بريطانيا تدرس إنهاء علاقاتها مع مؤسسات بحرينية متورطة بالانتهاكات
قالت مصادر دبلوماسية ل”بحريني ليكس”، إن الحكومة البريطانية تدرس بجدية إنهاء علاقاتها مع مؤسسات بحرينية متورطة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
يأتي ذلك على خلفية ما تواجهه الحكومة البريطانية من ضغوط واسعة بسبب تفاصيل “فضيحة” بدأت تتسرب للعيان عن تمويلها من أموال دافعي الضرائب، أنشطة تدعم وزارة الداخلية البحرينية وغيرها من الهيئات المسؤولة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والمعتقلين والنشطاء.
ويأتي النقاش توازياً مع تحركات سياسية في بريطانيا، واتهام مجموعة من السياسيين البريطانيين، البحرين، بمحاولة إظهار صورتها “الخضراء” وترويج الدولة الخليجية لأوراق اعتمادها كـ”دولة خضراء” بينما تواصل المشاركة في الحرب في اليمن.
ويناقش نواب بريطانيون قضية دعم حكومة المملكة المتحدة عبر دافعي الضرائب “أنشطة” وصناديق تابعة لنظام البحرين المتهم بخروقات حقوق الإنسان.
وكشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن نوابا بريطانيين قلقون بشأن دعم المملكة المتحدة وتمويلها لحكومة البحرين، أجروا نقاشًا برلمانيًا حول السجناء السياسيين في المملكة الخليجية.
وتأتي المناقشة بحسب ما ورد في المقال الذي نشرته دانيا العقاد من لندن، بعد الكشف عن أن دافعي الضرائب في المملكة المتحدة يمولون برامج تدعم وزارة الداخلية البحرينية وغيرها من الهيئات المسؤولة عن الإشراف على المحتجزين.
وبحسب الموقع البريطاني، ستوفر مناقشة أعضاء مجلس النواب، التي أثارها النائب عن الحزب الوطني الاسكتلندي برندان أوهارا، تمحيصًا في الموضوع بعد عقد من بدء بريطانيا في تمويل البحرين.
وذلك بالرغم من وجود تقارير عن حالات عشرات السجناء السياسيين، العديد منهم مسجونون بسبب أدوارهم في الحركة المؤيدة للديمقراطية في البحرين، ولا يزالون خلف القضبان على الرغم من الدعوات من الأحزاب المختلفة، من أجل إطلاق سراحهم.
وشدد التقرير الاستقصائي الذي فضح العملية أنه “لفترة طويلة جدًا، اختارت المملكة المتحدة غض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع في البحرين، بينما ترسل في الوقت نفسه ملايين الجنيهات من أموال دافعي الضرائب في المملكة المتحدة إلى الدولة الخليجية لمساعدتها في الإصلاح”.
ويعيب السياسيون البريطانيون على حكومة بلادهم أنها لم تأخذ بعين الاعتبار معطيات الواقع، خصوصاً مع عدم تسجيل دلائل حقيقية على هذا الإصلاح، “لأنه بعد أكثر من عقد من انتفاضة الربيع العربي، ما تزال سجون البحرين مليئة بالسجناء السياسيين، والعديد منهم تعرضوا للتعذيب، وبعضهم ينتظرون الإعدام”.
وتأتي المناقشة في البرلمان البريطاني، بعد أسابيع فقط من إنهاء علي مشيمع، وهو نجل زعيم المعارضة البحرينية حسن مشيمع، إضرابًا عن الطعام لمدة 23 يومًا، مطالبًا بالإفراج عن والده، والأكاديمي والناشط عبد الجليل السنكيس، الذي كان في إضراب عن الطعام منذ ذلك الحين.
ويقضي المعارضان البحرينيان عقوبة بالسجن المؤبد بسبب دورهما في قيادة انتفاضة البحرين المؤيدة للديمقراطية عام 2011.
وهما من بين 1300 سجين سياسي محتجزين حاليًا في سجن جو، حيث يُزعم أن زملاءهم تعرضوا للتعذيب، بينهم 64 اختفوا قسريًا لمدة 19 يوماً في أبريل الماضي بعد مشاركتهم في اعتصام احتجاجًا على سوء معاملتهم.
وأشار موقع “ميدل إيست آي” أن العديد من النواب المؤيدين للنقاش، قد تحركوا لاتخاذ إجراء بعد زيارة مشيمع خارج السفارة البحرينية في لندن، حيث أقام احتجاجه.
وأخبر الناشط الموقع البريطاني، أن الخطوة التي يقوم بها السياسيون البريطانيون، منحته الأمل في أن تثار معركة السنكيس ومحنة مئات السجناء السياسيين الآخرين في البرلمان.
وأكد أن الوقت قد حان لكي تتوقف حكومة المملكة المتحدة عن النظر في الاتجاه الآخر عندما يتعلق الأمر بالإنسان، والانتهاكات الحقوقية التي ارتكبتها الدول الحليفة مثل البحرين.
وقال نجل المعارض البريحيني: “إن من يؤمنون بمبادئهم في البحرين، مثل والدي حسن مشيمع والدكتور السنكيس، يدفعون ثمناً باهظاً لأنهم يجرؤون على الدعوة إلى تغيير ديمقراطي في دولة قمعية”.
وأضاف في التصريح المنشور، أنه “على الرغم من أنه من المؤثر أن نرى مدى استعداد الناس للتضحية من أجل شيء يؤمنون به بشدة، إلا أنه من المحزن أيضًا أن نرى كيف اضطر الدكتور السنكيس إلى تجويع نفسه لأكثر من ستة أشهر لمجرد منحه أبسط ما لديه من حقوق”.
يأتي الجدل أيضًا بحسب التقرير الاستقصائي الذي ترجمته “القدس العربي”، بعد أن كشفت الحكومة في أغسطس / آب الماضي، في أعقاب طلب حرية المعلومات الذي قدمه معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (بيرد)، أنها تمول وزارة الداخلية البحرينية وأربع هيئات رقابية تتحمل بعض المسؤولية عن معاملة السياسيين المعتقلين.
ويأتي التمويل من خلال صندوق استراتيجية الخليج (GSF) في المملكة المتحدة، وهو صندوق بقيمة 53.4 مليون جنيه إسترليني، يتم تشغيله بشكل “غامض للغاية”، وبعد سنوات من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها حول ما يتم دعمه، عقد النواب نقاشًا لمدة 90 دقيقة في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 للضغط من أجل الوضوح.
بعد هذا النقاش، أصدرت الحكومة في مارس/ آذار 2021 ملخصًا للأنشطة التي يدعمها الصندوق.
ويقدم الملخص الذي تسربت تفاصيله، معلومات عامة حول أنواع البرامج المعنية في البحرين، على سبيل المثال، يدعم الصندوق “برنامج إصلاح وبناء القدرات بقيادة وملكية البحرين لتوفير الأمن والاستقرار على المدى الطويل” في المملكة.
ومع ذلك، لا يقدم الملخص أي تفاصيل حول تخصيص التمويل، وما إذا كانت تقييمات مخاطر حقوق الإنسان قد أجريت، وفي معظم الحالات، لا يذكر الوكالات أو الوزارات المدعومة.
ودفعت ضغوط سياسية بريطانية حكومة لندن، لتقديم إجابات حول الموضوع الذي يتحول لفضيحة سياسية في بريطانيا.
وكشفت في يناير/ كانون الثاني 2021 إجابة على سؤال برلماني أن المملكة المتحدة أنفقت 2.4 مليون جنيه إسترليني منذ عام 2016 في محاولة لمساعدة الجيش السعودي على الامتثال للقانون الإنساني الدولي، في وقت اتُهمت فيه المملكة بارتكاب جرائم حرب في اليمن.
ورداً على طلب المنظمة الحقوقية (بيرد) لحرية المعلومات، قالت حكومة المملكة المتحدة في أغسطس/ آب إنه بالإضافة إلى وزارة الداخلية البحرينية، يدعم الصندوق أمين المظالم في الوزارة، ووحدة التحقيقات الخاصة، ولجنة حقوق السجناء والمحتجزين، وأمين المظالم بوكالة المخابرات الوطنية.
وأشار الرد أيضًا إلى أن خمسة تقييمات للمساعدة الأمنية والعدالة في الخارج- المراجعات التي تجريها وزارة الخارجية للتأكد من أن المشاريع تفي بالتزامات المملكة المتحدة وقيمها في مجال حقوق الإنسان- تم تنفيذها في مشاريع ممولة من قبل صندوق الضمان الاجتماعي في السنة المالية 2020-2021.
وقال سيد أحمد الوداعي، مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (بيرد)، إن هناك حاجة إلى مزيد من الوضوح حول دور المملكة المتحدة في تمويل ودعم “المؤسسات العنيفة في البحرين التي تشتهر بتجريم أولئك الذين يحلمون بالديمقراطية في بلادهم”.
وأضاف الوداعي لموقع “ميدل إيست آي”: “لقد عانى السجناء السياسيون في البحرين أكثر من عقد من الظلم الجسيم، من التعذيب الذي لا يوصف وظروف السجن اللاإنسانية إلى الحرمان المنهجي من العلاج الطبي”.
وشدد الناشط البحريني، أنه “لم يعد من الممكن تجاهل هذه القضية، وقد حان الوقت للتدقيق فيها داخل البرلمان البريطاني، بالنظر إلى دور حكومة المملكة المتحدة في دعم عائلة آل خليفة الحاكمة”.
ومؤخراً سلّط باحثون وسياسيون أوروبيون ونشطاء حقوق الإنسان من دول المنطقة الضوء على استمرار دعم بريطانيا للأنظمة الاستبدادية في دول الخليج من بينها البحرين، بعد مع مرور 50 عاماً على انسحابها من المنطقة.
ومؤخرا صعد البرلمان الأوروبي من لهجته تجاه الحكومة البحرينية بسبب تزايد وتيرة القمع وانتهاكات حقوق الإنسان.
وفي خطوة جديدة من شأنها أن تزيد من عزلة نظام البحرين وتفضحه في المحافل الدولية، وقع أعضاء البرلمان الأوروبي على رسالة يعربون فيها عن قلقهم البالغ إزاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في البحرين.
ووقع 12 عضوا في البرلمان الأوروبي رسالة مشتركة إلى مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بمبادرة من المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان (ECDHR)، للتعبير عن مخاوف جدية بشأن القمع المرتكب في البحرين.