تعرف على 26 مادة قانونية تقمع حرية الرأي والتعبير في البحرين
استعرضت رابطة الصحافة البحرينية تفاصيل 26 مادة قانونية تقمع حرية الرأي والتعبير في البحرين، مؤكدة أنه آن أوان تعديلها وإنهاء قمع النظام الخليفي.
وبحسب الرابطة لم تكن قضايا حرية الرأي والصحافة والقيود المفروضة عليها في البحرين أمرًا جديدًا البتّة، لكنها بالتأكيد برزت إلى السطح مع اندلاع أكبر احتجاجات عرفتها البلاد في فبراير/شباط 2011 تزامنًا مع ما بات يعرف بـ “ثورات الربيع العربي”.
وعلى إثر قمع الاحتجاجات بعد شهر واحد من اندلاعها، ودخول البحرين دائرة العنف والقمع، لم يعد المراقب للشأن العام من الداخل أو الخارج بحاجة إلى الكثير من التدقيق حتى يميّز انتهاكات حرية الرأي والتعبير عن غيرها من الانتهاكات.
لكن ما هو مصدر هذه الانتهاكات؟ وما هي القوانين المقيدة لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة في البحرين؟ وما هي أبرز المآخذ على هذه القوانين؟، وكيف السبيل لإصلاحها من أجل بحرينٍ أفضل، تتسع للجميع وتستوعب كل وجهات النظر بما فيها تلك المُعارضة للحكومة؟
في الواقع، يوجد عدد وازن من المواد القانونية التي يمكن للدولة إشهارها بوجه أي معارض، متى ما أرادت معاقبته أو ملاحقته قضائيًا، وتندرج هذه المواد ضمن ثلاث قوانين هي “قانون العقوبات، قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية وقانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر”، وأما القانون الذي له نصيب الأسد من هذه المواد، فهو بالتأكيد قانون العقوبات.
أولًا: قانون العقوبات البحريني (20 مادّة)
هناك ما لا يقل عن عشرين مادّة في قانون العقوبات البحريني يمكن وضعها في خانة المواد المقيدة للحريات، وهي في معظمها مواد قانونية “فضفاضة أو غامضة” يمكن بسهولة تطويعها من قبل السلطات القضائية لملاحقة النشطاء والمحتجين ومحاكمتهم، ويتعارض بعضها الآخر مع قوانين ومواثيق دولية خاصة بالحريات.
المادة 95: “لا يقبل من أحد للإفلات من المسئولية الجنائية في الجرائم التي تقع بطريق النشر أن يتخذ لنفسه مبررا من أن الكتابة أو الرسم أو طرق التعبير الأخرى إنما نقلت أو ترجمت عن نشرات صدرت في داخل الدولة أو في الخارج أو أنها لم تزد على ترديد إشاعات أو روايات عن الغير”.
يتم تكييف هذه المادة لملاحقة المغردين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عند قيامهم بإعادة نشر أو ترجمة أي منشور صادر من داخل البحرين أو خارجها، وهو ما يعني أن إعادة نشر أو ترجمة مئات التصريحات والبيانات الصادرة من الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، أو مسؤولين رفيعين في دول مثل الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة أو أي دولة غربية أخرى كان لهم تصريحات خاصة بأحداث البحرين، قد تعرّض كلّ من يعيد نشرها للملاحقة القانونية إذا ما اعتبر ما نشر أنه مسيء للدولة أو لأحد رموزها.
المادة 133: “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات من أذاع عمدا في زمن الحرب أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو عمد إلى دعاية مثيرة وكان من شأن ذلك إلحاق الضرر بالاستعدادات الحربية للدفاع عن دولة البحرين أو بالعمليات الحربية للقوات المسلحة أو أثار الفزع بين الناس أو إضعاف الجلد في الأمة”.
استخدمت هذه المادّة، التي تجرّم أي انتقاد لحرب هجومية أو دفاعية تكون البحرين مشاركة فيها، في ملاحقة أربعة نشطاء بارزين هم الحقوقي الدولي المعروف نبيل رجب، رئيس جمعية الوحدوي سابقًا فاضل عباس وصاحبي حسابات “حجي أحمد” (المغرد يوسف العم) و”بوخميس”، بعد أن نشر الأربعة تغريدات عبر شبكة إكس (تويتر سابقًا) ترفض الحرب على اليمن أو تعترض على مشاركة البحرين فيها، وقد حكم الأربعة بمدد سجن تراوحت بين العامين والـ 5 أعوام.
المادة 134: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبالغرامة التي لا تقل عن مائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مواطن أذاع عمدا في الخارج أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة حول الأوضاع الداخلية للدولة وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو النيل من هيبتها أو اعتبارها، أو باشر بأية طريقة كانت نشاطا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية”.
وقد استخدمت هذه المادّة الفضفاضة التي يمكن من خلالها ملاحقة أي ناشط يقوم بكشف حالات فساد أو انتهاكات تعتبر مُضعفة للثقة المالية للدولة أو تنال من هيبتها، في ملاحقة عدد من النشطاء والمغردين أبرزهم الناشط الحقوقي سيد يوسف المحافظة الذي صدر بحقه حكم غيابي، النائب السابق عن كتلة الوفاق النيابية سيد جميل كاظم الذي حكم بالسجن 6 أشهر، ورئيس مجلس بلدي العاصمة السابق مجيد ميلاد الذين حكم بالسجن سنتين.
المادة 160: “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات من روج أو حبذ بأية طريقة قلب أو تغيير النظام السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي للدولة بالقوة أو التهديد أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة”.
وقد استخدمت هذه المادّة لملاحقة عشرات النشطاء والسياسيين أبرزهم أمين عام جمعية الوفاق الذي يقضي حكمًا بالسجن المؤبد، وأمين عام جمعية وعد السابق إبراهيم شريف الذي حكم بالسجن 5 أعوام.
المادة 165: “يعاقب بالحبس من حرض بإحدى طرق العلانية على كراهية نظام الحكم أو الازدراء به”، وقد استخدمت هذه المادة في توجيه الاتهام للمئات من النشطاء والمعارضين وسجنهم بسبب مواقفهم المناهضة للحكومة.
المادة 168: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبالغرامة التي لا تتجاوز مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من أذاع عمداً أخباراً كاذبة مع علمه بأنها من الممكن أن تحدث ضرراً بالأمن الوطني أو بالنظام العام أو بالصحة العامة، متى ترتب على ذلك حدوث الضرر”.
تفتح هذه المادّة الباب أمام الحكومة لملاحقة مصدر أي خبر تعتبره كاذبا أو غير منسجم مع سياساتها، وهوما يعرّض ناشره أو من يتداوله للحبس، وقد استخدمت السلطات منذ العام 2011 بشكل مكثّف هذه المادة لملاحقة عشرات النشطاء والمعارضين بسبب تعبيرهم عن آرائهم المناهضة للحكومة.
المادة 169: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبالغرامة التي لا تقل عن مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من نشر بإحدى طرق العلانية محررات أو أوراقا أو صوراً مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير إذا كان من شأنها اضطراب السلم العام أو الإضرار بالصالح العام أو بالثقة المالية للدولة.
فإذا ترتب على هذا النشر اضطراب السلم العام أو الإضرار بالصالح العام أو بالثقة المالية للدولة كانت العقوبة الحبس”، تعجّ هذه المادة باستخدام العبارات الفضفاضة مثل “اضطراب السلم العام، الإضرار بالصالح العام، الإضرار بالثقة المالية للدولة”، وهي عبارات تفتح المجال أمام الدولة لاستغلال هذه المادّة في استهداف الناس في حال عبّروا عن آراء مناهضة للحكومة، كأن تؤدي تغريدة من كلمات محدودة بمواطن إلى السجن لأنها اعتبرت أنها تؤدي لاضطراب السّلم العام في البلاد.
المادة 172: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبالغرامة التي لا تجاوز مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من حرض بطريق من طرق العلانية على بغض طائفة من الناس أو على الازدراء بها، إذا كان من شأن هذا التحريض اضطراب السلم العام”.
تتيح هذه المادة تحديداً ملاحقة أي شخص قدّم سردية دينية أو تاريخية لم تنل إعجاب السلطات، وقد استخدمت هذه المادّة من قانون العقوبات لملاحقة رجال الدين الشيعة وسجنهم.
كما أنه وبسبب هذه المادة تعرّض المحامي البارز عبدالله الشملاوي، الباحث التاريخي جاسم آل عبّاس، الناشط نادر عبدالإمام وآخرين إلى الملاحقة القضائية والسجن.
المادة 173: “يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة من حرض غيره بإحدى طرق العلانية على عدم الانقياد للقوانين أو حسن أمرا يعد جريمة”، هذه المادّة هلامية وفضفاضة أيضاً وتتيح ملاحقة أي شخص قام بنشر أو إعادة نشر، أو حتى وضع علامة إعجاب على أي منشور قد يؤدي إلى قيام أي أحد بالإضراب عن العمل، العصيان المدني أو حتى التظاهر.
المادة 215: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بالغرامة التي لا تجاوز مائتي دينار من أهان علنا دولة أجنبية أو منظمة دولية لها مقر في دولة البحرين أو رئيسها أو ممثلها لدى الدولة، وكذلك من أهان علنا علمها أو شعارها الرسمي. ولا تقام الدعوى عن هذه الجريمة إلا بناء على طلب كتابي من وزير العدل”.
المادة 216: “يعاقب بالحبس أو بالغرامة من أهان بإحدى طرق العلانية المجلس الوطني أو غيره من الهيئات النظامية أو الجيش أو المحاكم أو السلطات أو المصالح العامة”.
هاتين المادتين مبنيتين على فعل “الإهانة” وبما أنه لا يوجد أي تعريف قانوني للإهانة، تصبح المادتين فضفاضتين في التطبيق.
المادة 217: “يعاقب بالحبس أو بالغرامة من نشر بإحدى طرق العلانية ما جرى من المناقشات في الجلسات السرية للمجلس الوطني أو نشر بغير أمانة وبسوء قصد ما جرى في الجلسات العلنية للمجلس المذكور”، استخدمت هذه المادة تعبير “سوء قصد”.
وهو ما يعني محاكمة النوايا لا الأفعال، كما وأن المادّة غير دستورية، حيث أن مناقشة جلسات المجلس الوطني، هو مناقشة لشأن عام، ويسمح الدستور للمواطن أو الصحفي بالمشاركة في الشؤون العامّة.
المادة 290: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بالغرامة التي لا تجاوز خمسين دينارا من تسبب عمدا في إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات السلكية أو اللاسلكية”، استخدمت هذه المادّة في تغليظ العقوبات على نشطاء الإنترنت بشكل عام.
وكانت تهمة “إساءة استخدام هاتف”، إحدى التهم الجاهزة التي تتيح للسلطات القضائية تشديد العقوبات وزيادة أحكام السجن بحقهم، ومن الأمثلة الحديثة لمن تم ملاحقتهم بموجب هذه المادة الباحث التاريخي جاسم آل عباس.
المادة 309: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز مائة دينار من تعدى بإحدى طرق العلانية على إحدى الملل المعترف بها أو حقر من شعائرها”، ما معنى كلمة “تحقير” وما ذا يقصد بها؟، لا توجد إجابة واضحة تعرّف هذا المصطلح، ويترك الأمر بيد النيابة العامة التي تلاحق من تريد وتترك من تريد وفقا لما تحدّده من تفسير لهذا المصطلح.
ويحدث أن ترى إثارات متعلقة بقضايا دينية أو تاريخية تعود إلـى الـقرن 14، فإن كانت صادرة عن شخص لا تكن له السلطات القضائية أي خصومة، وكان غير محسوب بشكل رئيسي على جماعات المعارضة أو كان من جماعات الموالاة، فذلك يعني أن “التحقير” لم يحدث.
وفي المقابل إذا صدر هذا الفعل من معارض أو شخص ترى النيابة أنه خصم لها، فذلك يعني أنه ستوجه له تهم عديدة، وقد ينتهي به المطاف بالسجن أو فقد وظيفته، كما حدث مع المحامي عبدالله الشملاوي والناشط نادر عبدالإمام.
المادة 310: “يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة (309):1 – من طبع أو نشر كتابا مقدسا عند أهل ملة معترف بها إذا حرف نصه عمدا تحريفا يغير من معناه أو حقر من أحكامه أو تعاليمه، 2 – من أهان علنا رمزا أو شخصا يكون موضع تمجيد أو تقديس لدى أهل ملة، 3 – من قلد علنا نسكا أو حفلا دينيا بقصد السخرية منه”.
وقد استندت السلطات على هذه المادة وتحديدا البند الثاني منه، في ملاحقة ومعاقبة عشرات رجال الدين الشيعة في موسم عاشوراء، كما استخدمت هذه المادة في ملاحقة شخصيات عامة مثل المحامي عبدالله الشملاوي.
المادة 364: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بالغرامة التي لا تجاوز مائتي دينار من أسند إلى غيره بإحدى طرق العلانية واقعة من شأنها أن تجعله محلا للعقاب أو للازدراء.
وتكون العقوبة الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين إذا وقع القذف في حق موظف عام أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأديته وظيفته، أو كان ماسا بالعرض أو خادشا لسمعة العائلات، أو كان ملحوظا فيه تحقيق غرض غير مشروع.
وإذا وقع القذف بطريق النشر في إحدى الصحف أو المطبوعات عد ذلك ظرفا مشددا”، هذه المادّة أيضاً فضفاضة وغير محددّة، وهي تجرّم بشكل شبه مطلق أي انتقاد لأي شخصية عامّة تشغل منصباً حكومياً.
وقد تعرضت الموظفة في وزارة التربية لولوة البنعلي مؤخراً للملاحقة القضائية بموجب هذه المادّة، بعد الانتقادات التي وجهتها لوزير التربية.
المادة 365: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز مائة دينار من رمى غيره بإحدى طرق العلانية بما يخدش شرفه أو اعتباره دون أن يتضمن ذلك إسناد واقعة معينة.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين والغرامة التي لا تجاوز مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقع السب في حق موظف عام أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأديته وظيفته، أو كان ماسا بالعرض أو خادشا لسمعة العائلات أو كان ملحوظا فيه تحقيق غرض غير مشروع.
وإذا وقع السب بطريق النشر في إحدى الصحف أو المطبوعات عد ذلك ظرفا مشددا”، لا ريب أنه يمكن للسلطات القضائية أن تعاقب كل من تخوّل له نفسه خدش شرف شخص آخر، لكن “خدش الاعتبار” كلمة مبهمة ومصطلح لاتفسير له، ويخضع كما أغلب القوانين السابقة إلى تقدير وكلاء النيابة العامة الذين يقومون بتوجيه التهم بناء على سلطة تقديرية قد يساء استخدامها.
المادة 245: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز مائة دينار من نشر بإحدى طرق العلانية أمورا من شأنها التأثير فيمن يناط بهم الفصل في أية دعوى مطروحة أمام جهة من جهات القضاء أو المكلفين بالتحقيق أو بأعمال الخبرة أو التأثير في الشهود الذين قد يطلبون لأداء الشهادة في تلك الدعوى أو ذلك التحقيق أو أمورا من شأنها منع الشخص من الإفضاء بمعلوماته لذوي الاختصاص أو التأثير في الرأي العام لمصلحة طرف في الدعوى أو في التحقيق أو ضده.
فإذا كان النشر بقصد إحداث التأثير المذكور أو كانت الأمور المنشورة كاذبة عد ذلك ظرفا مشددا”، مبدئيا يعتبر كل أمر من شأنه التأثير على أي سلطة قضائية مرفوضا بل ويجب تجريمه، لكن هذه المادّة لا تحدد بوضوح معنى “التأثير”، هل هو ممارسة الضغوط على هذه الجهات؟
وماذا لو كانت إحدى الصحف المحلية تتناول قضية فساد مالي يتم التحقيق فيها من قبل النيابة العامة، أو منظورة أمام القضاء ووردت إليها وثائق أو معلومات من شأنها فضح مزيد من الفساد المتعلق بهذه القضية، هل سيقع ذلك ضمن نطاق “التأثير” على تحقيقات النيابة العامة أو على أحكام القضاء المرتقب صدورها؟
المادة 246: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز مائة دينار من نشر بإحدى طرق العلانية :- 1 – أخبارا في شأن تحقيق قائم في جريمة أو وثيقة من وثائق هذا التحقيق إذا كانت سلطة التحقيق قد قررت إجراءه في غيبة الخصوم أو كانت قد حظرت إذاعة شيء منه مراعاة للنظام العام أو للآداب أو لظهور الحقيقة.
2 – مداولات المحاكم. 3 – أخبارا بشأن التحقيقات أو الإجراءات في دعاوى النسب والزوجية والحضانة والطلاق والنفقة والزنا. 4 – ما جرى في الدعاوى الجنائية أو المدنية التي قررت المحاكم سماعها في جلسة سرية أو منعت نشرها.
5 –أسماء أو صور المتهمين قبل صدور حكم نهائي في الدعوى ودون الحصول على إذن من النيابة العامة، أو المحكمة المختصة حسب الأحوال، ويعاقب بذات العقوبة من تعاون مع وسائل الإعلام الأجنبية بتزويدها بأسماء أو صور هؤلاء المتهمين. 6 – نشر أسماء أو صور المجني عليهم في جرائم الاغتصاب والاعتداء على العرض”.
تتعارض هذه المادة مع المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الخاصة بالمحاكمات العادلة، وقد تعرّض المحامي مهدي البصري للملاحقة القانونية بناء عليها.
ثانيا: قانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر (5 مواد)
المادة 68: “مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر, يعاقب على نشر ما يتضمن فعلا ً من الأفعال الآتية بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر: أ) التعرض لدين الدولة الرسمي في مقوماته وأركانه بالإساءة أو النقد. ب) التعرض للملك بالنقد أو إلقاء المسئولية عليه عن أي عمل من أعمال الحكومة. ج) التحريض على ارتكاب جنايات القتل أو النهب أو الحرق أو جرائم مخلة بأمن الدولة إذا لم تترتب على هذا التحريض أية نتيجة. د) التحريض على قلب نظام الحكم أو تغييره.
وفي حالة العود خلال ثلاث سنوات من تاريخ الحكم في الجريمة السابقة تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة (75) من هذا القانون”، تحتاج هذه المادة إلى ضبط للمصطلحات القانونية وتأطيرها وتفسيرها بشكل واضح، وذلك لتفادي إساءة استخدامها والتعسف في تكييفها القانوني على الصحفيين والنشطاء الحقوقيين والسياسيين.
المادة 69: “ومع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر، يعاقب بغرامة لا تزيد على ألفي دينار على نشر ما من شأنه: أ- التحريض على بغض طائفة أو طوائف من الناس أو على الازدراء بها أو التحريض الذي يؤدي إلى تكدير الأمن العام أو بث روح الشقاق في المجتمع والمساس بالوحدة الوطنية.
ب- منافاة الآداب العامة أو المساس بكرامة الأشخاص أو حياتهم الخاصة. ج- التحريض على عدم الإنقياد للقوانين، أو تحسين أمر من الأمور التي تعد جناية أو جنحة في نظر القانون”، هذه المادة واسعة وفضفاضة ويمكن تكييفها على أي رأي فيه نقد عام أو وجهة نظر تخالف سياسة الحكومة، كما وأن ربطها بقانون العقوبات يعرض الصحافيين لعقوبات جنائية مشددة ومجحفة، وقد كانت هذه المادة إحدى المواد التي استندت إليها السلطات القضائية في ملاحقة المحامي عبدالله الشملاوي والباحث التاريخي جاسم آل عباس.
المادة 70: “مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر, يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة على نشر ما يتضمن: أ) عيباً في حق ملك أو رئيس دولة عربية أو إسلامية، أو أية دولة أخرى تتبادل مع مملكة البحرين التمثيل الدبلوماسي.
ب) إهانة أو تحقيراً لأي مجلس تشريعي أو المحاكم أو غيرها من الهيئات النظامية. ج) نشر أخبار كاذبة أو أوراق مصطنعة أو مزورة مسندة بسوء نية إلى الغير متى كان من شأن هذا النشر تكدير الأمن العام أو إلحاق ضرر بمصلحة عامة.
د) نشر أنباء عن الإتصالات الرسمية السرية، أو بيانات خاصة بقوة الدفاع يترتب على إذاعتها ضرر للصالح العام، أو إذا كانت الحكومة قد حظرت نشرها، وتضاعف العقوبة إذا ارتكبت الجريمة في وقت الحرب أو أثناء تعبئة عامة أو جزئية لقوة دفاع البحرين.
ولا يجوز اتخاذ الإجراءات الجنائية في الحالات المنصوص عليها في البند (ب) من هذه المادة إلا بناء على طلب رئيس الهيئة أو الجهة ذات الشأن”، تتضمن هذه المادة العديد من العبارات الفضفاضة والعامة مثل “التحقير”، “تكدير الأمن العام”، “ضرر الصالح العام”، وهو ما يستلزم تعديلها وتوضيح مصطلحاتها بما يتلاءم مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وقد سبق وأن استندت السلطات إلى هذه المادة في ملاحقة الصحفي قاسم حسين إثر مقال صحفي نشره على صحيفة الوسط البحرينية المرخصة.
المادة 71: “مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر, يعاقب بالغرامة التي لا تجاوز ألف دينار على نشر ما يلي: أ) ما جرى في الدعاوى القضائية التي قررت المحكمة سماعها في جلسة سرية، أو نشر ما جرى في الجلسات العلنية محرفا وبسوء نية.
ب) ما جرى في الجلسات السرية للمجالس التشريعية أو لجانها أو نشر ما جرى في الجلسات العلنية لها محرفاً وبسوء نية. ج) الأحكام الصادرة في جرائم الاغتصاب والاعتداء على العرض وجرائم الأحداث إذا كان الغرض من نشرها التحريض على الفجور والدعارة.
د) أخبار أية جريمة قررت سلطة التحقيق منع نشرها. هـ) أنباء من شأنها التأثير في قيمة العملة الوطنية أو بلبلة الأفكار عن الوضع الإقتصادي للبلاد أو نشر أخبار إفلاس تجار أو محال تجارية وصيارفة بدون إذن خاص من المحكمة المختصة. و) ما يتضمن عيباً في حق ممثل دولة أجنبية معتمدة لدى مملكة البحرين وبسبب أعمال تتعلق بوظيفته. ز) أي إعلان أو بيان صادر من دولة أو هيئة أجنبية قبل موافقة الوزير”، تتعارض هذه المادة مع المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الخاصة بالمحاكمات العادلة وضماناتها.
المادة 85: “مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في هذا القانون أو أي قانون آخر، يجوز الحكم بتعطيل الصحيفة مدة لا تجاوز سنة أو إلغاء ترخيصها إذا ثبت أنها تخدم مصالح دولة أو هيئة أجنبية أو أن سياستها تتعارض مع المصلحة الوطنية لمملكة البحرين”، خدمة المصالح أو تعارض المصالح، حالتان غير واضحتان بحدود وضوابط قانونية، وهو ما يجعل أي صحيفة عرضة للتعطيل، وقد أغلقت صحيفة الوسط بناء على هذه المادة.
ثالثا: قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية (مادة واحدة)
المادة 11: “يعاقَب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبالغرامة التي لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار كل مَن قام بأية وسيلة بالترويج أو التمجيد أو التعظيم أو التبرير أو التحبيذ أو التشجيع لأعمال تشكِّل نشاطاً إرهابياً معاقَباً عليه، سواء كان ذلك داخل المملكة أو خارجها.
ويعاقَب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل مَن حاز أو أحرز بالذات أو بالواسطة محرَّراً يتضمن أياً من الأفعال المنصوص عليها في الفقرة السابقة، متى كان ذلك بقصْد التوزيع أو إطْلاع الغير عليه، وكذلك كل مَن حاز أو أحرز بالذات أو بالواسطة أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية أياً كان نوعها، استُعمِلت أو أعدَّت للاستعمال ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة أيٍّ من تلك الأفعال”.
تستند هذه المادة على كلمات غير محددة قانونًا مثل “الترويج، التمجيد، التعظيم، التبرير، التحبيذ والتشجيع”، ما يؤدي عمليًا إلى ملاحقة صاحب أي منشور تداول أخبارًا عن متهمين بأعمال إرهابية قبل صدور أحكام بحقهم، وقد سجن الصحفي محمود الجزيري والمدون علي معراج استناداً لهذه المواد، التي يجب توضيحها قانونيًا كي لا تكون عرضة لتفسيرات النيابة العامة التقديرية.
إن من صميم عمل مجلس النواب تقديم التشريعات أو تعديلها، وهو مطالب بتعديل هذه القوانين المجحفة كي لا تستخدم مستقبلًا في ملاحقة المواطنين والتضييق عليهم، خصوصًا وأن السلطات في البحرين أسرفت في استخدام هذه القوانين لملاحقة النشطاء والحقوقيين والصحفيين منذ العام 2011 وزجّت بمئات معتقلي الرأي في السجن استنادًا عليها.
من المؤكد أن تعديل القوانين يخضع لعملية معقدة تستلزم بعد تمريرها من المجلس المنتخب عرضها على أنظار الغرفة المعينة (مجلس الشورى) لإقرارها قبل رفعها إلى الحكومة.
لكن إثارة هذه النقاط، من شأنه خلق حالة من النقاش المجتمعي، من شأنها أن تفرض أو توفر ظروفا مواتية تتقبل فيها الدولة إدخال تعديلات على هذه المواد أو بعضها وهي تعديلات من شأنها أن تعزز حرية التعبير وتحمي المواطنين من خطر العبارات الفضفاضة التي تتضمنها أغلب هذه المواد القانونية.