Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
فساد

اقتصاد على حافة الانهيار: صندوق النقد يدق ناقوس الخطر والفساد يثقل كاهل البحرين

في تحذير جديد يعكس عمق الأزمة البنيوية التي يعيشها اقتصاد البحرين، دعا صندوق النقد الدولي المنامة إلى التحرك “بسرعة أكبر” لإصلاح أوضاعها المالية المتدهورة، في وقت تتصدر فيه المملكة الصغيرة قائمة الدول الخليجية الأكثر مديونية، وسط نظام اقتصادي مأزوم وهيمنة سياسية تُفرغ أي إصلاح من مضمونه.

وقال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إن البحرين بحاجة ملحّة إلى تسريع برنامج الإصلاحات المالية، وتنويع إيرادات الحكومة، وخفض الإنفاق العام، مع الإبقاء على سياسة مالية “مشددة”، من أجل توجيه رسالة طمأنة إلى المستثمرين بأن الحكومة جادة في التعامل مع انفلات الدين العام.

غير أن هذه النصائح، التي تتكرر منذ سنوات، تصطدم بواقع سياسي واقتصادي تُهيمن عليه شبكات الفساد والمحسوبية، وتُدار فيه المالية العامة بمنطق الترقيع لا الإصلاح.

فقد خفّضت وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال ريتينغز الشهر الماضي التصنيف الائتماني للبحرين إلى مستوى أعمق ضمن فئة السندات عالية المخاطر، في إشارة واضحة إلى تزايد المخاوف من قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها.

وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي مرشحة للارتفاع إلى 139% بحلول عام 2028، وهو رقم صادم في منطقة تعتمد تاريخيًا على الفوائض النفطية.

ويرى مراقبون أن هذا التضخم في الدين نتاج سياسات مالية فاشلة استمرت في البحرين لسنوات، حيث توسّع الإنفاق غير المنتج، وتراجعت كفاءة إدارة الموارد، فيما غابت الشفافية والمساءلة عن كيفية توجيه القروض والمساعدات، خاصة تلك القادمة من الحلفاء الخليجيين.

وتروّج الحكومة البحرينية لرواية رسمية مفادها أنها نجحت في جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة الإيرادات غير النفطية. لكن الأرقام على الأرض تكشف هشاشة هذا الادعاء.

فالاقتصاد البحريني لا يزال ريعيًا بامتياز، يعتمد على النفط والدعم الخارجي، مع محاولات محدودة لتجميل الصورة عبر قطاعات خدمية لا تولّد قيمة مضافة حقيقية ولا فرص عمل مستدامة.

وحتى ما يُسمّى “تنويع الإيرادات” غالبًا ما يأتي على حساب المواطنين، عبر رفع الضرائب غير المباشرة، وزيادة الرسوم، وتقليص الدعم، بينما تبقى الامتيازات الواسعة للنخب السياسية والاقتصادية بمنأى عن أي تقشف. النتيجة: عبء متزايد على الطبقة الوسطى، واتساع الفجوة الاجتماعية، وتآكل القدرة الشرائية.

والمشكلة الأعمق لا تكمن فقط في الأرقام، بل في طبيعة النظام الحاكم الذي يدير الاقتصاد بعقلية أمنية لا تنموية. فالفساد في البحرين ليس حالات فردية، بل نمط حكم، حيث تتداخل السياسة بالمال، وتُمنح العقود والمشاريع الكبرى لشبكات مرتبطة بالسلطة، دون منافسة حقيقية أو رقابة فعّالة.

وبحسب المراقبين فإن هذا الواقع يُضعف ثقة المستثمرين، مهما حاولت الحكومة الترويج لبيئة “جاذبة”، لأن رأس المال لا يبحث فقط عن الحوافز الضريبية، بل عن استقرار مؤسسي، وقضاء مستقل، وقواعد لعب واضحة—وهي عناصر تفتقر إليها البحرين في ظل قمع سياسي واسع، وبرلمان منزوع الصلاحيات، وإعلام مُقيَّد.

ويزداد الوضع تعقيدًا مع عجز البحرين عن منافسة جيرانها الأكبر حجمًا، مثل السعودية والإمارات، في استقطاب الاستثمارات والكفاءات.

فبينما تضخ الرياض وأبوظبي مئات المليارات في مشاريع عملاقة مدعومة بثقل سياسي واقتصادي، تجد البحرين نفسها عالقة بين دين متضخم واقتصاد محدود ونظام سياسي طارد للكفاءات.

ويعترف مسؤولون بحرينيون، ضمنيًا، بهذا المأزق، لكنهم يواصلون الرهان على الدعم الخارجي بدل إجراء إصلاحات جذرية تمس بنية الحكم والفساد. هذا الرهان، كما يحذّر اقتصاديون، قد يشتري الوقت، لكنه لا يشتري الاستقرار.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 + أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى