تحذيرات من تمرير مشبوه لقانون التقاعد المجحف في البحرين
حذرت مصادر سياسية ونقابية في البحرين من تمرير مشبوه من النظام الخليفي عبر مجلس النواب التابع له لقانون التقاعد المجحف في جلسة سرية على الرغم مما يلقاه من معارضة واسعة.
وقالت المصادر ل”بحريني ليكس”، أن محاولة تمرير مشروع التقاعد بصورة مفضوحة واستغلال توقيت سفر بعض النواب الرافضين لهذا المشروع المجحف وهم في رحلات علاج أو عمل دون أي اعتبارات إنسانية أو مجتمعية له انعكاسات مسيئة لمجلس النواب وللديمقراطية.
وحظيت حملة الكترونية في البحرين ضد قانون التقاعد الجديد بتفاعل واسع وتصدرت الترند في المملكة في وقت فضحت فساد النظام الحاكم.
وتم إطلاق الحملة #لا_لإفقار_المتقاعدين للتأكيد على رفض قانون التقاعد الجديد وسط إجماع أن إقراره سيؤدي إلى انتشار البطالة والفقر وأن الأولى محاسبة من تسبب في وصول صناديق التقاعد إلى درجة الإفلاس.
وقال المغردون إن اختفاء ملايين من صندوق التقاعد في مشاريع حكومية غير ناجحة لا يتحملها الشعب ولا المواطن وأنه يجب محاسبة المسؤولين في النظام البحريني.
وأضافوا أنه يتوجب محاسبة من تسبب بعجز صندوق التقاعد وليس المساس بمستحقات وأرزاق المواطنين باعتبار ذلك الحل الأسهل للنظام الحاكم في المنامة.
وقبل أيام حذرت جمعيات سياسية في البحرين من مغبة إقرار التعديلات لمشروع قانون التقاعد، مطالبة بموقفٍ وطنيّ واسعٍ رافض للمساس بمكتسبات المشتركين والمتقاعدين.
جاء ذلك في بيان مشترك وقع عليه كل من “المنبر التقدّمي، التجمّع القوميّ، تجمّع الوحدة الوطنيّة، المنبر الوطنيّ الإسلاميّ، التجمّع الوحدويّ، الوسط العربيّ، جمعيّة الصفّ الإسلاميّ، التجمّع الوطنيّ الدستوريّ”.
وقالت الجمعيات في البيان إنها “فوجئت بالتصريحات التي أعقبت اجتماع الوفد الحكومي بكل من مجلسي النواب والشورى، والتي أشارت إلى توافقهم في الحفاظ على المعاش التقاعديّ ومدّ عمر الصناديق التقاعديّة، وهي تصريحات تشي بالتوجّه نحو إقرار التعديلات المقدّمة من الحكومة على قانون التأمينات الاجتماعية”.
واستنكرت الجمعيات التصريحات الصّادرة عن مجلسي النّواب والشورى، اللذين يفترض بهما الدفاع عن حقوق المواطنين ومكتسباتهم.
وأكدت الجمعيات على رفضها للتعديلات الحكومية المقدّمة على قانون التقاعد في البحرين، والذي ينطوي على سلب المتقاعدين والمشتركين العديد من الحقوق والمكتسبات الجوهريّة، مثل الزيادات السنويّة ووقف التقاعد المبكر وزيادة عمر التقاعد، وزيادة نسب الاشتراكات التقاعدية.
وذكرت أن “هذه التعديلات وغيرها، تعكس مرة أخرى إصرار الحكومة على تحميل المواطن، أعباء الأضرار التي ألحقتها سياساتها الخاطئة في إدارة واستثمار أموال المتقاعدين.
وكان آخر ذلك تحميل هذه الصناديق أعباء دفع الرواتب التقاعديّة، لأعضاء مجلسَي النواب والشورى وحملة التقاعد المبكر للموظّفين قبل سنوات قليلة.
وشددت الجمعيات على ضرورة إعادة النّظر في هذه التعديلات المقترحة، في ظلّ ما ستلحقه من مخاطر على مجمل الوضعين الاجتماعي والمعيشي، إلى جانب تداعيات “جائحة كورونا” وزيادة العاطلين عن العمل.
وكذلك رفع الدّعم عن الكثير من السلع الاستهلاكية الأساسية، وزيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 10% وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكيّة، وبالتالي معدّلات التضخم في البحرين.
وحذرت الجمعيات أعضاء مجلسَي النّواب والشّورى، من تمرير هذا المشروع الخطير، وطالبتهم برفضه وعدم ارتكاب خطيئة لا تغتفر، بحق مصالح ومكتسبات المواطنين والأسر بمختلف شرائحهم وفئاتهم، والاستعاضة عن ذلك بإعادة طرح ملفّ التأمينات الاجتماعية، وإصلاح نظام التقاعد في البحرين.
وحثت الجمعيات جميع القوى السياسيّة ومؤسّسات المجتمع المدنيّ، والنقابات والاتحادات العماليّة، على الوقوف بوجه هذا المشروع الخطير، الذي سيؤدي إقراره إلى تعميق الأزمة الاجتماعية والمعيشية للمواطنين.
وتشهد صناديق حكومية في البحرين اختلاسات مالية ممنهجة دون رقيب في ظل تورط كبار المسئولين في النظام الحاكم بعمليات الفساد.
وصرح رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الشوري خالد المسقطي، أنه “رغم مرور 15 عامًا من إنشاء الصندوق عام 2006 لم نتمكّن من الوصول إلى الحساب الختامي للصندوق”.
وذكر المسقطي أن إيرادات الصندوق خلال العامين الماضيين حتى 2020 بلغت 830 مليون دينار قد تم الاستفادة منها في عدة أمور ومنها تعويض أجور البحرينيين في الجائحة عبر مبلغ 230 مليون من إيرادات الصندوق، تمّت بواقع 215 مليون لدعم أجور البحرينيين بينما 340 مليون دينار ذهبت للعاملين المتضررين من قطاعات معينة.
وأشار المسقطي إلى أنه “تم اكتشاف تحصيل الصندوق سنويًا يصل إلى 59 مليون دينار وبحسبة بسيطة أن مصروفاته تقدّر بـ10 مليون دينار سنويًا، أي أنه لا يزال هناك أكثر من 40 مليون دينار في هذا الحساب عبر إيرادات معتمدة من أصحاب العمل والعامل نفسه إلى جانب مساهمة الحكومة، مما يعني أن هذا الصندوق ليس له تاريخ انتهاء أو صلاحية”.
وشدد المسقطي على “ضرورة تفعيل مواد إنشاء الصندوق، والتي تنصّ على وجود مدقّق خارجي وحساب منفصل تحت إدارة (هيئة) التأمينات لهذا الحساب إلا أنه حتى العام 2020 لا يوجد حساب منفصل لذلك يستدعي الأمر حسابًا ختاميًا كونه مالاً عامًا لابد من إبداء الملاحظات واعتماد نشره في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين محليتين للوصول إلى معرفة الحساب وما يحتويه من أموال”.
ومؤخرا أبرزت دراسة صادرة عن معهد دول الخليج العربية في واشنطن أن غياب الإصلاح المالي في البحرين يهددها بانهيار شامل.
وقالت الدراسة إن البحرين تجمع بين المستويات المرتفعة من الدين الحكومي وحالة الإصلاح المالي غير المؤكدة، لكن الدعم الخارجي السابق من الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية – بالإضافة إلى احتمالية حزم المساعدات الاقتصادية المستقبلية – ساعد البلد الصغير في الحفاظ على إمكانية الوصول إلى أسواق رأس المال.
ونبهت الدراسة إلى أن آجال استحقاق الديون السيادية الخارجية بمليارات الدولارات تلوح في الأفق بالنسبة للبحرين على مدى السنوات المقبلة، لكن سيكون أمامها، خيار إعادة تمويل هذا الدين أو إعادة هيكلته.
ويرى مراقبون أن كل من الإمارات والسعودية تتعمدان إغراق البحرين بالديون الخارجية من أجل ضمان استمرار ولاء نظامها الحاكم المتورط بفضائح فساد مالي وإهدار لمقدرات المملكة.
ومؤخرا انعقد اجتماع ضم وزراء مالية السعودية، والإمارات، والكويت والبحرين إلى جانب صندوق النقد العربي؛ لبحث برنامج التوازن المالي، إلا أن شيئًا ملموسًا لم يرشح عنه.
إذ كررت الدول الثلاث دعمها لخطط البحرين لاستعادة التوازن المفقود لميزانيتها العامة، إلا أن البيان الصادر عن الاجتماع الذي جرى الثلاثاء (19 أكتوبر 2021) لم يكشف عن استئناف صرف المساعدات المقررة وفق البرنامج.
وكانت الدول الثلاث قد تعذَّرت عن الوفاء بالتزاماتها المقررة في البرنامج بسبب الآثار الاقتصادية والمالية التي خلّفتها تأثيرات جائحة كورونا.
وكان مقررا وفق البرنامج أن تقوم الدول الثلاث بصرف دفعة مساعدات تبلغ 1.76 مليار دولار (سبتمبر 2020)، غير أن الدول الثلاث أبلغت البحرين بتأجيل تلك الدفعة.
ويُعتقد أن البيان سيساعد البحرين على الوصول إلى أسواق المال للحصول على المزيد من الديون على الرغم من تعثر البرنامج وتضخّم الدين العام، إلا أن ذلك لا يحل مشكلتها المالية المستعصية.
وارتفع الدين العام في البحرين إلى 133٪ من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي من 102٪ في 2019، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
وتمثل فوائد الدين العام أكثر بند في ميزانية البلاد، حيث يذهب أكثر من ثلث الميزانية لسداد الفوائد على الديون العامة.
وخصصت الحكومة البحرينية نحو 700 مليون دينار هذا العام لهذا البند، ومن المتوقع أن تبلغ مخصصاته العام المقبل 740 مليون دينار.
وقالت الحكومة الشهر الماضي إنه بسبب أزمة فيروس كورونا العام الماضي، أجلت العام المستهدف لميزانية متوازنة إلى 2024، وأعلنت عن خطط لزيادة ضريبة القيمة المضافة لتعزيز خزائن الدولة.
وتتوقع ستاندرد آند بورز أن يصل عجز ميزانية البحرين، الذي كان 16.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، إلى 5٪ في المتوسط بين عامي 2021 و2024، باستثناء تأثير الزيادة المحتملة في ضريبة القيمة المضافة.
ولا يتوقع محللون أن تصل البحرين إلى ميزانية متوازنة من دون تنويع وزيادة مصادر الدخل إلى جانب وقف الفساد وتخلي العائلة الحاكمة عن امتيازاتها.
ويشدد المراقبون على أن مساعدة البحرين في اقتراض المزيد من الأموال ليس كافيا لمعالجة الأزمة الأساسية وهو وصول الدين لمستويات قياسية، مما يراكم الالتزامات على المالية العام سنويا.
فالبحرين بحاجة إلى رؤية جديدة ترتكز على إمكانياتها الداخلية بعيدا عن الاعتماد على دول الجوار، خصوصا مع عدم التزامها بالاتفاق الذي تم توقيعه 2018.
ومؤخرا قالت جمعيّة التجمّع القوميّ إن ناقوس خطر الفقر يدق أجراسه في البحرين، بعد أن بلغ مراحل متقدّمة، فهو لا يتمثّل فقط في مستوى المعيشة في المملكة.
وأكدت الجمعيّة في بيانٍ لها بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على الفقر، أن ذلك يتمثل في تدني وغياب الفرص المتساوية في فرص العمل وخدمات التعليم والصحّة والسكن، وارتفاع مؤشّر الفساد وانتشار البطالة وغياب التخطيط الاستراتيجي، بجانب ضبابية خطة التنمية المستدامة في رؤية 2030.
وذكرت الجمعية أنه “في ظل تغييب متعمد لتعريف واضحٍ للفقر في البحرين، وعدم الاعتراف الرسمي بوجوده، ثقل كاهل المواطنين بالكثير من الأعباء ومن بينها الدّيون، وزاد بصورةٍ مضطردة عدد العوائل التي تعتمد في حياتها على المعونات الماليّة، حيث تبلغ نسبتهم نحو 47%، أي نحو نصف المواطنين تقريبًا”، بما يعكس مؤشّرًا قويًا على مستوى الفقر في البحرين.
وأشارت إلى انعكاسات “سياسات الدّولة النيوليبرالية”، التي فتحت السّوق أمام منافسة الرأسمال الأجنبيّ حتى في الأنشطة والحِرَف البسيطة التي يتملّكها المواطنين، وفتحت أسواق العمل أمام تدفق العمالة الأجنبيّة الرخيصة.
يضاف إلى ذلك سياسة التجنيس التي باتت تطال بتأثيراتها البالغة الخطورة ليس محدودي الدّخل فحسب، بل وحتى شرائح الطّبقة الوسطى، مما يوسع من شرائح الفئات المهدّدة بالولوج إلى ما دون خطّ الفقر.
ولفتت الجمعية إلى تداعيات جائحة كورونا وما رافقها من ازدياد البطالة وانخفاض الرواتب ووقف الزّيادات في المعاشات التقاعديّة، ومقترح الحكومة بزيادة قيمة الضّريبة المضافة إلى 10%، من شأنه تعميق منحنى الفقر وتهديد فئاتٍ جديدةٍ بالدّخول تحت مظلّته.
ورأت الجمعية أن الحكومة البحرينية تلجأ إلى حلولٍ ترقيعيّة غير ناجزة، وتتبنّى سياسةً لا تخدم سوى فئات وشرائح اجتماعيّة أبعد ما تكون عن الحاجة للدّعم، مثل سياسة تشجيع القطاع الخاص على المحاصصة النفعيّة أو الانفتاح على الشّركات الأجنبيّة، التي بدل أن تساهم في سدّ النّقص وتوفير فرص العمل وتراكم الخبرات، خلقت أزماتٍ مفصليّة زادت من تفشّي الفقر، مثل البطالة وهجرة رأس المال إلى الخارج، وانحسار دور المواطن في صنع القرار الوطنيّ.
وطالبت بوضع برنامجٍ وطنيّ لمعالجة الأزمات الاقتصاديّة والسياسيّة التي تعاني منها البلاد منذ سنوات، وسياسات وبرامج شفافة ومحوكمة لمكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعيّة وإقامة الدّولة المدنيّة القائمة على المواطَنة المتساوية، عبر تمكين المواطنين من المشاركة الفعليّة في القرار الرسميّ، بصفاتهم الأصليّة والاعتبارية من خلال مكوناتهم السياسية، وإطلاق الحريات السياسية، كذلك عبر بناء مؤسسات تشريعية تتمتع بصلاحيات فعلية حقيقية وأجهزة حكومية نزيهة.