البحرين: المشاركة في الانتخابات البرلمانية بالإكراه والتهديد
في فضيحة مدوية وغير مسبوقة، لجأ النظام الخليفي الحاكم في البحرين كعادته إلى أسلوب القمع الأمني لمواجهة توسع دائرة دعوات مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقررة في البلاد الشهر المقبل.
وصرح رئيس نيابة الوزارات والجهات العامة عدنان الوداعي، أن التحريض على مقاطعة الانتخابات؛ يُعد من الجرائم التي تستوجب العقوبة بالحبس والغرامة، وذلك في محاولة يائسة لترهيب الداعيين للمقاطعة.
وذكر الوداعي أن النائب العام علي البوعينين أصدر قرارين بتشكيل لجنتين بشأن العملية الانتخابية، الأولى للتحقيق والتصرف في الجرائم الانتخابية، بهدف سرعة التحقيق والتصرف في الجرائم الانتخابية.
فضلًا عن متابعة القضايا المتعلقة بالجرائم الانتخابية أمام المحاكم ودراسة استئنافها، أو الطعن عليها أمام محكمة التمييز، والتصرف فيها وفق صحيح القانون، ولجنة أيضًا مختصة بشأن الطلبات المتعلقة بالمترشحين.
وتأتي هذه التهديدات الرسمية في ظل دعواتٍ واسعةٍ لمقاطعة الانتخابات من قوى المعارضة البحرينية، باعتبار أن المشاركة في هذه الانتخابات خدمة للظلم.
إذ أعلنت القوى السياسية المعارضة في 22 أيلول/سبتمبر الماضي مقاطعتها الشاملة للانتخابات النيابية والبلدية في البحرين المزمعة في تشرين ثاني/نوفمبر المقبل كونها عملية صورية فاقدة للمشروعية والتمثيل الشعبي.
جاء ذلك في بيان مشترك أصدرته كل من جمعية الوفاق الوطني الاسلامية، وحركة أحرار البحرين الإسلامية، وتيار الوفاء الإسلامي، وجمعية العمل الإسلامي، وائتلاف ١٤ فبراير، وحركة الحريات والديمقراطية (حق).
وأكدت القوى بأن النظام الخليفي في البحرين يستثمر هذه العملية الانتخابية لمزيد من الاستبداد والتسلط ومصادرة الإرادة الشعبية والاستحواذ على الثروة ونهب خيرات ومقدرات البلد وزيادة الضرائب على الناس ولمزيد من التطبيع مع الصهاينة والجرائم الماسة بحقوق الانسان وتغول الفساد.
وشددت القوى على أن جميع أبناء البحرين بلا استثناء متضررين ومستهدفين في معيشتهم وحرياتهم وأمنهم وكل حقوقهم بسبب هذه العملية الانتخابية التي يشكلها النظام على مقاساته فقط.
وعليه دعت القوى المعارضة أبناء البحرين – شيعة وسنة – من كل المناطق والمكونات إلى مقاطعة العملية الانتخابية الهزلية “من أجل الحفاظ على سيادة البلد وحمايته من الفساد والتهويد والقضاء على الهوية الوطنية وذلك رعايةً لمستقبل بلدنا ومستقبل جميع أبناءه”.
يأتي ذلك فيما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي نسخةٍ من رسالة مسربة من الديوان الملكي، تكشف عملية تزوير استباقية لنسبة المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة في البحرين، وسط دعواتٍ واسعةٍ للمقاطعة الشعبية من قوى المعارضة البحرينية.
وصدرت الرسالة في الخامس من سبتمبر/ أيلول 2022، من وكيل الشؤون القانونية والسياسية في الديوان الملكي علي خليفة الفاضل، إلى وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف نواف محمد المعاودة، بصفته رئيس اللجنة العليا للإشراف العام على سلامة انتخاب أعضاء مجلس النواب، وقد برزت كلمة سري في صدر الرسالة بالخط العريض، وعنوانها الأوامر الملكية.
وقال الوكيل الفاضل فيها إنه بناءً على توجيهات حاكم البحرين حمد عيسى الخليفة، من أجل رفع نسبة المشاركة في الانتخابات القادمة، وأهمية ذلك في الرأي العام العالمي، ودعمًا للعملية الديمقراطية في البلاد يتوجب اتخاذ ما يلزم.
والمطلوب حذف أسماء المقاطعين للانتخابات السابقة، وعدم السماح لهم بتحديث بياناتهم، وأكد أن كل ذلك يكون بسرية تامة، بحسب الرسالة.
وكانت سياسة النظام الخليفي القائمة على تقليص الكتلة الناخبة واقتصارها على من ترضى عنهم السلطات، كشفت زيف الانتخابات البرلمانية في البحرين وحيلة زيادة النسب الوهمية للمشاركة.
ولجأ النظام الخليفي إلى ألاعيب لزيادة نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي يُعرض غالبية البحرينيين بمختلف اتجاهاتهم السياسية عن المشاركة فيها بعد أن أثبتت فشلها في تلبية التطلعات الإصلاحية.
وبعد لعبة ترهيب المواطنين، أضافت الحكومة إلى ألاعيبها لعبة جديدة بتقليص الكتلة الانتخابية للحصول على نسبة تصويت عالية. ولجأت الحكومة في هذا الشأن لحذف أسماء مقاطعي الانتخابات الماضية من سجلات الناخبين.
ومع هذا الإجراء، أدرجت الحكومة في السجلات أسماء المواطنين الذين شاركوا في الانتخابات الماضية فقط، والذين تتوقع أن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في نوفمبر القادم.
وتهدف اللجنة العليا للإشراف على سلامة الانتخابات الحصول على نسبة مشاركة أعلى، لكون المقاطعين لن يدخلوا في عملية احتساب نسبة المشاركة لأنهم غير مدرجين أصلا في كشوف الناخبين.
وبعد أن كان الأصل هو تقييد أسماء جميع من يحق لهم التصويت في جداول الناخبين، أصبح الأصل هو حذف الأسماء، في مخالفة صريحة للمادة السادسة من قانون مباشرة الحقوق السياسية التي نصُّها «يقيّد في جداول الناخبين كل مواطن له حق مباشرة الحقوق السياسية».
فمهمة اللجنة العليا الحقيقية هي الإشراف على “تزوير الانتخابات” بتزوير سجلات الناخبين تمهيدا للإعلان عن نسبة مشاركة وهمية؛ للتقليل من حجم مقاطعة الانتخابات التي تزداد مع كل انتخابات صورية.
وعبر خدمة التحقق من كشوف الناخبين التي يتيحها الموقع الرسمي للانتخابات على الإنترنت اكتشف الكثير من المواطنين عدم إدراج أسمائهم ضمن الكتلة الانتخابية.
ونشر العديد من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا لنتائج البحث تظهر عدم إدراجهم في الكشوف التي يفترض أن تتضمن أسماء جميع من تنطبق عليهم الشروط التي حددها القانون.
من جهتها أكدت جمعية الوفاق البحرينية أن الأزمة الدستورية والسياسية بين نظام الحكم والشعب في البحرين تتسع، ويتزايد حجم الصراع القائم والانقسام “نتيجة غياب أي مستوى من العقد الاجتماعي” بين الطرفين.
وذكرت الجمعية أن “النظام الحاكم يستمر في تغييب الدولة والاعتماد على الحكم الاستبدادي، باستخدام القوة لفرض واقع سياسي واقتصادي وأمني ومجتمعي، خلافاً لرغبة عموم أبناء شعب البحرين”.
وأبرزت أن النظام الخليفي عمد إلى إبقاء الواقع الأمني الذي تعيش فيه غالبية شعب البحرين، من فقدان للأمن والشعور بالتهديد العام، والتهديد على كل المستويات.
ورأت جمعية الوفاق أن “العملية الانتخابية في البحرين هي أسوأ عملية انتخابية عرفها التاريخ، إذ يمارس الحكم فيها دور المتحكم بتفاصيل الانتخابات وإفرازاتها على مستوى المجلس النيابي، لإنتاج مجلس هزيل مهمته الوحيدة تلميع صورة الفساد، والجرائم الماسة بحقوق الإنسان، وغياب دولة المواطنة والمؤسسات وغياب القانون”.
وأشارت إلى أنه “تُسجل عملية مقاطعة الانتخابات الهزيلة إجماعاً وطنياً لا مثيل له”، وترى القوى السياسية الوطنية بمختلف توجهاتها أنّ “الانتخابات هي أحد فصول التعذيب والتمييز والفساد والاستيلاء على الثروة وطمس الهوية الوطنية”.
وأكدت جمعية الوفاق أنّ “مقاطعة الانتخابات أصبحت مهمة وطنية تعكس الحب والانتماء لأرض البحرين، وهويتها الوطنية، وما تشكله هذه السلطة من خطر حقيقي على معيشة المواطن وأمنه ومستقبله ومستقبل الأجيال القادمة”.
كذلك شددت “الوفاق” على “ضرورة التحوّل من النظام الاستبدادي التسلطي إلى نظام ديمقراطي ينتخب فيه الشعب حكومته عبر آليات ديمقراطية سليمة، بدلاً من حكومات التعيين التي أثبتت فشلها وعدم كفاءتها، وعدم ثقة عموم المواطنين في قدرتها على حلحلة الأزمات المختلفة، بل زيادة الأزمات وتضخمها واتساعها على رأس المواطنين”.