Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مؤامرات وتحالفات

البحرين على مفترق طرق: الأمن يبدأ من الداخل أم من التحالفات؟

في خضم الأزمات الإقليمية المتصاعدة، يتساءل المواطن البحريني بأسى وقلق: من يحميه إذا تحوّلت أرضه إلى ساحة صراع إقليمي؟ ولماذا تُدار الأزمات في الغرف المغلقة بينما يدفع الناس الثمن؟ والأهم هل الأمن يبدأ من الداخل أم من التحالفات؟.

هذه التساؤلات باتت تمس صميم العقد الاجتماعي القائم على الثقة بين الدولة والمواطن، وتكشف عن شعور متزايد بالهشاشة وعدم الأمان، وسط صمت رسمي حيال مخاوف الشارع الذي لم يجد خطاباً يطمئنه ولا خططاً واضحة لمواجهة تداعيات أي حرب مقبلة.

الحرب الإيرانية-الإسرائيلية كشفت الهشاشة

صحيح أن نيران الحرب الإيرانية-الإسرائيلية هدأت، لكن ارتداداتها لاتزال تهز دول الخليج الصغيرة، وفي مقدمتها البحرين، التي وجدت نفسها جزءاً من حسابات أي مواجهة، بحكم موقعها الجغرافي، وارتباطها باتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، واحتضانها قاعدة الأسطول الأميركي الخامس.

ورغم أن المنامة لم تتعرض مباشرة للقصف، خرجت من الأزمة أكثر هشاشة وأقل جاهزية. إذ لم يشهد البحرينيون خطاباً حكومياً يوضح حجم التهديدات، ولا برامج توعية، ولا نقاشاً وطنياً علنياً حول تبعات الوجود العسكري الأجنبي وتأثيره على السيادة.

وفيما أظهرت دول مجاورة استعداداً أكبر عبر خطط إخلاء ومراكز إيواء وخطابات رسمية تطمئن شعوبها، ظلت البحرين دون بوصلة واضحة، ما فتح الباب أمام تساؤلات ملحّة عن جاهزية البلاد وقدرتها على حماية مواطنيها في الأزمات الكبرى.

ثغرة في الثقة قبل الأمن

ما حدث ليس مجرد ثغرة أمنية، بل أزمة ثقة أعمق: هل تمتلك الدولة خططاً حقيقية لحماية مواطنيها؟ وهل يشعر المواطن أن هناك قيادة تمسك بزمام الأمور وقت العاصفة؟

غياب الإجابة عمّق من الشعور بالعجز والقلق. وهي حالة لا تقل خطورة عن أي تهديد عسكري خارجي، إذ يؤدي تآكل الثقة إلى تصدع العقد الاجتماعي وإضعاف الجبهة الداخلية التي تُعَدّ حصن الدولة الحقيقي وقت الأزمات.

الإنفاق العسكري يُثير الجدل

رغم ارتفاع الإنفاق العسكري والأمني في البحرين إلى أكثر من 20٪ من الميزانية العامة، مقابل أقل من 10٪ لقطاعات الصحة والتعليم والإسكان، بدا واضحاً أن هذا الإنفاق لم يُترجم إلى جاهزية حقيقية.

بحسب تقرير «البيت الخليجي للدراسات»، بلغ متوسط الإنفاق العسكري للفرد البحريني في 2020 نحو 826 دولاراً، وهو رقم يتجاوز ما تنفقه دول أوروبية كبرى مثل فرنسا وألمانيا.

ومع ذلك، أظهرت الحرب الأخيرة ضعفاً بنيوياً في الاستعداد للطوارئ، ما يطرح تساؤلات حول أولويات الإنفاق وغياب الشفافية والمساءلة.

الأمن يبدأ من الداخل

تجارب دول صغيرة مثل فنلندا وسنغافورة أظهرت أن حماية الأوطان لا تتحقق فقط بتحالفات عسكرية، بل بتعزيز الثقة الداخلية، والاستثمار في التعليم والصحة، وإشراك المجتمع في القرار السياسي.

وفي البحرين، تبدو الحاجة ملحّة أكثر من أي وقت مضى لإعادة صياغة مفهوم الأمن الوطني ليبدأ من الداخل، عبر إصلاح سياسي حقيقي، وإشراك المواطن في صناعة القرار، ومكافحة الفساد، وضمان الحقوق والحريات.

ويرى مراقبون أن البحرين بحاجة إلى سلسلة خطوات عاجلة، منها:

الإفراج عن سجناء الرأي ووقف الانتهاكات الحقوقية.

تعزيز استقلال القضاء وتشريع قوانين تحمي حرية الصحافة والتعبير.

مراجعة أولويات الإنفاق لتحسين التعليم والصحة والخدمات الأساسية.

فتح قنوات التواصل مع المجتمع المدني وإشراكه في التخطيط للأزمات.

تنظيم جلسة برلمانية لمراجعة خطط الطوارئ وبنية الحماية المدنية.

بين التحالفات والسيادة

لا خلاف على أهمية التحالفات الإقليمية والدولية في السياسة البحرينية، خصوصاً مع الولايات المتحدة. لكن هذه الشراكات لا تعني بالضرورة التبعية أو التخلّي عن قرار السيادة الوطنية.

وقد أثبتت أزمات المنطقة، وآخرها الحرب الإيرانية-الإسرائيلية، أن الأمن لا يُبنى فقط بالقواعد العسكرية، بل يبدأ من الثقة المتبادلة بين الدولة ومواطنيها، وببناء مؤسسات حقيقية قادرة على إدارة الأزمات بشفافية وكفاءة.

اليوم، تقف البحرين أمام مفترق طرق تاريخي: إما مراجعة جذرية وإصلاح يُعيد الاعتبار للسيادة والمواطنة، أو مزيد من الأزمات يكون المواطن أول ضحاياها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى