الفساد وعجز الموازنة.. خطر الانهيار يتفاقم في البحرين
مع استقبال البحرين عام 2023 الجديد، تتزايد التحذيرات من مخاطر الفساد وعجز الموازنة في البلاد في ظل الفشل الحكومي المزمن وتخبط النظام الخليفي الحاكم.
ويبرز المراقبون أن البرنامج الحكومي للعام الجديد مجرد بيان انشائي لا يوجد فيه جداول زمنية وأرقام محددة للكلف المالية ويتجاهل التحديات الرئيسية التي تواجه البلاد.
أبرز تلك التحديات عجز الموازنة والتوازن المالي، إذ لم يحدد البرنامج الحكومي 2023-2026 أي السياسات والاجراءات التي ستتبع لتحقيق التوازن المالي فالنظام الخليفي قد استنفذ في السنوات السابقة القروض.
إذ حصلت #البحرين على 2.3 $مليار في مايو 2019، و 4.5 $مليار في مايو 2020. والباقي في 2021/2022.
ويبرز الاعتماد دائما في البحرين على ارتفاع اسعار النفط، والمشكلة ان في 2023 ستاندرد آند بورز جلوبال توقعت أن “متوسط سعر خام برنت قد يبلغ 87$ للبرميل مع ضعف الطلب بعد أن وصل 100$ في عام 2022″، وإذا لم يرتفع سينعكس سلبا على الموازنة لان سعر التعادل 100$.
كما أن البرنامج الحكومي2023-2026 لم يذكر اية تفاصيل عن زيادة الايرادات غير النفطية، مثلا شركة ممتلكات التي وجدت لهذا الغرض لكنها تعتمد كليا على شركة البا التي حققت 452 مليون دينار نهاية 2021 ووزعت بعضها على خسائر بعض الشركات فتبقى 329 مليون دينار هي أرباح ممتلكات ولم تحصل الموازنة إلا 20 مليون دينار.
والبرنامج الحكومي2023-2026 لم يذكر الدين العام رغم خطورته الذي وصل 14 مليار دينار، فيما المشكلة أنه لا يوجد قانون خاص بالدين العام يراقب ويمنع اقتراض مبلغ أكبر من عجز الموازنة.
كما أن تقرير ديوان الرقابة 2013/2014 تساءل لماذا القرض أكبر من العجز واين ذهب المبلغ المتبقي 585 مليون دينار.
وعليه إذا توقف المارشال الخليجي وتأرجحت أسعار النفط، لا خيارات الا الضبط الجدي على المصروفات غير الضرورية وضريبة ارباح الشركات كما هو معمول به في دول الجوار.
أما القروض فليس بخيار بعد وصول الدين العام لمرحلة الخطر ولا ينبغي فرض أي ضريبة على المواطنين بل يجب زيادة الدعم الحكومي.
وبفعل فساد النظام الخليفي وكبار المسئولين فيه، سجلت البحرين عجز قياسيا في الموازنة العامة فيما تجاوز الدين العام فوق سقف الاقتراض.
فقد بلغ عجز الموازنة في البحرين 953 مليون دينار (2.5 مليار دولار)، خلال السنة المالية 2021، رغم زيادة الإيرادات بنسبة 26% على أساس سنوي إلى 2 مليار و615 مليون دينار (5.5 مليار دولار).
وكشف بيانات الحساب الختامي للدولة الخليجية بلوغ إجمالي المصروفات نحو 3.368 مليارات دينار (نحو 9 مليارات دولار)، بانخفاض قدره 5% عن 2020.
وبلغت الإيرادات النفطية 68% من حجم الإيرادات، فيما حققت الإيرادات غير النفطية 32% في العام 2021.
وزادت الإيرادات بنسبة 9% عن الميزانية المعتمدة، فيما بلغ عجز الموازنة العامة 953 مليون دينار (2.5 مليار دولار)، مقارنة بـ1.671 مليار دينار (نحو 4.5 مليار دولار) خلال 2020.
فيما زاد إجمالي الدين الحكومي إلى 16.864 مليار دينار (نحو 45 مليار دولار) خلال 2021، مقابل 14.955 مليار دينار (39.75 مليار دولار) في 2020.
وبلغت نسبة الدين العام للدولة 115.4% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، وشكلت القروض الخارجية 67% من إجمالي القروض للسنة المالية 2021، فيما شكلت القروض المحلية 33%.
وكشف الحساب الختامي الموحد للدولة للسنة المنتهية 2021 أن الدين العام (مجموع القروض الداخلية والخارجية) قد تجاوز 16.863 مليار دينار بحريني. يعني ذلك أن الحكومة قد كسرت سقف الاقتراض الرسمي الذي حددته بموجب أحكام المرسوم بقانون رقم (27) لسنة 2020 بألا يتجاوز سقف الدين العام مبلغ 15 مليار دينار.
وهو يعني بوضوح أكبر أنّ الحكومة فشلت في إدارة الدين العام وفشلت في إدارة خطة ترشيد الإنفاق والتقشف التي وضعتها، حين تتجاوز سقف الاقتراض فأنت فشلت في إدارة مالية البلاد رغم الخطوات التي أعلنتها.
ليست هذه أول مرة تتجاوز الحكومة الدين العام، بل إن الحقيقة التي لم تعلنها إن الدين العام تم تجاوزه منذ فترة طويلة ولكن عبر خطة مواربة.
سمحت الخطة المواربة لشركات الدولة الكبرى بالاقتراض المباشر وإصدار الصكوك مثلما فعلت شركة بابكو، ومثلما فعلت لاحقا الشركة القابضة للنفط والغاز التي يديرها ناصر بن حمد شقيق رئيس الحكومة، فقد اقترضت هذه الشركة ما لا يقل 600 مليون دولار، وكذلك فعلت شركات حكومية أخرى، ولم تدخل عمليات الاقتراض هذه ضمن الدين العام.
لكن، ما أسباب هذا التدهور المالي الكبير في البحرين رغم الارتفاع الكبير في أسعار النفط؟
الأسباب هي الهدر المالي، ومن أهم أشكاله الفساد والسرقات فهناك أموال لا أحد يُعرف لماذا تم اقتراضها ولا أين ذهبت، يقول مصدر اقتصادي إن وضع الفساد وصل في البلد إلى تحويل الأموال بشكل مباشر لصناديق مالية خاصة تعود في نهاية المطاف لعلية القوم في العائلة الحاكمة.
ويبقى السؤال الكبير في أذهان المواطنين: لماذا تستمر حكومة البحرين في إصدار الصكوك والاقتراض رغم ارتفاع أسعار النفط وارتفاع حجم السيولة المتأتية من بيع النفط بشكل كبير؟
في باب الإيرادات أظهر الحساب الختامي للعام 2021ارتفاعا بنسبة 26% عن سنة 2020 فقد تحققت إيرادات بلغت 2615 مليون دينار في 2021 بينما جاءت إيرادات 2020 بنحو 2082 مليون دينار، فارق يوضح حجم الزيادة المتأتية من النفط من جهة، ومن فرض ضريبة القيمة المضافة إضافة لفرض الرسوم على كثير من الخدمات خصوصا الارتفاع المضطرد لأسعار الكهرباء.
الأهم والأخطر في هذا المجال، هو الخبر الذي مرّ يوم 19 من الشهر الجاري بهدوء وسط انشغال الناس بضجيج كأس العالم، وهو وصول مذكرة حكومية لمجلس النواب، قالت فيها الحكومة إنها تقوم حاليًا بدراسة شاملة ومستفيضة حول سياسات الدعم الحكومي بكافة أبعادها، وأنّ الدراسة تشمل توحيد الإعانات المقدمة للمواطنين.
لغة المذكرة تكشف بشكل قاطع انعدام التوجه الحكومي نحو إلغاء الضرائب أو تخفيض الرسوم، أو اتخاذ إجراءات تحسّن معيشة المواطنين أسوة بجيرانهم الخليجيين، وهناك قلق من أن تمس الحكومة ببرامج المساعدات التي يحصل عليها الأُسر الفقيرة.
فالمذّكرة هدفها كما يبدوا فتح النقاش وتعيد النظر في المساعدات والإعانات المستحقة للفقراء وللمواطنين ذوي الدخل المحدود. فهل قررت الحكومة مداواة فشلها في إدارة مالية البلاد عبر جيوب المواطنين؟