Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
فساد

تصنيف البحرين يهبط: فساد ممنهج وسياسات عمياء تدفع البلاد نحو الهاوية

شكل خفض وكالة “ستاندرد آند بورز” التصنيف الائتماني السيادي للبحرين من “B+” إلى “B” اعترافًا متأخرًا بفشلٍ مزمن تحاول سلطات النظام الخليفي إنكاره منذ سنوات في ظل فساد ممنهج وسياسات عمياء تدفع البلاد نحو الهاوية.

فالقرار جاء مكمّلًا لتخفيض وكالة “فيتش” نظرتها المستقبلية للبحرين إلى سلبية مطلع عام 2025، ليؤكد أن الرواية الرسمية عن “التعافي” و”الاستقرار المالي” ليست سوى دعاية سياسية تتهاوى أمام الأرقام والوقائع.

ولا يعني هذا التخفيض مجرد درجة أقل في تقارير وكالات التصنيف، بل هو شهادة دولية على عمق الأزمة البنيوية التي تعيشها المملكة، وعلى أن السياسات الاقتصادية المعتمدة لا تعالج المشكلة، بل تعمّقها.

فالدولة ما تزال تصرّ على إدارة الاقتصاد بعقلية أمنية، تُقدّم الإنفاق على الأجهزة الأمنية على حساب التعليم والصحة والخدمات الأساسية، وتفتح أبواب الخصخصة العشوائية لتسليم ما تبقى من القطاع العام إلى شركات أجنبية، دون أي رؤية تنموية أو رقابة حقيقية.

ووفق مصادر اقتصادية بحرينية، تستنزف المخصصات الأمنية ما يقارب ثلث الميزانية العامة، في وقت تتراجع فيه جودة الخدمات الأساسية وترتفع كلفة المعيشة، وتتآكل القدرة الشرائية للمواطنين.

والنتيجة الحتمية لهذه المعادلة المختلة هي مزيد من البطالة، ومزيد من الفقر المقنّع، ومزيد من الارتهان للاقتراض الخارجي، حتى بلغ الدين العام مستويات قياسية وصلت إلى نحو 18 مليار دينار، أي ما يعادل 47 مليار دولار.

الأخطر من ذلك أن هذه الأزمة ليست مالية فحسب، بل هي في جوهرها سياسية. فمنذ 2011، تعيش البحرين أزمة سياسية مفتوحة، لم تُعالج جذورها، بل جرى الالتفاف عليها بالقمع وتغييب المشاركة الشعبية.

وفي ظل غياب الحل السياسي، تغيب الثقة، وتتآكل الرقابة، ويتحوّل التشريع إلى أداة شكلية، ما يفتح الباب واسعًا أمام الفساد الذي يتكرر توثيقه سنويًا في تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية، دون محاسبة حقيقية أو إصلاح جذري.

وتجربة “برنامج التوازن المالي” بين 2018 و2022، ثم تمديده إلى 2024، كانت مثالًا صارخًا على هذا الفشل.

فالخطة التي رُوّج لها باعتبارها طوق النجاة، انتهت بزيادة العجز بدل تقليصه، وبتسريح المواطنين عبر التقاعد “الاختياري”، وتقليص الدعم، دون المساس بمراكز الهدر الحقيقية. وبدل أن يتحقق التوازن، ارتفعت المصروفات، واستمر العجز، وتضاعفت الديون.

في المقابل، يعاني سوق العمل من اختلال فادح. فالأرقام الرسمية تشير إلى وجود أكثر من 17 ألف عاطل عن العمل، بينهم أكثر من 10 آلاف جامعي في تخصصات حيوية، في وقت يسيطر فيه العمال الأجانب على نحو 80% من سوق العمل.

فقد حول هؤلاء العمال وحدهم مليار دينار إلى الخارج في عام واحد، بينما ترفض الحكومة فرض أي رسوم أو ضرائب على هذه التحويلات، وترفض كذلك تشريعات تفرض نسبًا ملزمة للبحرنة. إنها سياسة واضحة: تهميش المواطن لصالح رأس المال الأجنبي، مهما كانت الكلفة الاجتماعية.

كما أن انعكاسات هذا المسار لا تتوقف عند الأرقام، بل تطال الحياة اليومية للبحرينيين.

فتخفيض التصنيف الائتماني يعني ارتفاع كلفة الاقتراض، وضغطًا أكبر على الميزانية، وانعكاسًا مباشرًا على التعليم والصحة والخدمات. أي أن المواطن يدفع ثمن الفساد وسوء الإدارة مرتين: مرة من دخله، ومرة من جودة حياته.

والمفارقة أن دولًا في الإقليم، مثل سلطنة عمان، واجهت تحديات مشابهة، لكنها اختارت مسار الإصلاح الحقيقي، ونجحت في خفض دينها العام بشكل ملموس. أما البحرين، فما تزال تهرب إلى الأمام، عبر تسويق “الإقامة الذهبية” وتخفيض كلفتها، وبيع ما تبقى من الأرض والعقار، بدل معالجة الخلل من الداخل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى