Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
فساد

فساد واستغلال نفوذ في البحرين تكشفه فضيحة وزير بريطاني سابق

في فضيحة جديدة تُسلط الضوء على هشاشة النزاهة وحالات فساد واستغلال نفوذ في البحرين، اتُهم وزير بريطاني سابق لشؤون الشرق الأوسط، طارق أحمد، بخرق قواعد الشفافية بشأن دوره الاستشاري الممول في مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي في البحرين، وهو مؤسسة مرتبطة مباشرة بحكومة الدولة الخليجية التي تشتهر بقمعها المنهجي للحقوق والحريات.

يأتي هذا الاتهام وسط موجة انتقادات متصاعدة توجه للحكومة البحرينية، التي يُتهم نظامها بترسيخ الفساد السياسي والتضييق على الحريات، إذ كشف تحقيق نُشر مؤخرًا عن اتصالات رسمية قام بها أحمد مع المركز أثناء فترة توليه منصبه الوزاري بين عامي 2017 و2025، رغم نفيه السابق لهذه الاتصالات.

ووفقًا لوثائق نشرتها جماعات حقوقية، فقد زار أحمد المركز مرتين على الأقل في رحلات رسمية في 2022 و2023، ما يفتح الباب أمام تساؤلات عن مدى التزامه بقواعد الشفافية التي يجب أن تحكم عمل المسؤولين الحكوميين.

هذا الوضع دفع معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (بيرد) إلى تقديم شكوى رسمية تطالب بمراجعة نصائح الجهة الرقابية البريطانية “أكوبا”، التي كانت قد سمحت لأحمد بتولي هذا الدور المدفوع الأجر، معتبرةً أن المخاطر ضئيلة لأن الوزير السابق لم يكن لديه اتصالات رسمية مع شركة “المملكة القابضة” البحرينية.

لكن الوقائع تؤكد عكس ذلك، حيث يشير المدير التنفيذي لمنظمة بيرد إلى أن إخفاء هذه العلاقات يمثل خرقًا واضحًا لمعايير الأخلاق والشفافية، ويطالب أحمد بالانسحاب الفوري من المنصب وشرح عدم الإفصاح عن الزيارات والاجتماعات الرسمية.

تأتي هذه الفضيحة في ظل تقارير متكررة توثق الممارسات القمعية التي تتبعها حكومة البحرين بحق المعارضة السياسية، إذ تحظر وسائل الإعلام المستقلة وتخضع المعارضين لتعذيب وحشي، وفق تقارير هيومن رايتس ووتش.

والسجل السيئ في مجال حقوق الإنسان يضع في إطار خطير أي تعاون مع مؤسسات تابعة للحكومة البحرينية، مما يجعل استشارة مسؤول بريطاني رفيع في مؤسسة مرتبطة بالحكومة أمرًا مثيرًا للجدل أخلاقيًا وسياسيًا.

المثير أن الوثائق التي نشرها نشطاء حقوقيون تظهر أحمد وهو يشارك في فعاليات رسمية للمركز، ويصافح كبار المسؤولين البحرينيين، بل تم تصويره وهو يتسلم جائزة من نائب رئيس المركز في فبراير 2022، في وقت كان يشغل فيه منصبًا وزاريًا حساسًا.

كما ذكرت وسائل إعلام بحرينية في 2023 لقاءً بين أحمد ونائبة رئيس المركز، حيث أعرب عن استمرار التعاون بينه وبين البحرين، مما يعزز فرضية أن دوره كان أكثر من مجرد مستشار خارجي مستقل.

تلك الأدلة التي كشفتها الوثائق، ورفض أحمد الكشف عن تفاصيل تمويل زياراته المتكررة للبحرين، تلقي الضوء على علاقة مشبوهة تربط بين النفوذ السياسي واستغلال المناصب الرسمية لتحقيق مكاسب شخصية وربما دعم نظام سلطوي معروف بانتهاكاته المتكررة.

وتؤكد هذه الفضيحة على حاجة أكبر للرقابة الصارمة على الوزراء السابقين في دول مثل بريطانيا، الذين قد يستغلون خبراتهم وعلاقاتهم الحكومية في دعم أنظمة قمعية تحت ستار العمل الاستشاري.

أما السلطات البريطانية، فبدت مترددة في التعامل مع القضية، فيما تواصل شركة “أكوبا” تقديم نفسها كجهة مستقلة تقدم نصائح للحكومة، لكن عدم تصديقها بدقة وجود اتصالات رسمية واضحة يجعل من توصياتها محل تساؤل جدي، خصوصًا بعد تورط مسؤولين كبار في تجاوز القواعد.

وبالنظر إلى تاريخ البحرين الأسود في قمع الحريات والتنكيل بالمعارضين، فإن السماح لمسؤول بريطاني سابق بالدخول في علاقة رسمية مع مؤسسة حكومية بحرينية يُعد إشارة خطيرة عن مدى التهاون الدولي تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في الخليج.

وقالت صحيفة الغارديان البريطانية إن هذا النوع من الشراكات لا يشرعن فقط الاستبداد، بل يشكل رافعة لتمكين نظم قمعية على حساب القيم الديمقراطية والإنسانية التي تزعم الدول الغربية الدفاع عنها.

وبحسب الصحيفة تكشف قضية الوزير طارق أحمد عن وجوه متعددة للفساد الذي يمتد من البحرين إلى قلب بريطانيا، عبر استغلال المناصب الرسمية لعلاقات مريبة مع حكومات قمعية. وهي تطرح تساؤلات عن جدوى المؤسسات الرقابية والشفافية في منع هذا النوع من الممارسات، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بأنظمة تفتقر لأبسط قواعد العدالة والحقوق الأساسية.

وأكدت الصحيفة أن على الحكومات الغربية أن تعيد النظر في تعاملاتها مع أنظمة مثل البحرين، وأن تضع حدودًا واضحة تمنع استغلال النفوذ السياسي لتحقيق مكاسب شخصية على حساب قيم الحرية وحقوق الإنسان. وإلا فإن الانزلاق في شراكات مشبوهة سيُضعف ثقة الجمهور في مؤسسات الحكم ويكرس الفساد والانتهاكات في مناطق لا تحتمل مزيدًا من الاستبداد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة − خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى