عقدة الانتهاكات الموسمية لعاشوراء في البحرين: قمع ممنهج واستهداف طائفي

أطلق كلٌّ من منتدى البحرين لحقوق الإنسان ومنظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان تقريرًا مشتركًا تحت عنوان: «البحرين: عقدة الانتهاكات الموسمية لعاشوراء»، وذلك خلال ندوة إلكترونية تناولت التعديات الرسمية الموثقة التي طالت إحياء موسم عاشوراء لعام 2025.
وسلط التقرير الضوء على استدعاءات واعتقالات خطباء ومنشدين دينيين، وتخريب المظاهر العاشورائية، والتضييق على الشعائر الدينية، في ما وصفه المشاركون بأنه امتداد لسياسات ممنهجة لتقييد الحريات الدينية ومخالفة صريحة للدستور البحريني والمعايير الدولية.
استهداف للكلمة وليس للطائفة فقط
في مداخلته خلال الندوة، قال المنشد الديني الشيخ حسين الأكرف إن ما يحدث في البحرين من قمعٍ لمظاهر عاشوراء “لا يُعد استهدافًا لطائفة دينية فحسب، بل هو استهداف للكلمة الحرة المستمدة من سيرة الإمام الحسين، وهي سيرة تعبّر عن قيمٍ إسلامية وإنسانية يشترك فيها الجميع”.
وأضاف أن الخطابات العاشورائية التي على أساسها تتم ملاحقة بعض الخطباء، تتركز على الدعوة للوحدة الإسلامية، ونبذ العنف، والدعوة للإصلاح المجتمعي.
لكنه أشار إلى أن سبب الاستهداف هذا العام يعود إلى مواقف بعض الخطباء المناهضة لعدوان إسرائيل على غزة ولبنان، والتضامن مع إيران، ما يتعارض – بحسب وصفه – مع سياسات التطبيع التي تنتهجها السلطات البحرينية.
ودعا الأكرف السلطات إلى تطبيق شعاراتها بشأن التسامح الديني والتعايش السلمي بشكل عملي، بدلًا من الاكتفاء بإبرازها إعلاميًا أمام الخارج.
التمييز الطائفي سياسة منهجية
من جانبه، اعتبر الباحث الحقوقي السيد يوسف المحافظة أن السلطات البحرينية تستخدم التمييز الطائفي كأداة لضمان استمرار هيمنة السلطة، عبر تقويض فرص التمكين السياسي والاجتماعي للطائفة الشيعية.
وأشار إلى أن هذا التهميش يترافق مع حملات إعلامية ممنهجة تتهم الشيعة بالولاء لأطراف خارجية.
وشدد المحافظة على أن حدة التمييز ترتفع في مواسم عاشوراء، لا سيما عند تصاعد المطالب الشعبية بالإصلاح السياسي، وهو ما يدفع السلطات إلى استخدام القبضة الأمنية بدل الحوار، في سياق يتنافى مع أبسط مبادئ الديمقراطية.
التصعيد بلغ ذروته هذا العام
أشارت ابتسام الصائغ، مسؤولة الرصد والتوثيق في منظمة سلام، إلى أن موسم عاشوراء هذا العام شهد “تصعيدًا غير مسبوق من الانتهاكات”، شملت قمع الفضاءات العامة والخاصة، وتخريب المجالس والمراسم الدينية، في محاولة لتقويض أي تعبير مستقل عن الهوية الدينية.
ولفتت إلى حادثة تحطيم مرسم عاشورائي في منطقة الدراز، معتبرةً أن ما حدث يمثل رسالة واضحة من السلطات مفادها رفض أي مظاهر دينية شيعية خارجة عن سيطرتها. كما تناولت واقعة إصابة المواطن حسن العنفوز جراء استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، معتبرةً أنها أعادت إلى الأذهان سجلًا طويلًا من الانتهاكات المرتبطة بمواسم عاشوراء.
لا تحسن في الأداء الرسمي
أما الباحثة في منتدى البحرين لحقوق الإنسان غنى رباعي، فأكدت أن السلطات البحرينية تكرر سنويًا ذات الانتهاكات، وتضيف إليها أنماطًا جديدة من القمع الممنهج للحريات الدينية. وقالت إن عام 2025 شهد استمرارًا في الاستدعاءات التعسفية، نزع الرايات، واستهداف الشخصيات الدينية، دون أي مؤشرات على تحسن تعامل الدولة مع الطائفة الشيعية.
وأضافت أن البحرين مطالبة بإنهاء هذا النمط من القمع، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وتعويض الضحايا، وضمان عدم التكرار، مشيرة إلى أن تلك الخطوات ضرورية من أجل بناء مجتمع يحترم التعددية ويكرّس مبدأ المواطنة المتساوية.
واختتمت الندوة بدعوة من المنظمتين للجهات الدولية المعنية بحقوق الإنسان للضغط على حكومة البحرين من أجل وقف الانتهاكات الموسمية التي تطال المناسبات الدينية، وضمان حرية المعتقد والتعبير لجميع المواطنين دون تمييز، انسجامًا مع التزامات البحرين الدولية.