الاندبندنت: القمع الحكومي في البحرين أصبح أسوأ بكثير مما كان عليه في الماضي
نشرت صحيفة الاندبندنت البريطانية مقالا استعرضت فيه مآلات الانتفاضة الشعبية في البحرين بعد مرور عشر سنوات على اندلاعها من وسط المنامة احتجاجا على حكام المملكة المستبدين.
وجاء في المقال، للكاتب باتريك كوكبيرن، بحسب ترجمة “بحريني ليكس”، أن ثورة البحرين استلهمت من روح الثورات التي اجتاحت المنطقة العربية.
حيث تمت الإطاحة بحكام مستبدين بعدما خرج ملايين المتظاهرين في الشوارع وهم يهتفون “الشعب يطالب بإسقاط النظام”.
ويقول الكاتب كوكبيرن، إنه لم يكن هناك شيء زائف بشأن هذا التوق الجماعي للحرية والعدالة الاجتماعية. اعتقدت أعداد كبيرة من الأشخاص المحرومين لفترة وجيزة أن بإمكانهم الإطاحة بالديكتاتوريات الجمهورية والملكية.
أكثر قسوة وقمعية
ويستذكر قول الشاعرة آيات القرمزي البالغة من العمر 20 عامًا، وهي تتحدث أمام الآلاف من المحتجين في المنامة، عاصمة البحرين: “نحن الذين سنقتل الإذلال والبؤس”.
وأضافت: “نحن الشعب الذي سيدمر أسس الظلم”.
لكن هذه الأسس، بحسب الكاتب، كانت أقوى مما كانت تأمل القرمزي.
“وبدى أن حلم الغد الأفضل الذي عبرت عنه هي والملايين خلال الربيع العربي في عام 2011، يتبدد بوحشية مع هجوم الأنظمة القديمة المضاد”.
ويضيف: لقد أعاد الحكام المستبدون تأكيد أنفسهم، وهم أكثر قسوة وقمعية من أي وقت مضى، أو حيثما سقطوا تم استبدالهم بالعنف الفوضوي والتدخل العسكري الأجنبي.
من بين الدول الست التي كان للربيع العربي فيها أكبر تأثير، لا تزال ثلاث دول -ليبيا وسوريا واليمن- تمزقها حروب أهلية لا نهاية لها.
في اثنتين منها -مصر والبحرين- أصبح عنف وقمع الدولة أسوأ بكثير مما كان عليه في الماضي، وفق كوكبيرن.
سحق المتظاهرين بوحشية
وبدأت الاحتجاجات الديمقراطية في البحرين يوم 14 فبراير وتركزت في دوار اللؤلؤة بوسط المنامة.
استمر المتظاهرون لمدة شهر “قبل أن يتم سحقهم بوحشية من قبل قوات الأمن البحرينية المدعومة بـ 1500 جندي من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة”، كما يقول الكاتب.
تم القبض على آيات، وهي معلمة متدربة، وسجنها وضربها بكابل كهربائي وتهديدها بالاعتداء الجنسي والاغتصاب.
ولم يطلق سراحها إلا بعد احتجاج دولي.
عانى آخرون في البحرين أسوأ بكثير. ومات بعضهم تحت التعذيب وفقًا للجنة تحقيق دولية. كان الأطباء في المستشفى الذي عالج المتظاهرين المصابين هدفًا خاصًا للمحققين من الأجهزة الأمنية البحرينية.
تلفيق تهم للمتظاهرين
وقال أحد المستشارين الذي تعرض للضرب المبرح على مدى أربعة أيام: “كان الأمر غريباً. لقد أرادوا إثبات أن كل أعمال العنف جاءت من المتظاهرين أو من المستشفى”.
وطالبوه بالاعتراف بإلقاء دماء من بنك الدم في المستشفى على المتظاهرين المصابين من أجل تضخيم إصاباتهم. كما زعموا أن قطعة معقدة من المعدات الطبية كانت في الواقع جهازًا سريًا لتلقي الطلبات من إيران.
كان رد الفعل نفسه يحدث في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث استخدم الحكام السجن الجماعي والتعذيب الروتيني والإعدام بإجراءات موجزة لسحق المعارضة.
وبحسب الكاتب، لم يؤثر القمع على الأماكن التي كان فيها الربيع العربي في ذروته فحسب، بل انتشر في جميع أنحاء المنطقة، التي يسكنها 600 مليون شخص.
حكام مرعوبون
حيث سعى الحكام المرعوبون إلى القضاء على أدنى تلميح للمعارضة في حال كان يمكن أن تصبح تهديدًا لهم.
ويتساءل الكاتب “هل يمكن أن ينجح الربيع العربي رغم مثل هذه الصعاب؟”.
ويؤكد أن السؤال ذو أهمية كبيرة اليوم لأن الاضطهاد الذي تمارسه الأنظمة، الموصوف على نحو مناسب بـ “آلات النهب” نيابة عن نخبة صغيرة، لا يقل عما كان عليه في عام 2011.
حتى أن المزيد من الناس يعيشون الآن محشورين في منازل مع مياه الصرف الصحي التي تتدفق في منتصف الشارع في الخارج بينما حكامهم يستقلون اليخوت الراسية في البحر.
“لكن الغضب والكراهية لم يكونا كافيين قبل 10 سنوات ولن يكونا كافيين في المستقبل. لقد تعاطفت بشدة مع المتظاهرين حينها، رغم أنني لم أعطي أملًا كبيرًا في فرصهم في النجاح الدائم”.
ويختم قائلا: “بشكل عام، فإن أعظم قوة للتغيير الثوري في هذه المنطقة الشاسعة التي دمرتها الحرب وسوء الحكم، هي أن الإذلال والبؤس والظلم الذي استنكرته آيات قبل 10 سنوات هو أكبر اليوم، وكذلك الغضب الذي يلهمونه”.