السجناء السياسيون في سجن جو يواجهون انتهاكات ممنهجة وقاسية
أكدت أوساط حقوقية أن السجناء السياسيون في سجن جو سيء السمعة في البحرين يواجهون منذ 6 كانون أول/ديسمبر الجاري انتهاكات ممنهجة وقاسية عقب وفاة حسين أمان بسبب الإهمال الطبي.
وقد ردت السلطات البحرينية على الاحتجاجات بإجراءات قمعية مشددة، شملت قمع السجناء بعنف وفرض عقوبات جماعية. ويخضع المبنى 7، الذي يضم 68 سجينًا سياسيًا، لحصار مستمر منذ أكثر من 14 يومًا متتاليًا، حيث حُرم السجناء من الطعام والماء والكهرباء.
ويعيش السجناء المرضى حالة حرجة، بما في ذلك محمد البقالي ومحمد رضا لؤلؤي، مع تجاهل السلطات لنداءاتهم المتكررة للحصول على المساعدة الطبية.
وفي محاولة يائسة، استخدم السجناء في المبنى 7 مكبرات الصوت لإيصال نداءاتهم إلى المباني المختلفة للحصول على المساعدة الطبية. ومع ذلك، ردت إدارة سجن جو بتشغيل موسيقى صاخبة داخل مرافق السجن للتغطية على أصواتهم، في تجاهل تام لاحتياجاتهم الملحة. تشكل هذه الإجراءات انتهاكًا صارخًا لقواعد نيلسون مانديلا والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وتتجاوز آثار هذه الانتهاكات حدود أسوار السجن، حيث تعيش عائلات السجناء في حالة من القلق والمعاناة نتيجة انقطاع التواصل وازدياد المخاوف على أبنائهم.
ومن بين هذه العائلات، أعربت عائلة السجين السيد محمد العبّار عن خوفها الشديد على سلامته بعد نقله إلى المستشفى من جراء إصابات تعرض لها خلال مداهمة عنيفة للمبنى 7. وعلى الرغم من ذلك، فشلت إدارة السجن في تقديم تحديثات واضحة حول حالته الصحية، مما زاد من معاناة عائلته.
اندلعت احتجاجات تضامنًا مع السجناء في جميع أنحاء البحرين، حيث تم الإبلاغ عن مظاهرات يومية في مناطق مختلفة مثل الدراز وبني جمرة وأبوصيبع.
ونظمت العائلات اعتصامات أمام سجن جو ومركز شرطة المعارض والمؤسسات الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، بما في ذلك الأمانة العامة للتظلمات والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، للمطالبة بالعدالة واتخاذ إجراءات فورية.
وفي 10 ديسمبر، وُعدت العائلات التي تجمعت خارج السجن بالسماح للسجناء بالتواصل معهم قريبًا. ومع ذلك، لم يتم اتخاذ أي إجراء، مما ترك العائلات تشعر بالخيبة.
وعلاوة على ذلك، ردت قوات الأمن على الاحتجاج السلمي خارج مركز شرطة المعارض في 11 ديسمبر باستخدام أساليب التخويف والتهديد والمراقبة، مما يبرز عدم استعداد الحكومة لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
وفي اليوم نفسه، قدمت العائلات رسائل إلى الأمانة العامة للتظلمات والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، مطالبة باتخاذ إجراءات فورية للكشف عن أوضاع أبنائهم وضمان سلامتهم واستعادة قنوات التواصل معهم وحماية حقوقهم الأساسية. وعلى الرغم من معاودة الاعتصامات أمام كلتا المؤسستين في الأيام التالية، لم تصدر أي منهما ردًا رسميًا على مطالب العائلات.
يمثل العفو الملكي الصادر في 15 ديسمبر 2024 بمناسبة العيد الوطني للبحرين، مثالًا آخر على تجاهل الحكومة البحرينية لحقوق الإنسان. فبينما تم الإفراج عن 896 سجينًا، تم استبعاد جميع السجناء السياسيين تقريبًا بشكل متعمد، بما في ذلك قادة المعارضة البارزين أمثال الأستاذ حسن مشيمع والدكتور عبدالجليل السنكيس وعبدالهادي الخواجة.
وكان معظم الذين شملهم العفو من مرتكبي الجرائم الجنائية، بالإضافة إلى عدد قليل من السجناء السياسيين الذين سبق إدراجهم في برنامج “السجون المفتوحة” أو الإفراج عنهم بموجب قانون العقوبات البديلة.
ومن الجدير بالذكر أن العفو شمل سجينًا سياسيًا واحدًا فقط من سجن جو، وهو محمد الصولة، الذي لم يكن جزءًا من برنامج “السجون المفتوحة” أو العقوبات البديلة، ولم يتبق له سوى 10 أيام على انتهاء محكوميته.
ويمثل هذا الاستبعاد انتهاكًا صارخًا للاتفاق الذي أبرم في أغسطس 2024 بين السلطات البحرينية وسجناء جو، والذي وعد بإطلاق سراح السجناء السياسيين على مراحل.
وقد أحبط العفو الملكي عائلات السجناء السياسيين الذين كانوا ينتظرونه بفارغ الصبر، آملين بشدة أن يشمل أبنائهم. وبدلاً من الوفاء بالتزاماتها، زادت الحكومة من حالة عدم الثقة وعمّقت معاناة السجناء، خاصة في ظل تدهور أوضاع السجون.
الانتهاكات الممنهجة في مرافق الاحتجاز في البحرين لا تقتصر على سجن جو. إذ تكشف التقارير الواردة من مركز احتجاز الحوض الجاف عن حالات تعذيب روتينية وإساءة نفسية وقيود شديدة على الممارسات الدينية.
وفي تسجيلات صوتية، أفاد المعتقلان علي محمد جعفر وحسين فتيل، نجل المدافع البارز عن حقوق الإنسان والسجين السابق ناجي فتيل، بوجود قيود مفروضة على المعتقلين الشيعة في مركز احتجاز الحوض الجاف، حيث يُمنعون من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية.
وأدانت منظمة أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) بشدة هذه الانتهاكات، مؤكدة أن تصرفات الحكومة البحرينية تشكل انتهاكات جسيمة لاتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وقواعد نيلسون مانديلا.
وحملت منظمة ADHRB وزارة الداخلية والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والأمانة العامة للتظلمات المسؤولية عن استمرار هذه الانتهاكات من خلال التواطؤ والتقاعس عن واجباتهم.
وذكرت أنه في حين يُشيد البعض بالعفو الملكي كخطوة إنسانية، فإنه يبرز بوضوح تجاهل الحكومة للسجناء السياسيين، الذين يعاني معظمهم من ظروف احتجاز غير إنسانية.
وطالبت المنظمة الحقوقية بالإفراج غير المشروط عن جميع السجناء السياسيين، وخاصة قادة المعارضة المسنين وذوي الأمراض الحرجة مثل الأستاذ حسن مشيمع والدكتور عبدالجليل السنكيس. كما دعت إلى وقف جميع الانتهاكات في السجون البحرينية وإجراء تحقيقات شاملة حول جميع الانتهاكات، مع محاسبة مرتكبيها على أفعالهم وتعويض الضحايا وجبر الضرر.