التهم الفضفاضة تلاحق المعارضين في البحرين.. بدءا من التشهير وانتهاء بالموت
تستهدف سلطات البحرين بشكل ممنهج ومستمر المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين في البلاد من أجل الانتقام والترهيب والعقاب عبر توجيه تهم فضفاضة لهم ترفضها منظمات حقوقية.
وسلكت السلطات منهج القمع الأمني الوحشي لردع أو إسكات التحقيق والإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان تجاه النشطاء السياسيين.
بغرض السيطرة على الآراء الداعية إلى الإصلاح، وتهديد وتخويف الجمهور من متابعة حسابات المدافعين عن حقوق الإنسان.
وكعقاب لهم على انخراطهم في احتجاجات 2011 المطالبة بإصلاحات ديمقراطية، باتت السلطات تستخدم السجناء السياسيين كرهائن.
حيث زجت بالآلاف منهم في سجون سيئة السمعة، وخرج من بين هؤلاء نحو 49 جثثا هامدة إلى المقابر، نتيجة الإهمال الطبي واستخدام أساليب تعذيب وحشية.
كان آخرهم وفاة السجين السياسي حسين بركات في سجن جو المركزي هذا الشهر، بعد أسابيع قليلة على قتل الناشط عباس مال الله بالسجن ذاته.
كما لم تسلم النساء من القمع والعقاب. إذ زجت قوات النظام بالعشرات منهن في السجون، وتعرضت بعضهن للتحرش الجنسي والاغتصاب، كما وثقت شهادات حقوقية.
ويتخذ الانتقام من المعارضين أشكالًا عديدة بدءً من حملات التشهير والتهديد، وحظر السفر، والمضايقات والغرامات، وإغلاق المؤسسات، والعنف الجنسي.
وكذلك الاعتقالات التعسفية والملاحقات القضائية وأحكام السجن لفترات طويلة مع التعذيب وسوء المعاملة وحتى الموت.
وأصبح قسم مكافحة الجرائم الإلكترونية داخل مديرية التحقيقات الجنائية في وزارة الداخلية بارعاً خصيصاً في مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي.
وتوجيه الاتهامات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم بناءً على أي تعبير عن المعارضة.
ويستخدم القسم القوانين الفضفاضة والغامضة مثل نشر “أخبار كاذبة”، “إهانة هيئة نظامية”، أو “النيل من هيبة” البحرين.
وقد أصبحت مثل هذه القوانين تتخذ كذريعة لقمع أي شكل من أشكال المعارضة.
وتوجه السلطات للمعارضين تهم فضفاضة ترفضها المنظمات الحقوقية.
ومن تلك التهم: “بث روح الفتنة بين مكونات المجتمع البحريني”، نشر “أخبار كاذبة”، “إهانة هيئة نظامية”، أو “النيل من هيبة” البحرين.
وبينما تؤكد السلطات البحرينية أن الأحكام ضد المعارضين والناشطين تصدر عن قضاء مستقل، تندد منظمات دولية.
على غرار هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وخبراء أمميون بما يقولون إنها محاكمات لا تنطبق عليها المعايير الدولية.
وبعد صعود العاهل البحريني الحالي الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى سدة الحكم في 1999، أعلن عن سلسلة إصلاحات، منها إلغاء حالة الطوارئ المعلنة في البلاد منذ 1975، وإعادة الحياة البرلمانية في البلاد.
ما أدى إلى دخول الأحزاب الشيعية المعارضة الانتخابات، وفوزها بأغلبية مقاعد آخر انتخابات برلمانية قبل احتجاجات عام 2011.
لكن هذه الإصلاحات كانت مجرد محاولة من النظام لذر الرماد في العيون، وإطالة أمد القمع، بحسب ما يقول ناشطون بحرينيون.
انفجرت احتجاجات فبراير/ شباط 2011 بوجه النظام الملكي، حيث طالبت المعارضة البحرينية، في البداية، بتطبيق ما تم التوافق عليه من إصلاحات قام النظام الملكي بالنكوص عنها.
لكن تعامل السلطات الأمنية الوحشي مع التظاهرات أدى للمطالبة بإسقاط النظام.
وجاءت التحركات الشعبية في البحرين في خضم موجة الربيع العربي، وهو ما عزز من مخاوف النظام البحريني، وكذلك أبرز داعميه السعودية والإمارات.
وأمام الخشية من تصاعد احتجاجات المعارضة، خصوصاً بعد نجاح اعتصام دوار اللؤلؤة، اتخذ القرار بالتدخل المباشر من قبل القوات السعودية والإماراتية لقمع الاحتجاجات.
ودخلت القوات حدود البحرين في منتصف مارس/آذار 2011، وقامت بإعادة فض اعتصام دوار اللؤلؤة مرة جديدة (المرة الأولى كانت على أيدي القوات البحرينية في 17 فبراير) وهدم الدوار بالكامل.
كما تورطت في قتل عشرات المتظاهرين ودهسهم بالآليات العسكرية، السعودية والإماراتية.
وأعلنت حالة الطوارئ من جديد، وبدأت السلطات البحرينية، بمعاونة فرق أمنية وقانونية سعودية وإماراتية، اعتقال الآلاف من المعارضين البحرينيين، بينهم أطفال وكبار في السن.
واتهمتهم بالولاء لإيران ومحاولة تغيير نظام البلاد عسكرياً وإشعال الطائفية في البلاد.
واعتقلت السلطات البحرينية جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد، ومنهم عضو المجلس الاستشاري في منظمة “هيومن رايتس ووتش” نبيل رجب.
الذي حكم عليه بالسجن قبل أن يحصل على عفو ملكي، ومن ثم حكم عليه في عام 2018 بالسجن مرة أخرى لمدة 5 سنوات.
ولم تكتف السلطات بملاحقة الناشطين والمعارضين والمحتجين وسجنهم، بل إنها انتهجت نهجاً آخر، تمثل في سحب الجنسيات من كبار المعارضين.
ومنهم رجل الدين البارز عيسى قاسم، الذي كان عضواً في المجلس الوطني “مجلس نيابي منتخب” في عام 1973، وأحد مؤسسي دولة البحرين الحديثة.
كما قامت بسحب الجنسيات من المئات، وترحيلهم إلى إيران عبر قوارب وسفن أو طائرات ذهاب بلا عودة.