Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
فساد

طرح الدعم الحكومي للمستحقين في البحرين: بين التوجه الرسمي وغياب التفاصيل

أعلن النائب الأول لرئيس مجلس النواب البحريني، عبد النبي سلمان، دعمه لتوجه الحكومة الذي أفصحت عنه في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، والمتعلق بتوجيه الدعم المباشر لمستحقّيه في الخدمات الأساسية للمواطنين، وذلك بالتوافق مع السلطة التشريعية.

وفي تصريح لصحيفة أخبار الخليج بتاريخ 16 أكتوبر/تشرين الأول 2025، أكد سلمان أن اللجنة المشتركة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لتوجيه الدعم قد قدّمت تصوراتها مكتوبة ومعزّزة بالوثائق والأرقام والنسب والشرائح المطلوبة، وحدّدت حدًا أدنى للمعيشة يتوافق مع المتطلبات المعيشية المتصاعدة.

وأكد سلمان أن الحلول اللازمة يجب أن تكون بحرينية خالصة، تأخذ في الاعتبار احتياجات المواطنين المعيشية والتنموية، بعيدًا عن تطبيق مقترحات صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، بما يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمعيشي.

الشفافية ونقص التفاصيل

لكن مراقبين ومصادر بحرينية مطلعة على ملف الدعم الحكومي يشيرون إلى أن تصريحات سلمان تفتقر إلى الشفافية فيما يتعلق بالتفاصيل الجوهرية للطرح.

وأبدت المصادر قلقها من غموض الحد الأدنى للمعيشة الذي أشار إليه، قائلة: “لم يُحدد بعد ما هو مستوى الحد الأدنى الذي يتجاوب فعليًا مع المتطلبات المعيشية المتصاعدة، ولا النسب والشرائح المستهدفة.”

كما أضافت المصادر أن هناك حاجة واضحة لإطلاع المواطنين على ما يتم تداوله من أرقام وإحصاءات، خصوصًا وأن البحرين لا تحدد خطًا رسميًا للفقر، مما يجعل من الصعب تقييم مدى استهداف الدعم للفئات الأشد حاجة.

البيانات الاقتصادية والاعتماد على الأرقام

بحسب المصادر، لم يتضح ما إذا كانت اللجنة قد اعتمدت على بيانات الأسكوا وإحصاءات الدخل الشهري لعام 2022، والتي تشير إلى أن 46% من المواطنين لا يتجاوز دخلهم 500 دينار بحريني، وهو رقم يتوافق مع خط الفقر حسب تقديرات المنظمة.

ويشير ذلك إلى أن هناك شريحة كبيرة من الأسر التي لا يزال وضعها المالي هشًا ويحتاج إلى دعم مباشر وفعال.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن سلمان لم يتطرق إلى أسباب حاجة الأسر البحرينية للمساعدات، رغم أن البلد صغير بحجمه وثرواته تكفي لتغطية احتياجات المواطنين.

ويرى المراقبون أن المواطن البحريني يعاني من ارتفاع الأسعار، وقلة الوظائف، وتزايد أعداد العاطلين، وفرض الضرائب، وارتفاع تكاليف الحياة اليومية، بما في ذلك مخالفات مالية موثقة رسميًا.

ملف البطالة وتأثيره

تعتبر البطالة من أبرز القضايا التي يجب معالجتها قبل أي إعادة توجيه للدعم الحكومي. وزارة العمل أعلنت أن عدد الباحثين عن عمل المسجلين حتى نهاية عام 2023 بلغ 16,978 باحثًا عن عمل، فيما تستمر مستويات خط الفقر في الارتفاع دون تغيّر الرواتب.

وتشير الإحصاءات إلى أن 40% من المواطنين في القطاع الخاص ورواتبهم أقل من 400 دينار، إضافة إلى 6% في القطاع العام وفق إحصاءات 2022، في حين تذهب الوظائف عالية ومتوسطة المردود إلى الأجانب بنسبة تتجاوز 85%، تاركة البحرينيين بحصة ضئيلة.

وأثرت القرارات الحكومية، مثل مضاعفة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 10% وإلغاء 3% من الزيادة السنوية للمتقاعدين، على القدرة المعيشية للأسر، ما زاد من أعباء المواطنين اليومية، وفق المصادر.

وأدت هذه الإجراءات إلى تراجع قدرة بعض الفئات على تلبية متطلبات الحياة الأساسية، وهو ما يجعل إعادة توجيه الدعم الحكومي ضرورة ملحة، لكنه في الوقت نفسه يحتاج إلى إطار واضح وشفاف لتوزيع الموارد بشكل عادل.

مخاطر التوجيه المباشر دون خطة واضحة

تحذر المصادر من أن توجيه الدعم فقط للمستحقين قد يؤدي إلى استثناء كثير من العوائل التي تتلقى الدعم حاليًا، ما قد يزيد من معاناة شرائح واسعة من المجتمع.

كما أن التركيز على الدعم دون معالجة ملف البطالة بين الخريجين والباحثين عن عمل، الذي وصل إلى 10,057 خريجًا عاطلاً، قد يجعل الدعم مجرد حل جزئي لا يعالج جذور المشكلة الاقتصادية والاجتماعية.

وفي الوقت الذي تعكس تصريحات النائب الأول لرئيس مجلس النواب دعمًا رسميًا لإعادة توجيه الدعم الحكومي، يبقى السؤال المركزي: هل تأخذ الدولة فعليًا الأرقام الاقتصادية، والبطالة، وتكاليف المعيشة المتصاعدة في الحسبان عند تصميم خطط الدعم؟

ويرى خبراء ومصادر بحرينية أن نجاح هذه الخطوة يتطلب شفافية كاملة، وضمان وصول الدعم إلى الفئات الأكثر حاجة، وربطها بإصلاحات سوق العمل وتحسين الرواتب، بما يحقق الاستقرار الاقتصادي والمعيشي للأسر البحرينية على المدى الطويل.

وإعادة توجيه الدعم الحكومي تبدو اليوم كفرصة، لكنها محفوفة بالتحديات، خصوصًا إذا لم تُرفق بخطط واضحة لمعالجة البطالة والأعباء المالية التي تثقل كاهل المواطنين منذ سنوات. التحدي الأكبر يكمن في تحويل هذا الدعم من وعد نظري إلى أداة فعّالة لتحسين حياة البحرينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى