منظمة العفو الدولية تدين الإهمال الطبي الفادح في سجون النظام الخليفي
أدانت منظمة العفو الدولية واقع الإهمال الطبي الفادح في سجون النظام الخليفي وتعامل السلطات بإهمال مع حالات السلّ المؤكّدة في سجن جو سيء السمعة.
وذكرت المنظمة أنه تأكّدت إصابة حسن عبدالله “بطي” من خلال الفحص الطبي الذي خضع له، مع ذلك، نُقل من المستشفى إلى السجن مجددًا لينضمّ إلى السجناء الآخرين بعد يومَيْن من إطلاع الطبيب عائلته أنّه مصاب بالسلّ.
وأشارت المنظمة إلى أن سلطات السجن تحرم سيد نزار الوداعي الخضوع لفحص السلّ، على الرغم من ظهور عوارض عليه بعد سجنه مع زميله في الزنزانة أحمد جابر، علمًا أنّ إصابته مؤكدة.
وأعربت منظمة العفو عن بواعث قلقها إزاء تواتر التقارير التي تصلها عن عدم توفير سجون البحرين الرعاية الطبية الكافية لنزلائها، وعلى نحو يؤدي في بعض الحالات إلى التسبب بأضرار صحية دائمة للأفراد الذين يعانون من الإصابات أو من الأمراض المزمنة المستعصية.
وقد تأكدت منظمة العفو الدولية من تفاصيل الحرمان من الرعاية الطبية، وغيرها من ضروب المعاملة السيئة عن طريق التواصل مع أفراد عائلات وأقرباء 11 سجيناً.
كما وصلتها مزاعم لا تخلو من مصداقية عن عدم توفير الرعاية الطبية الكافية في حالات أخرى عديدة من منظمات محلية لحقوق الإنسان، وناشطين بحرينيين في المنفى.
وترسم رواياتهم، إلى جانب الأدلة الوثائقية الداعمة، صورة لإهمال متكرر ومستمر، ومتعمد في بعض الحالات، في توفير الرعاية الطبية ضمن نظام السجون البحريني.
وفضلاً عن ذلك، يتحدث السجناء وعائلاتهم عن طيف واسع من التجاوزات الأقل شأناً، التي تتراوح ما بين المناكفات الصغيرة والقسوة غير المبررة. وبسبب الاحتمال القوي بأن تتعرض عائلات الأفراد الذين يفشون بمعلومات بشأن هذه الانتهاكات إلى المنظمات الدولية لأعمال انتقامية، فإن منظمة العفو الدولية لا تستطيع إعلان هوية مصادرها من الأفراد الذين ترد أقوالهم في هذا البيان.
طبيعة الرعاية الطبية المتوافرة في سجون البحرين
تشير الحالات التي قامت منظمة العفو الدولية باستعراضها إلى أن حالات منتظمة من الإهمال والتأخير والممارسة التعسفية للسلطة تشوب نظام السجون في البحرين، وإلى حد يصل في حالات بعينها إلى مستوى إساءة المعاملة المتعمدة، ويؤدي إلى الغياب التام للرعاية الكافية للمحتجزين والسجناء.
ومع أن المعالجة الطبية تقدّم داخل نظام السجون، إلا أنها دون مستوى الحاجة، وكثيراً ما تخضع للانقطاع والتأخير والحرمان بسوء نية.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2015، كان سجن البحرين الرئيسي، “مركز الإصلاح والتأهيل في جو” (سجن جو)، يضم ما يقرب من 2,500 سجين مسجلين رسمياً.
ومع ذلك لا تضم هيئة العاملين في السجن سوى طبيبين (واحد لكل وردية)، بينما لا يزيد عدد المهنيين الطبيين الذين يقومون بالعمل في أي وقت عن اثنين أو ثلاثة.
والطبيبان الموجودان في السجن هما طبيبان عامان؛ ولا وجود لأطباء مختصين، بينما تفتقر مرافق السجن إلى معدات تشخيص من قبيل جهاز التصوير بالأشعة السينية.
ومع ذلك، غالباً ما يحرم السجناء الذين تتطلب حالتهم عناية طبية متخصصة- من قبيل جراحة الأسنان أو فقر الدم المنجلي أو التصلب المتعدد أو السرطان، إذا ما أردنا ذكر أمثلة على ما يورده هذا التقرير – من التحويل إلى المرافق الطبية المناسبة.
وفي العادة، تصرف العيادة “البنادول” و”الرستامول”، الدارجة كأدوية مسكنة، كعلاج لكل ما يشتكي منه السجناء، بما في ذلك للأمراض التي لا علاقة لها بهذه المسكنات كالطفح الجلدي أو عسر الهضم.
سوء المعاملة والإهمال الطبي المتعمد
تملك البحرين الموارد المهنية والمالية لتوفير الرعاية الصحية الكافية لجميع السجناء. ومع ذلك، فقد امتنعت في حالات متعددة عن القيام بذلك، ليس بسبب نقص الإمكانات، وإنما بغرض الحرمان المتعمد من العلاج.
وفي عدة حالات قامت منظمة العفو بتوثيقها، يحتاج السجناء إلى العلاج بسبب إصابات قديمة لحقت بهم، حسب زعمهم، جراء انتهاكات ارتكبتها قوات الأمن أو حرس السجن.
ويعتبر تدني مستوى النظافة مشكلة كبيرة في سجن جو، وقد قامت “لجنة حقوق السجناء والمعتقلين في البحرين” بتوثيق ذلك جزئياً.
إذ أشارت اللجنة في تقريرها لسنة 2016 إلى أن بعض المباني تعاني من “تردي مستوى النظافة”، بالإضافة إلى “انتشار الحشرات في بعض الغرف وتكسر مقاعد المراحيض وانعدام النظافة فيها إلى حد كبير”. وكثيراً ما تظهر حالات من الأمراض الجلدية وأعراض الحساسية على النزلاء.
كما أبلغت عائلات عدة سجناء منظمة العفو الدولية أن التمييز على أساس الطائفة متفش في سجن جو.
وتتصاعد المضايقات والانتهاكات ضد النزلاء الشيعة، الذين يشكلون أغلبية نزلاء السجن، عند اقتراب مواعيد المناسبات الدينية الشيعية، ولا سيما في شهر محرم، الذي تقع فيه عدة مناسبات دينية مهمة يحتفل بها شيعة البحرين، وأهمها يوم عاشوراء، الذي يصادف العاشر من محرم.
وقد تلقت منظمة العفو الدولية تقارير مختلفة عن سجناء حرموا من الحصول على مواد أو خدمات أساسية يحتاجونها لأسباب صحية، أو لأغراض النظافة والراحة وحفظ الكرامة.
ودعت منظمة العفو الدولية سلطات سجن جو وجميع أماكن الاحتجاز في البحرين إلى التقيد بأحكام القانون والمعايير الدوليين لحقوق الإنسان في معاملتها للمعتقلين والسجناء.
وأكدت أن البحرين ملزمة قانوناً، بصفتها دولة طرفاً في “العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، باحترام وحماية وإعمال “حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه.”
كما توضح القاعدة 24 من “قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء” (قواعد نيلسون مانديلا) بأن “تتـولَّى الدولـة مسـؤولية تـوفير الرعايـة الصـحية للسـجناء.
وينبغـي أن يحصـل السجناء على نفس مستوى الرعاية الصحية المتـاح في المجتمع” دون تمييز. وتنص قواعد نيلسون مانديلا كذلك على أنه يتعين نقل السجناء الذين تتطلب حالتهم علاجاً متخصصاً إلى مؤسسات متخصصة، أو إلى مستشفيات خارج السجن عندما لا يكون مثل هذا العلاج متوافراً في السجن (القاعدة 27).
وبحسب “مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن”، وكذلك “قواعد نيلسون مانديلا”، يجب أن تكون الرعاية الصحية التي تقدم للأفراد في الحجز دون مقابل ومجانية (المبدأ 24).
🚨 تتعامل السلطات #البحرينية بإهمال فادح مع حالات السلّ المؤكّدة في #سجن_جو 👇
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) June 2, 2022