سلطة مطمئنة ومجتمع خائف في البحرين وسط تدهور حاد في حرية الصحافة

أطلقت رابطة الصحافة البحرينية تقريرها السنوي الخامس عشر تحت عنوان لافت: *”البحرين 2024: سُلطة مطمئنة ومجتمع خائف”* بما يعكس جوهر واقع حرية التعبير في البلاد، حيث تواصل السلطات البحرينية إحكام قبضتها على المجال العام، مقابل بيئة اجتماعية مشحونة بالخوف والرقابة الذاتية.
ويُسلّط التقرير الضوء على التناقض الصارخ بين اطمئنان الحكومة المدعومة بمنظومة قوانين تقيها من أي مساءلة أو نقد، وبين المواطنين الذين يواجهون تهديدًا دائمًا من الملاحقة القانونية أو الاعتقال نتيجة التعبير عن آرائهم، خصوصًا على منصات التواصل الاجتماعي.
في عام 2024 وحده، وثقت الرابطة نحو 100 انتهاك بحق صحفيين ونشطاء، ليرتفع العدد الإجمالي منذ احتجاجات 2011 إلى نحو 2000 انتهاك.
وشملت الانتهاكات استدعاءات تعسفية، تهديدات، تعهدات بعدم الكتابة، وحتى تلفيق تهم جنائية. كما رُصدت اتهامات فضفاضة مثل “ازدراء رموز دينية”، “إساءة استعمال وسائل التواصل”، و”المساس بالنسيج المجتمعي”.
وفيما رحّبت الرابطة بالعفو الملكي الذي شمل إطلاق سراح صحفيين ومصورين مثل محمود الجزيري ومصطفى ربيع، إلا أنها شددت على أن الإفراجات الانتقائية لا تعالج جوهر المشكلة، المتمثل في غياب الضمانات القانونية لاستقلال الصحافة وحرية التعبير.
وفضح تقرير الرابطة ما وصفه بـ”الاستراتيجية الممنهجة” لتكميم الأفواه، عبر إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، التي لا تكتفي بملاحقة المنشورات وإنما تفرض على النشطاء تعهدات خطية بعدم الكتابة أو النقد. كما يُحذر التقرير من التوسع في إجراءات فصل الموظفين، منع السفر، وسحب الجنسية، كأساليب لإسكات الأصوات المعارضة.
وفي ختام تقريرها، طالبت الرابطة الحكومة البحرينية بوقف جميع الملاحقات التعسفية، فتح المجال الإعلامي للرأي المعارض، وإنهاء احتكار الدولة لوسائل الإعلام، داعيةً الأمم المتحدة والدول الصديقة إلى التدخل والضغط لحماية حرية الصحافة في البلاد، قبل أن تتحول “الطمأنينة السلطوية” إلى قمع كامل للمجتمع.
ودعت الرابطة كبار المسئولين في النظام الخليفي إلى النظر في هذه الانتهاكات والتحقيق فيها واتخاذ ما يلزم من إجراءات لإيقافها والحد من تغول بعض مؤسسات الدولة ومخالفتها لأحكام الدستور والقانون.
كما طالبت الرابطة الأمم المتحدة والدول الصديقة للبحرين وكافة المنظمات والهيئات الدولية المعنية بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والإعلام للتدخل العاجل وممارسة الضغط على الحكومة البحرينية من أجل:
الإفراج الفوري دون قيد أو شرط عن جميع الإعلاميين ونشطاء المجتمع المدني المحتجزين بسبب مزاولتهم عملهم أو ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير وإعادة الجنسية لجميع الصحافيين والنشطاء السياسيين المُسقطة جنسياتهم.
تبني سياسة حكومية أكثر جدية وانفتاحًا تجاه حقوق الصحافيين ونشطاء المجتمع المدني في ممارسة حقوقهم الدستورية والقانونية في التعبير عن الرأي وممارسة حق النقد دون خوف أو استهداف.
إيقاف الملاحقات والاعتقالات التعسفية والمحاكمات القضائية بتهم “التحريض على كراهية النظام” و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي” وكل ما يتصل بالحد من حرية الرأي والتعبير في البلاد.
فتح الحريات الإعلامية والصحافية في البلاد وإعادة النظر في أولويات عمل الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني خاصّة ما يتعلق بصلاحيتها في الرقابة على مغردي الإنترنت بما يضمن التأكد من التزامها بأحكام الدستور والقانون. كذلك الإيعاز للسلطات في التحقيقات الجنائية إلى ضرورة الالتزام بأحكام القانون والتوقف عن إساءة استخدام السلطة وتهديد المواطنين والنشطاء ومصادرة حقوقهم السياسية والمدنية.
إنهاء احتكار السلطة للإعلام التلفزيوني والإذاعي والمكتوب وفتح وسائل الإعلام للرأي الآخر المعارض.
دعوة مقرر الأمم المتحدة الخاص بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير إلى جدولة زيارة عاجلة إلى البحرين.