملاحة في البحر الأحمر.
وقد وجهت هذه التهمة إلى المعارض البارز إبراهيم شريف إثر تغريدات ناقدة له في هذا الصدد وأوقف بموجبها أسبوعاً على ذمة التحقيق.
من المؤشرات المسجلة أيضاً تزايد القضايا المحالة إلى التحقيق أو النيابة العامة من قبل وزارات وهيئات الدولة. فقد أحالت وزارة التجارة أصحاب 6 حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى وزارة الداخلية.
كما اتخذت وزارة التربية والتعليم إجراءات قضائية أو إدارية ضد 4 أشخاص أو مؤسسات تعليمية.
تكشف المؤشرات المذكورة طبيعة الظروف الصعبة لممارسة النشاط الإعلامي في البحرين. إذ ما تزال المقاربة الأمنية المتشددة والقمعية هي الحاكمة في هذا المجال المهم.
وحتى مع تغير رأس الحكومة وتطعيمها بوجوه جديدة شابّة إلا أنّ ذلك لم يظهر له أي تأثير إيجابي بعد.
وعكست التقارير الدولية، بقوة، الوضع السلبي للحريات الإعلامية في البلاد حيث حلَّت البحرين في المرتبة الأخيرة بين دول الخليج للعام الثاني على التوالي في مؤشر مراسلون بلا حدود السنوي لـ”حرية الصحافة 2023″.
وصنّفت منظمة “فريدوم هاوس” البحرين في المرتبة 72 عالمياً ضمن “الدول غير الحرة” في حرية الإنترنت مشيرة إلى أنّ “العنف والتعذيب ضد الناشطين والصحافيين عبر الإنترنت أمر شائع في البحرين”.
ودعت رابطة الصحافة البحرينية حكومة البحرين إلى التخلي عن المقاربة الأمنية التي طبعت سلوكها، وما تزال، إزاء الصحفيين والمدونين وأصحاب الرأي منذ أزمة العام 2011.
وأكدت الرابطة أن هناك حاجة ملحّة لتبني سياسة حكومية جديدة أكثر انفتاحًا تجاه الصحافيين ونشطاء المجتمع المدني والنقد بصورة عامة.
كما حثت الرابطة الحكومة على إيقاف الاستجوابات والاعتقالات التعسفية المتكررة للمغردين والمدونين على شبكة الإنترنت.
وشددت الرابطة على أن الوقت قد حان لفتح الحريات الإعلامية والصحافية في البلاد وإعادة النظر في أولويات عمل الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني خاصّة ما يتعلق بصلاحيتها.
كما أكدت على ضرورة الإفراج الفوري دون قيد أو شرط عن جميع المصورين والإعلاميين ونشطاء المجتمع المدني المحتجزين بسبب مزاولتهم عملهم أو ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير. كما تجدد مطالبتها بإنهاء احتكار السلطة للإعلام التلفزيوني والإذاعي والمكتوب وفتح وسائل الإعلام للرأي الآخر المعارض.
وأدنت رابطة الصحافة البحرينية السلوك الممنهج والشائع الذي تنتهجه الحكومة بإستهداف الصحفيين والمدونين وأصحاب الرأي.
وطالبت الرابطة الأمم المتحدة والدول الصديقة للبحرين وكافة المنظمات والهيئات الدولية المعنية بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والإعلام للتدخل العاجل وممارسة الضغط على الحكومة البحرينية من أجل:
الإفراج الفوري دون قيد أو شرط عن جميع المصورين والإعلاميين ونشطاء المجتمع المدني المحتجزين بسبب مزاولتهم عملهم أو ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير.
تبني سياسة حكومية أكثر جدية وانفتاحًا تجاه حقوق الصحافيين ونشطاء المجتمع المدني في ممارسة حقوقهم الدستورية والقانونية في التعبير عن الرأي وممارسة حق النقد دون خوف أو استهداف.
إيقاف الملاحقات والاعتقالات التعسفية والمحاكمات القضائية بتهم “التحريض على كراهية النظام” و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي” وكل ما يتصل بالحد من حرية الرأي والتعبير في البلاد.
فتح الحريات الإعلامية والصحافية في البلاد وإعادة النظر في أولويات عمل الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني خاصّة ما يتعلق بصلاحيتها في الرقابة على مغردي الإنترنت.
إنهاء احتكار السلطة للإعلام التلفزيوني والإذاعي والمكتوب وفتح وسائل الإعلام للرأي الآخر المعارض، وبما يشمل إعادة التصريح لصحيفة “الوسط” بالصدور.
دعوة مقرر الأمم المتحدة الخاص بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير إلى جدولة زيارة عاجلة إلى البحرين.