Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أخبار

القيود الأمنية في البحرين وأثرها على الإصلاح المدني وحقوق الإنسان

تُعد الهيمنة الواسعة لجهاز الأمن الوطني في البحرين، بمسمياته المختلفة مثل جهاز المخابرات، جهاز الأمن الاستراتيجي، وجهاز التحقيقات الجنائية، من أبرز المعوّقات التي تعرقل جهود الإصلاح وتعطل مسيرة الدولة نحو التنمية المستدامة.

فهذه الأجهزة الأمنية لا تكتفي بمهامها الأصلية في حفظ الأمن الوطني، بل تتغلغل في شؤون مؤسسات الدولة المدنية، مما يؤدي إلى تقييد أدائها وإضعاف استقلاليتها بشكل ممنهج.

ويؤكد مراقبون أن التداخل المفرط بين المؤسسات الأمنية والهيئات المدنية أصبح ظاهرة ممنهجة، لا استثناء فيها لقطاع أو مؤسسة.

الأثر المباشر على البيئة العدلية

تتأثر البيئة العدلية بشكل خاص بهذه السيطرة الأمنية. المحامون في البحرين، وخصوصًا في القضايا ذات الطابع السياسي أو الحقوقي، يواجهون تضييقات واضحة وممنهجة، تصل أحيانًا إلى التهديد أو الملاحقة.

أما وكلاء النيابة العامة والقضاة، فهم يخضعون لضغوط غير قانونية من جهاز الأمن في معالجة الملفات السياسية، مما يُفقد النظام القضائي استقلاله ويقوّض ثقة المواطنين بعدالته.

ولا تتوقف التدخلات عند القضاء، بل تمتد لتشمل وزارة التنمية الاجتماعية، التي تُقيَّد في منح التراخيص للجمعيات الأهلية، خصوصًا المستقلة منها. الجمعيات الخيرية، الشبابية، الحقوقية، والاجتماعية، تخضع لرقابة أمنية خانقة، وتُفرض عليها قيود في أنشطتها ومواردها وتمويلها.

كما يُحرم المعتقلون السابقون من حقوقهم الأساسية، ومنها حقهم في العمل، والحصول على وثائق رسمية مثل شهادة حسن السيرة والسلوك، مما يعيق اندماجهم مجددًا في المجتمع.

تدخلات في التوظيف والتعليم والصحة

القيود الأمنية تمتد حتى إلى قطاعات من المفترض أن تكون محايدة ومهنية بالكامل، مثل الصحة والتعليم. على سبيل المثال، يعاني بعض الأطباء من الطائفة الشيعية من تأخير أو رفض معادلة شهاداتهم العلمية لأسباب غير مهنية، مما يحرم البلد من كفاءات وطنية.

كذلك تُفرض قيود على ابتعاث الطلبة وترقيات الموظفين في الدوائر الحكومية، بناءً على معايير أمنية لا علاقة لها بالكفاءة أو الجدارة.

التضييق على الحريات الأساسية

القيود الأمنية تمسّ كذلك الحريات العامة التي يكفلها الدستور البحريني والمواثيق الدولية، مثل حرية التعبير، وحرية التجمع، وحرية التنقل، وحرية ممارسة الشعائر الدينية. فحتى صلاة الجمعة في منطقة الدراز، التي تُعدّ جزءًا من الحياة الدينية الطبيعية للمواطنين، تُواجه قيودًا أمنية متكررة.

وعليه تتصاعد المطالب للنظام الخليفي بالتدخل المباشر لتصحيح مسار جهاز الأمن الوطني، وإعادة توجيه دوره ليقتصر على حماية الوطن من التهديدات الأمنية الفعلية، سواء كانت داخلية أو خارجية، دون التدخل في الشؤون المدنية التي لا تدخل ضمن اختصاصه.

إذ أن الدستور البحريني والمرسوم الملكي الذي أنشأ هذا الجهاز يحددان بوضوح اختصاصاته ومهامه.

ويؤكد المراقبون أن استمرار هذا النمط الأمني المُسيطر على المؤسسات المدنية يسيء إلى صورة البحرين على المستوى الدولي، ويحول دون بناء دولة حديثة تقوم على سيادة القانون، وتلتزم بالمعايير الحقوقية الدولية. كما أنه يعمّق الإحساس بالتمييز والإقصاء داخل المجتمع، وهو ما لا يليق بمملكة تتطلع إلى مستقبل أكثر عدلاً واستقرارًا.

وهم يشددون على أن الحفاظ على أمن الدولة لا يتعارض مع احترام حقوق الإنسان، بل يتكامل معه. وجهاز الأمن الوطني، إذا عاد إلى دوره المهني المحصور، يمكن أن يكون شريكًا في بناء دولة مدنية متقدمة لا دولة بوليسية تسلطية. إصلاح هذا الخلل البنيوي هو بداية طريق طويل نحو تعزيز الثقة بين الدولة والمواطن، واستعادة موقع البحرين كمثال للتعايش والانفتاح في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + تسعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى