Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
انتهاكات حقوق الإنسان

استغلال ممنهج للعاملات المنزليات المهاجرات في البحرين

وسط غياب الحماية القانونية

رغم ما تروّج له البحرين من شعارات إصلاحية وتحديث لقوانين العمالة، لا تزال العاملات المنزليات المهاجرات في البلاد يتعرضن لاستغلال واسع النطاق، يتسم بطابع مؤسسي وممنهج.

فبقاء نظام الكفالة كالإطار الأساسي المنظّم لوجود العمالة الأجنبية يُبقي العاملات تحت رحمة أرباب العمل، في ظروف تفتقر للكرامة، وتخلو من الحماية القانونية الفعلية.

وبحسب منظمات حقوقية، من بينها “أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” (ADHRB)، فإن نظام الكفالة القائم يُعد جوهر الخلل الذي يؤدي إلى مختلف أنماط الانتهاكات بحق العاملات.

إذ يربط النظام إقامة العاملة بكفيلها البحريني، ما يمنح الأخير سلطة مطلقة تقريباً على حياتها المهنية والشخصية، ويجعل قدرتها على الانتقال من وظيفة إلى أخرى أو مغادرة البلاد مرهونة بموافقته، حتى في حال تعرضها لسوء معاملة.

ظروف ترقى إلى العمل القسري

في كثير من الحالات، تتعرض العاملات المنزليات لساعات عمل مرهقة تمتد أحيانًا إلى أكثر من 15 ساعة يومياً، دون فترات راحة أو أيام إجازة منتظمة.

كما تُحرم العديد منهن من رواتبهن لأشهر أو حتى سنوات، وتُصادر جوازات سفرهن من قِبل أرباب العمل — وهو إجراء غير قانوني رسميًا، لكنه شائع ومنتشر في الممارسة.

وتوثق منظمات حقوقية حالات متكررة من العنف اللفظي والجسدي ضد العاملات، بما يشمل الضرب، والإهانات، والتهديدات بالترحيل أو السجن.

وفي بعض الحالات، يُجبرن على البقاء في منازل العمل في عزلة تامة، دون السماح لهن باستخدام الهاتف أو التواصل مع عائلاتهن، ما يخلق بيئة أشبه بالحبس القسري.

كل هذه الظروف تُصنَّف، بحسب القانون الدولي، ضمن مؤشرات العمل الجبري، وتعد انتهاكاً صارخاً لكرامة الإنسان وحقوقه الأساسية.

حرمان من الحماية القانونية

رغم التزامات البحرين الدولية، لا تزال العاملات المنزليات يُستثنين من الحماية التي توفرها قوانين العمل الوطنية.

فعلى خلاف القطاعات الأخرى، لا يُلزم القانون البحريني أصحاب العمل بتوفير الحد الأدنى من الحقوق مثل عدد ساعات العمل، والحد الأدنى للأجور، والإجازات الأسبوعية، أو تعويضات نهاية الخدمة للعاملات في المنازل.

هذا الإقصاء من الأطر القانونية يجعل العاملات أكثر عرضة للانتهاكات، ويحد من قدرتهن على المطالبة بحقوقهن أمام القضاء، خاصة وأنهن غالباً لا يمتلكن الوعي الكافي بالقوانين، أو القدرة المالية لتوكيل محامٍ، أو حتى الوقت لذلك في ظل ظروف العمل الصارمة.

وتزداد هشاشة وضعهن بفعل عوامل متقاطعة من التمييز، تشمل الجنس، والعرق، والانتماء القومي.

إذ تشكل العاملات من الفلبين، والهند، وسريلانكا، وبنغلاديش النسبة الكبرى من القوة العاملة المنزلية، ويتعرضن لتمييز عنصري ومجتمعي، يُظهرهن كعاملات من الدرجة الثانية، لا يستحقن حقوقًا أو حماية.

تصريحات إصلاحية بدون تنفيذ

خلال السنوات الماضية، أطلقت السلطات البحرينية عدة تصريحات بشأن تحسين أوضاع العمالة المنزلية، ووقّعت على بعض الاتفاقيات الثنائية مع دول المصدر.

غير أن هذه الخطوات بقيت إلى حد بعيد شكلية وغير مُفعّلة، ولم تُترجم إلى تغييرات ملموسة في واقع العاملات.

وعلى سبيل المثال، لم تصادق البحرين بعد على (اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 189)، المتعلقة بالعمال المنزليين، كما لم تتخذ إجراءات واضحة لتنفيذ اتفاقية “سيداو” الخاصة بمكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

الأدهى أن آليات الإنصاف القائمة، مثل تقديم الشكاوى لوزارة العمل أو مراكز الشرطة، غالباً ما تكون غير فعّالة، إذ تخضع العاملات لترهيب أو يتم ترحيلهن قبل البت في شكاواهن. ولا تتوفر آليات مستقلة يمكن اللجوء إليها دون تدخل الدولة، أو ضمانات بعدم الانتقام من الشاكيات.

توصيات حقوقية ومطالب بالإصلاح الجذري

في ضوء هذا الواقع، دعت منظمة ADHRB والمجتمع الحقوقي الدولي إلى اتخاذ جملة من الخطوات العاجلة، أبرزها:

إلغاء نظام الكفالة أو إعادة هيكلته جذريًا بما يضمن استقلال العاملات وإقاماتهن عن أرباب العمل.

توسيع نطاق قوانين العمل البحرينية لتشمل العاملات المنزليات بالكامل، وتكفل لهن نفس الحقوق الممنوحة لباقي فئات العمال.

إنشاء آليات مستقلة لتلقي الشكاوى، تتيح للعاملات تقديم بلاغات دون خوف من الانتقام أو الترحيل.

الشفافية والمساءلة في أنظمة الاستقدام بما في ذلك مراقبة مكاتب الاستقدام ومنع التلاعب بالعقود أو فرض رسوم باهظة على العاملات.

تعزيز التعاون مع دول المصدر لضمان حقوق العاملات قبل وأثناء وبعد فترة العمل في البحرين.

ورغم أن البحرين تسعى إلى تحسين صورتها دوليًا من خلال إصلاحات تجميلية في مجال حقوق الإنسان، إلا أن واقع العاملات المنزليات المهاجرات يكشف استمرار نمط استغلال ممنهج ومؤسسي، تغذيه قوانين عاجزة، ونظام كفالة غير عادل، وغياب الإرادة السياسية للإصلاح الجذري.

حماية هذه الفئة الضعيفة تتطلب أكثر من حملات علاقات عامة؛ إنها تتطلب إرادة قانونية وسياسية حقيقية تضع حقوق الإنسان فوق مصالح الكفيل، وتكسر الصمت المفروض على ملايين النساء اللواتي يعملن خلف أبواب مغلقة، دون حماية أو إنصاف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 − 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى