حقائق: البيئة الإعلامية في البحرين واحدة من الأكثر قمعاً في الشرق الأوسط
نشرت مؤسسة “فنك” الأوروبية للحريات، سلسلة حقائق تؤكد أن البيئة الإعلامية في البحرين واحدة من الأكثر قمعاً في الشرق الأوسط.
وأبرزت المؤسسة أنه على مر التاريخ، ظلت وسائل الإعلام البحرينية، بالكامل تقريباً، تحت رعاية النظام الخليفي الحاكم في البلاد.
وبحسب المؤسسة فقط وضعت الحكومة البحرينية تركيزها، على نحوٍ تقليدي، على وسائل الإعلام كأداةٍ للدعاية، وسعت إلى التقليل من شأن الأصوات الشيعية قدر المستطاع من خلال مراقبتها الوثيقة للقطاع.
فقد أسست أول صحيفة، جريدة البحرين، عام 1939 (أوقفت عام 1944)، وجاء أول بثٍ إذاعي في البلاد بعد عامٍ من ذلك، على الرغم من أن البيئة الإعلامية الحديثة قد بدأت بالفعل عقب الاستقلال عام 1971.
تم تأسيس الهيئة التنظيمية، تلفزيون البحرين (BRTC) في نفس العام، وبدأ البث التلفزيوني عام 1973. وفي عام 1976، تم تأسيس أقدم صحيفة قائمة فعلياً في البلاد، أخبار الخليج، إلى جانب وكالة أنباء البحرين.
وحتى عام 2002، لم يكن هناك سوى صحيفتين قائمتين فعلياً (بالإضافة إلى نسختيهما باللغة الانجليزية)، وكلاهما كانتا تعملان تحت مظلة ما كان يُسمى وزارة الإعلام آنذاك.
وفي عام 2010، تم استبدال وزارة الإعلام بهيئة شؤون الإعلام، بهدف تنظيم الصحافة في المملكة والسيطرة على تلفزيون البحرين.
قاد دستور عام 2002، ظاهرياً، عهداً جديداً للمؤسسة الصحفية في المملكة، واعتباراُ من عام 2014، أدرجت هيئة شؤون الإعلام 7 منشوراتٍ يومية و15 أسبوعية قائمة فعلياً.
تعتبر البحرين من أعلى الدول انتشاراً للإنترنت (92,7% في عام 2016) في الشرق الأوسط، حيث غيرّت هذه الدرجة من الاتصال عبر الانترنت المشهد الإعلامي إلى حدٍ كبير.
فقد منحت الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر، إلى جانب منصات مشاركة الفيديو، مثل يوتيوب، بدايةً، جماعات المعارضة داخل المملكة وسيلةً غير مسبوقة للتعبير عن رأيهم، على الرغم من أن الحكومة ردت بقسوة من خلال إغلاق المواقع الالكترونية واعتقال المدونين الذين يتكلمون صراحةً.
حرية التعبير
تعتبر البيئة الإعلامية في البحرين واحدة من الأكثر قمعاً في الشرق الأوسط. وتنص المادة (23) من دستور 2002 على أن “حریة الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما.”
ومع ذلك، فإن قانون الصحافة الصادر في العام نفسه ينفي بشكلٍ فعال هذا النص الدستوري، ويفرض عقوبة السجن لمدة خمس سنوات على أولئك الذين قد يعتبرون أهانوا الإسلام أو الملك، أو حرضوا على أعمال منافية لأمن الدولة، أو دعوا للتغيير في الحكومة.
وفي عام 2014، تم تحديث القانون ورفع مدة السجن لسبع سنوات بتهمة إهانة الملك، وفي عام 2015، أدرج السجن لمدة عامين بتهمة “إهانة” مؤسسات الدولة مثل البرلمان وقوات الأمن.
وفي أعقاب قمع الاحتجاجات واسعة النطاق التي اندلعت عام 2011 وإعلان حالة الطوارئ في البلاد فيما بعد، أصبحت المملكة بيئة أكثر عدائية للصحفيين.
فقد بدأت السلطات باعتقال الكتاب لتعبيرهم علناً عن مظالم الحكومة، وتم طرد 95 صحفياً دون أي مبررات في أعقاب الانتفاضة.
وما بعد 2011، تزايدت إدانة الصحفيين بتهم المشاركة في المظاهرات أو بموجب قانون مكافحة الإرهاب، الأمر الذي قد يؤدي إلى عقوبة السجن مدى الحياة.
وفي عام 2015، أغلقت الحكومة مؤقتاً الصحيفة المستقلة الوحيدة في البحرين، صحيفة الوسط، على أساس “نشر معلوماتٍ متكررة تؤثر على الوحدة الوطنية وعلاقة المملكة مع الدول الأخرى.” توفي المؤسس المشارك للصحيفة، كريم فخراوي، أثناء احتجازه من قِبل الدولة في عام 2011.
وفي عام 2016، تم إغلاق جمعية التصوير في البحرين من قِبل السُلطات الحكومية، التي إدعت أن أعضائها يتصرفون “بما يعارض القانون والنظام العام.”
وفي عام 2015، اتهم المصور المستقل، سيد أحمد الموسوي، بموجب قوانين مكافحة الإرهاب وحكم عليه بالسجن عشر سنوات لتصويره مظاهرات مناهضة للحكومة.
كما أن البحرين تعتمد أيضاً سياسة عدم التسامح مطلقاً تجاه انتقاد حلفائها في المنطقة.
وتخضع جميع القنوات المحلية للتلفزيون البحريني، ولا يتم منح تراخيص البث الخاص. يُشغل التلفزيون البحريني خمس شبكاتٍ تلفزيونية أرضية.
تتمتع القنوات الفضائية بشعبية كبيرة، وتشكل قناة الجزيرة والعربية المصدر الرئيسي لبث الأخبار في البلاد، ومع ذلك، تحتفظ الحكومة برقابة شديدة على القنوات الفضائية المتاحة.
وفي عام 2011، قامت السلطات البحرينية بالتشويش على إشارة الأقمار الصناعية لقناة اللؤلؤة الموالية للمعارضة ومقرها العاصمة لندن، قبل إطلاقها، وعمدت إلى منع بثها المباشر على الانترنت داخل المملكة.
وسائل التواصل الاجتماعي
تتمتع وسائل التواصل الاجتماعي بشعبية كبيرة في البحرين، مع ما يُقدر بـ800 ألف مستخدم مسجل في موقع فيسبوك (58% من السكان) عام 2016. كما بلغ عدد مستخدمي تويتر النشطين 62 ألفاً في مارس 2014، في انخفاضٍ ملحوظ عن السنوات السابقة، ومن المحتمل أن هذا يعود إلى الحملة الأمنية ما بعد عام 2011 على وسائل التواصل الاجتماعي.
يتم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في البحرين كوسيلة لتبادل المعلومات التي يمكن أن تخضع لقوانين النشر في المملكة.
وعلى وجه الخصوص، يستخدم الشيعة في البحرين الشبكات الاجتماعية بشكلٍ مكثف لتنظيم، وعرض، وتوثيق الاحتجاجات المناهضة للحكومة، والذي يتم غالباً بالتعاون مع جماعات المعارضة الشيعية في المملكة العربية السعودية.
ومع ذلك، ونتيجةً لانتفاضة عام 2011، والدور الملاحظ الذي لعبته شبكات التواصل الاجتماعي في السماح لجماعات المعارضة الشيعية بالتنظيم والتواصل، شنت السلطات البحرينية منذ ذلك الحين حملةً تستهدف شبكات التواصل الاجتماعي.
دفعت هذه الحملة العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لاستخدام أسماء مستعارة أو ممارسة الرقابة الذاتية عند النشر على الانترنت، ومع ذلك لا تزال الاعتقالات شائعة.
المنشورات على الانترنت
لا تزال بيئة الانترنت في البحرين تخضع لرقابةٍ لصيقة، دون وجود أي حرية حقيقة للتعبير. فقد وجدت دراسة أجرتها جامعة نورث وسترن عام 2013 أن 38% فقط من المستجيبين في البحرين اتفقوا مع عبارة: “على الانترنت، من الآمن أن يعبر المرء عما يجول في خاطره فيما يتعلق بالشؤون السياسية.”
وتحدد المنظمة الحقوقية الأمريكية، فريدوم هاوس، العديد من الطرق التي تستخدمها الحكومة البحرينية للحفاظ على قبضةٍ من حديد على الانترنت.
فقد خفضت الحكومة من سرعة الانترنت في المملكة أثناء المناسبات والأحداث المهمة، في حين أن بإمكان السلطات الحكومية حجب المواقع الالكترونية دون أمرٍ من المحكمة.
وفي عام 2010، ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن الحكومة أغلقت ما لا يقل عن ألف موقع إلكتروني ومدونة وصفحة على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما وثقت فريدوم هاوس أيضاً استخدام الحكومة لشركات العلاقات العامة و”الجيوش الالكترونية،” في محاولةٍ لتحريف النقاشات على شبكة الانترنت، وتحويلها لصالح الحكومة، وتشويه سمعة المعارضين.
فقد ولّد الاستخدام الغزير للانترنت من قِبل البحرينيين العديد من المنشورات على الانترنت، ومواقع إخبارية تعكس وجهات نظر المعارضة، مثل مرآة البحرين وملتقى البحرين، فضلاً عن منظمات حقوق الإنسان مثل مركز البحرين لحقوق الإنسان.
وعلى الرغم من أن هذه المواقع لطالما كانت محجوبة من قِبل مزودي خدمة الانترنت في البحرين، إلا أن باستطاعة المواطنين الدخول إليها باستخدام الخوادم الوسطية أو الشبكات الخاصة الإفتراضية (VPNs).