مصرع الجنود البحرنيين: تساؤلات مشروعة يتحاشاها الخليفيون
فجعت البحرين مؤخرا بمصرع عدد من أبنائها الجنود في حرب اليمن الجائرة والتي ليس للبحرين أو شعبها فيها ناقة ولا جمل.
وبلغ عدد الذين فقدوا حياتهم في تلك الحادثة التي وقعت بمنطقة جازان على الحدود السعودية اليمنية أربعة على الأقل، وهناك عدد من الجرحى ما يزالون في المستشفيات.
وقالت حركة أحرار البحرين الإسلامية إن هؤلاء الضحايا لم يذهبوا للحرب طوعا، بل أجبروا على خوض حرب خطط لها غيرهم لأهداف سياسية مقيتة.
وبحسب الحركة أصرّ الطاغية الخليفي على الاستمرار في تعريض حياة الجنود البحرانيين للخطر، فلم يسحب تلك القوات من تلك الحرب الجائرة حتى بعد ان هزمت قوات التحالف التي شنت العدوان على اليمن في 26 مارس 2015.
تلك الحرب التي كانت السعودية تروّج أنها ستنتهي في غضون أسابيع بسحق من أسموهم “المتمردون الحوثيون” استمرت حتى الآن أكثر من ثمانية أعوام وتكبّد المعتدون فيها خسائر هائلة في الأرواح والمعدّات.
أربعة عشر دولة تحالفت لشن العدوان، وبينها قوات أمريكية وبريطانية، ولكنها سحقت أمام اليمنيين الذين وجدوا أنفسهم في بداية الأمر يتلقون الضربات القاتلة بدون رحمة.
ولكنهم سرعان ما استعادوا المبادرة ونقلوا الحرب إلى العمق السعودي حتى وصلت صواريخهم آبار الننفط في المنطقة الشرقية على بعد مئات الأميال.
وساد الاعتقاد بأن الدول المشاركة سحبت قواتها من ذلك التحالف الشرير، كما فعلت الكويت وقطر (سلطنة عمان كانت الأكثر حكمة فرفضت المشاركة في العدوان من الأساس).
ولكن اتضح الآن أن الخليفيين، لأسباب ودوافع غير معروفة، أصروا على الاستمرار في العدوان، فجاءت النتيجة المروّعة الأسبوع الماضي.
وبحسب الحركة المعارضة لو كان حكام البحرين رجالا ذوي مروءة لأعلنوا هزيمتهم علنا واعتذروا للشعب وتخلوا عن الحكم، بدلا من إعادة تجييش أبواقهم الرخيصة لتبرير الجريمة التي ارتكبوها وأدت لفجيعة عدد من العائلات البحرانية بمصرع أبنائها.
لذلك هناك أسئلة محيّرة تنتظر الإجابات ليس من الأبواق الرخيصة التي ترقص على أنغام الموت وفجائع الأمهات والزوجات وآلام الجرحى، بل من الأشخاص الذين قرّروا إرسال أبناء البحرين إلى طواحين الموت في تلك المناطق الوعرة بدون أي مبرر او منطق. ومن هذه التساؤلات ما يلي:
أولا: من الذي اتخذ قرار المشاركة في الحرب، ومتى وبأي مبرر؟
ثانيا: كم عدد القوات البحرانية التي أرسلت إلى طواحين الموت؟
ثالثا: لماذا لم يكن بمعيّة هؤلاء أحد من أبناء العصابة الخليفية؟
رابعا: شوهدت في بداية الأمر لقطات استعراضية لنجل الديكتاتور في زي عسكري في منطقة غير معروفة، فلماذا لم يتصدر القتال هناك؟ ولماذا عاد ليزاول هواياته المفضلة في السباحة وركوب الدراجات وركوب الخيل؟
خامسا: بعد أن اتضحت الهزيمة الساحقة لقوات التحالف المعتدية، لماذا لم يسحب الطاغية القوات البحرانية فورا لحمايتها من الموت؟
سادسا: ما الذي سيعوّض عائلات الجنود الذين فقدوا حياتهم؟ من سيواسي الأمهات المفجوعات بأبنائهن؟
سابعا: لماذا لم يتم حتى الآن مناقشة تلك المغامرة الفاشلة؟ لماذا أصبحت البحرين طرفا في صراع مع بلد يبعد عنها مئات الأميال؟ وما المشاكل السياسية بين البحرانيين واليمنيين؟ ولماذا لم يبعث الخليفيون أولادهم إلى طواحين الموت؟
ثامنا: لماذا لم يتم تشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق في ما جرى؟ أليس ذلك ضرورة لتفادي تكرار الخطأ مستقبلا؟
تاسعا: لماذا لم تطرح القضية للنقاش الشعبي؟ لماذا لم يتم التعاطي مع قرارات الحرب والسلام بروح مسؤولة بمشاركة المواطنين بقدر من الحرية والانفتاح والموضوعية؟
عاشرا: هل هناك قرارات خاطئة أدت لمصرع أربعة من الجنود البحرانيين وجرح آخرين؟ من المسؤول عن هذه القرارات؟ ومن المسؤول عن توريط البحرين في معامرات غير محسوبة النتائج؟
وعلقت الحركة “لا نظن أن الطغمة المجرمة التي أزهقت أرواح البحرانيين ماضيا وحاضرا، ستناقش هذه القضية لأسباب عديدة: أولها أنها تعتقد أنها وحدها المخوّلة باتخاذ قرارات الحرب والسلام وليس من حق أحد الاعتراض على شيء من ذلك”.
ثانيها: أنها تعلم سلفا أن أي نقاش في هذا المجال سيؤدي إلى تجريم القصر الملكي الذي يصر على احتكار القرارات السيادية ولا يعترف بوجود شيء اسمه “الشعب البحراني” أو أن هذا الشعب “مصدر الشرعية”.
ثالثها: أن غطرسة العصابة الخليفية تمنعها من الاعتراف بارتكاب خطأ مفجع أدى لإزهاق أرواح بريئة في قضية لا علاقة لها بالوطن أو الشعب من قريب او بعيد.
رابعها: أنها تعلم أن فتح باب النقاش والمحاسبة سيؤدي الى توسع أزمة الحكم، خصوصا في مجال الشرعية وآليات اتخاذ القرار.
فيما خامسها: أن أية مناقشة علنية ستكشف خواء دعاوى الخليفيين خصوصا في ما يتعلق بمجالسهم الصورية التي أسسوها ليس لكي تمارس أدوارا سياسية وسيادية، بل لتكون أدوات لإسكات المعارضة والانتقادات الدولية للطبيعة الديكتاتورية لنظام الحكم.
من هنا ففي الوقت الذي نقف بمشاعرنا وقلوبنا مع عائلات الجنود البحرانيين الذين بعثهم الخليفيون إلى مصارعهم، نهيب بهذه العائلات الإصرار على معرفة الإجابات للتساؤلات المطروحة.
أولا، ثم محاسبة من اتخذ قرار إرسال الجنود إلى حرب خليفية بحتة ثانيا، ثم الاتفاق على آليات واضحة، بإشراف دولي، لمحاسبة المتورطين في ما جرى ثالثا.
أما التظاهر بتكريم الضحايا وحملهم على الأكتاف من قبل جنود آخرين، فهو تكريم متأخر لا يتناسب مع حجم الفجيعة التي وقعت على عائلاتهم، وأظهرت البحرين كطرف معتد في عدوان إجرامي لا يخدم مصالح البحرين بلدا وشعبا.
ربما حقق الخليفيون مكاسب مادية ولكنها مكاسب في مقابل أرواح الضحايا وفجيعة عائلاتهم. والشعب لا يبيع أبناءه بهذه الطريقة، ولا يسمح لأحد بالاستخفاف بأرواح البشر او تعريض البحرين لمخاطر وخيمة ليست بحاجة لها.
والخشية أن يستمر الخليفيون في سياساتهم القائمة على التشويش والتهديد والتنمر لتغطية الحقائق وافتعال مواقف وسياسات مغايرة للحقيقة، لا تعير اهتماما لأرواح البشر ولا تضع مصلحة البحرين، أرضا وشعبا، في اعتباراتها.
إنها جريمة مركّبة يُفترض أن يدفع طاغية الرفاع ثمنها أمام قضاء عادل ينصف الضحايا ويضرب بيد من حديد على العابثين بأرواح الأبرياء وإشعال الفتن والحروب وتمزيق أواصر الأخوّة مع الشعوب العربية والإسلامية الأخرى.