مطالب حقوقية بمحاسبتهم.. تعرف على أمراء التعذيب في البحرين
تفيد تقارير الضحايا من معتقلي الرأي البحرينيين بتعرضهم لضرب مبرح وتعذيب ممنهج من قبل أفراد من أسرة النظام الخليفي المالكة وصفتهم أوساط حقوقية بأنهم أمراء التعذيب في البحرين.
وقد أكدت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، أن عملية التغيير والتحوّل نحو الديمقراطية في أي بلد، تستلزم إجراء إصلاحات في أجهزة الدولة الرسمية، بما فيها الجهازين الأمني والقضائي، على أن تكون ضمن آلية شفافة وصارمة للمحاسبة وعلى أساس قانوني واضح، وإيجاد مسار واضح يضمن للأفراد حقوقهم بشكل متساوٍ، ويؤكد أن القانون فوق الجميع.
وقالت المنظمة إن عملية المحاسبة في البحرين ومنذ تاريخ انطلاق الحراك الشعبي المطالب بالديمقراطية عام 2011 وحتى بعد مرور 13 سنة، أبعد ما تكون عن الإصلاح الحقيقي.
وأبرزت أن انعدام حرية القضاء وتبعيته للسلطة الحاكمة، وانتشار سياسة الإفلات من العقاب، خلقت غطاءً يحمي مرتكبي الانتهاكات والفساد، وبات القانون يستهدف المواطنين بدلًا من حمايتهم.
إحدى أشكال الانتهاكات التي ضربت بحقوق الإنسان في البحرين عرض الحائط، هي التعذيب. تعذيب طال مواطنين لمعارضتهم رجالات أو أنظمة الحكم في البلاد.
ولعل أوضح شاهد على ذلك، صدور و نشر عشرات المراسلات (آراء، رسائل عاجلة أو رسائل ادّعاء) من خبراء الأمم المتحدة، سواء المعنيين بالتعذيب أو بالانتهاكات الأخرى من المكاتب الأممية أو الفرق العاملة، كلها خاطبت وناشدت مسؤولي البلاد من الملك وصولًا إلى المسؤولين المباشرين لوقف التعذيب وغيرها من الانتهاكات فورًا.
كما جدّدت الدعوة مع كل مراسلة تصدرها، لقبول زيارة المقرر الأممي عن التعذيب للبحرين للاطلاع عن قرب على صحة ادعاءات التعذيب الذي تصله باستمرار.
في المقابل، نجد أنه لا يزال أمراء التعذيب في البحرين طلقاء. وإن روّجت الحكومة مع بداية أيام الحراك وبين فترة وأخرى لمحاكمات طالت عددًا من مرتكبي الانتهاكات، أو أنشأت أجهزة للتحقيق في مزاعم التعذيب، إلا أن هذه الخطوات ظلت شكلية وكانت تهدف إلى تلميع صورة النظام أمام المحافل الدولية.
ومن بين هذه المحاولات على سبيل المثال، قرار إنشاء “اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق” في التعذيب الذي مارسته أجهزة الدولة، والتي تجاهلت حكومة البحرين تنفيذ توصياتها بشكل فعال.
مؤخرًا سعت حكومة البحرين، ضمن أحدث محاولتها، إلى إشاعة جوٍ من الإصلاحات، من خلال تبني بعض الخيارات كالعفو عن عشرات السجناء السياسيين وإطلاق سراح آخرين تحت مسميات السجون المفتوحة أو العقوبات البديلة.
لكن بالمقابل، أبقت باب السجن مشرّعًا لكل مطالب بالحقوق، وواصلت حملاتها القمعية بحق المجموعات السلمية وأصحاب الكلمة المعارضة، كذلك حمت أمراء التعذيب من المحاسبة مع تفشي سياسية الإفلّات من العقاب.
تفشي سياسة الإفلات من العقاب
برغم مرور أكثر من عقد من الزمن، لا تزال أحداث القمع التي شهدتها البحرين إبان انطلاق الحراك المطلبي السلمي في البلاد حاضرة.
شاركت أربعة من أجهزة الدولة الرسمية في قمع التظاهرات السلمية، وهي: الحرس الوطني، قوة دفاع البحرين، وزارة الداخلية، وجهاز الأمن الوطني، تطبيقًا للمرسوم الملكي رقم 18 لسنة 2011 بإعلان حالة السلامة الوطنية.
وقد أدينت هذه الأجهزة من مختلف الجهات الأممية والدولية والمنظمات غير الحكومية، في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، القمع باستخدام السلاح، وعمليات التعذيب واسعة النطاق.
حتى اليوم، لم تتخذ سلطات البحرين خطوات جدية في محاسبة المسؤولين عن عمليات التعذيب التي تمت من أعلى رأس هرم السلطة الحاكمة في البحرين، بما في ذلك ابن الملك ناصر بن حمد آل خليفة ووزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة المتورطين بشكل مباشر.
وعلى مدى الأعوام التي تلت قمع الحراك المطلبي في البلاد، وثقت منظمة أمريكيون وغيرها من المنظمات الحقوقية والدولية الفضائح الحقوقية التي انخرط في ارتكابها مسؤولين بارزين وأعطوا الضوء الأخضر لعمليات التعذيب والاعتقال والقتل خارج إطار القانون.
وقد صدرت عدد من التقارير الحقوقية وغيرها مستندة إلى شهادات حقوقيين اتهمت وزير الداخلية البحريني بالإشراف شخصيًا على عمليات التعذيب في السجون.
وتبوّأت البحرين المركز الأول عربيًا في نسبة عدد السجناء عام 2015، إذ وصل رقمهم في مؤسساتها السجنية حوالي 4 آلاف سجين، بمعدل 301 من كل مئة ألف من السكان.
في المقابل دأبت السلطات على شيطنة أي دعوة للتحقيق ولا ننسى ما صرّح به وزير الداخلية الذي مازال ممسكًا بحقيبة الداخلية منذ عام 2004، عن موقفه المخالف لجميع ادعاءات الانتهاكات قائلًا: “إن الادعاءات ومزاعم التعذيب التي يرددها البعض هي مجرد ادعاءات مبنية فقط على أقاويل مرسلة لم يقم عليها سند أو دليل قاطع”.
لكن رواية النظام المتكررة على مدى الأعوام عن دحض وجود تعذيب خالفتها الوقائع. وأمام ضغط الشارع والعمل الحقوقي، أعلنت الحكومة عن إنشاء اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بموجب الأمر الملكي رقم 28 لسنة 2011 المؤرخ في 29 يوليو 2011 للتحقيق في مجريات الأحداث التي وقعت في البحرين خلال شهري فبراير ومارس 2011 وما نجم عنها من تداعيات لاحقة.
وفي 23 نوفمبر 2011، أصدرت اللجنة تقريرها الذي عرف بـ”توصيات بسيوني“، واشتمل التقرير على 19 توصية أبرزها وضع آلية مستقلة ومحايدة لمساءلة المسؤولين الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالًا مخالفة للقانون، والتعويض للضحايا.
عقب التقرير الذي فضح ممارسات النظام، سارع الأخير للإعلان عن إجراءات شكلية تمثلت بتوجيه رئيس وحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة، نواف عبد الله حمزة، اتهامات بالتعذيب إلى 15 شخصًا في يوليو 2012، و7 أشخاص في أكتوبر 2012، وذلك بعد التحقيق بشكاوى التعذيب وإساءة المعاملة التي تلقتها النيابة.
ومع هذا الإعلان، أغلقت وزارة الداخلية ملف التحقيقات، وبدأ وزير الداخلية حملة شرسة في تجميل صورة النظام القضائي والسجون، من خلال التصريح بأن “الحديث عن التعذيب في هذه الأيام هو حديث غير مبرر. هناك موقوفون وآخرون مسجونون وهم في أمانة وزارة الداخلية، وليس هناك من داعٍ لما يُسمى بالتعذيب”.
لكن توثيق استمرار التعذيب خلال مراحل التقاضي المختلفة في البلاد من قبل مختلف الجهات الحقوقية، دفع إلى إجراءات إضافية. في مايو 2015، أصدرت المحكمة الجنائية في البحرين حكمًا على ستة رجال أمن من منتسبي أجهزة وزارة الداخلية بينهم ثلاثة ضباط، بالسجن بين سنة وخمس سنوات بتهمة تعذيب سجناء والتسبب بوفاة أحدهم.
من خلال هذا المسار من ترسيخ نهج التفلت من العقاب، والرد على ادعاءات التعذيب إما بإصلاحات شكلية أو بالنفي ومساعي تجميل صورة الجهازين الأمني والقضائي، أعطي الضوء الأخضر لتشريع القمع و مواصلته في مواجهة المواطنين.
أمراء التعذيب
تقارير من الضحايا تفيد بتعرضهم لضرب مبرح وتعذيب من قبل أشخاص تمكن الضحايا من التعرف عليهم كأفراد من الأسرة البحرينية المالكة.
تم رفع شكاوى ضد المتورطين في التعذيب، وتوجيه رسائل إلى قادة دول العالم لاتخاذ خطوات ومحاسبة أمراء التعذيب عن انتهاكات حقوق الإنسان، لكن من دون جدوى.
ناصر بن حمد آل خليفة
يعد ناصر بن حمد، نجل ملك البحرين، أحد أبرز أمراء التعذيب المحميين من المحاكمة والمحاسبة عن جرائم التعذيب التي ارتكبوها بحق السجناء السياسيين.
يشغل نجل الملك مناصب منها مستشار الأمن الوطني الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى قائد الحرس الملكي البحريني، وقد استخدم مناصبه ونفوذه لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. رفعت شكاوى ضد الأمير في محاكم فرنسا وبريطانيا التي أصدرت محكمة العدل العليا فيها قرارًا برفع الحصانة عنه، لكن القرار لم يترجم بأي خطوات عملانية.
من بين قضايا التعذيب، ما تعرض له الشيخ عبد الله عيسى عبد الله المحروس (الشيخ ميرزا المحروس)، وهو عالم دين بحريني بارز تعرض لانتهاكات متعددة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والمحاكمة الجائرة، ويقضي حاليًا عقوبته في سجن جو. تعرض الشيخ المحروس للضرب على يد ناصر بن حمد الذي أجبره على فتح فمه ثم بصق فيه.
وتعرض الشيخ محمد حبيب المقداد، وهو رجل دين وناشط اجتماعي بحريني سويدي بارز وشخصيَّة دينيَّة، لا يزال يقضي عقوبة سجنه في سجن جو، للتَّعذيب وسوء المعاملة على يد أمراء التعذيب ومن بينهم نجل الملك. ولم يتورع ناصر بن حمد عن التعريف بنفسه صراحة لضحايا، إذ أخبر الشيخ المقداد بهويته، وعمد إلى صفعه وتوجيه الإهانات له على خلفية الشعارات التي أطلقت في التظاهرات ضد العائلة الحاكمة.
تذكر التوثيقات عشرات القضايا الأخرى التي تورط نجل الملك في تعذيبها، وفي أغلب هذه الحالات، كان ناصر بن حمد يعرف عن نفسه للضحية قبل تعذيبها. وفي أغلب القضايا، كان يتعمد إذلال الضحايا، وضربهم على أماكن حساسة، وضربهم بشكل مبرح حتى ينزف الضحية، وإجبارهم على تقبيل حذائه، وشتمهم وتوجيه عبارات طائفية لهم.
خالد بن حمد آل خليفة
تقلّد أبناء ملك البحرين ناصر وخالد مناصب رفيعة ورتبًا عسكرية أمنت لهما نفوذًا واسعًا وضوءً أخضر لتشريع الانتهاكات وترسيخ سياسة الإفلات من العقاب. خالد بن حمد، وهو عسكري برتبة عقيد ركن، يشغل منصب النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، ورئيس الهيئة العامة للرياضة، ورئيس اللجنة الأولمبية البحرينية.
وقد انخرط الأخير في عمليات التعذيب للمواطنين البحرينيين إبان الحراك المطلبي عام 2011، إلى جانب فضائح أخرى تم التحقيق فيها.
تورد الوثائق في إحدى القضايا، توقيف رجل مسن مع ابنه وإجباره على الإنحاء لخالد الذي كان يرتدي بدلة عسكرية. رمي الرجل وابنه أمام نجل الملك الذي انهال عليهما بالضرب بسلاحه، موجهًا شتائم طائفية إليهما.
وضمن شهادات ضحايا التعذيب، يذكر مواطن كيف تعرض للضرب والإهانة على يد خالد، حيث أجبر على الجلوس على ركبتيه ووثقت يداه وتم ضربه بشدة على أضلعه ووجه، كما أجبر على تناول الفلفل الحار، وشتم شخصيات من قادة المعارضة. لاحقًا اعتقل هذا الشخص واتهم بالتحريض على النظام، وحكم بالسجن وتم فصله عن العمل.
كان يعمد خالد على الوقوف على نقاط التفتيش، ويتولى بنفسه عملية تفتيش المارة بطريقة مهينة. وفي إحدى الحالات، تعرض بالضرب لأحد المواطنين بعدما وجد على هاتفه رسائل نصية تدعو للمشاركة في تظاهرات دوار اللؤلؤة.
يقول المواطن إن خالد كان يلبس الزي العسكري، أشرف على ضربه حتى شج أسفل لحيته وبدأ الدم ينزف. وقام خالد برفسه على ظهره وكليتيه حتى بات لا يقوى على الحراك. وقد أجبر على توقيع على محضر اعترافات من دون معرفة محتواها، وبناء عليه تم سجنه 3 أشهر.
كان يشارك خالد بن حمد في تعذيب المارة على نقاط تفتيش ويشارك في تعذيبهم. وفي حالات كثيرة، كان يتعمد ضرب الضحية ولا يتوقف حتى التسبب لها بالنزيف. وفي إحدى الحالات، أجبر أحد المواطنين على تناول التراب، ومسك رقبته وأنزلها بقوة على ركبته ما تسبب بكسر بالأنف ونزيف للضحية.
راشد بن عبد الله آل خليفة
لا يمكن الحديث عن سياسة تفشي الإفلات من العقاب، أو ذكر عمليات التعذيب، من دون أن يذكر اسم راشد بن عبدالله آل خليفة. تسلم راشد بن عبدالله منصب وزارة الداخلية منذ مايو 2004، وهو المسؤول الأول عن عمليات التحقيق والتعذيب التي تعرض ولا يزال يتعرض لها السجناء السياسيون في البحرين.
ومنهم من وثقت منظمة أمريكيون شهادته عن تولي وزير الداخلية التحقيق معه ومع رفاقه بنفسه، برفقة رئيس الأمن العام طارق الحسن، بعد أن تعرض لحملة تعذيب قاسية جدًا! فبالإضافة إلى عمليات القتل خارج القانون والتعذيب، في سجل وزير الداخلية انتهاكات من قبيل الاعتداء على النساء وسرقة مقتنيات المنازل وبيعها في مزادات علنية نظمتها وزارة الداخلية.
في تقرير بسيوني ما يؤكد تقاعس وزير الداخلية في حماية المتظاهرين السلميين وانخراطه في التغطية عن الانتهاكات إلى مورست على المعتقلين. لكن راشد بن عبدالله نجح في تلميع جرائمه من خلال الترويج على أن هذه الانتهاكات تأتي ضمن سياق حماية النظام وضبط الأمن والقبض على خلايا الإرهاب ومحاكمتها.
وبقرار وحماية من الديوان الملكي، أطلقت يده لمواصلة هذه الانتهاكات، وكوفئ بتعيين نجله سفيرًا لدى الولايات المتحدة الأميركية عام 2017.
في فبراير 2019، أطلقت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان حملة تحت شعار “حاكموه” تدين الانتهاكات المروعة التي مارسها راشد بن عبد الله آل خليفة بحق السجناء السياسيين.
سلطت الحملة على قضايا ضحايا تم تعذيبها تحت إشراف وموافقة وحتى حضور وزير الداخلية. ومن خلال قضايا تسليط الضوء على هذه القضايا، وثقت المنظمة ما تعرض ويتعرض له المئات من المعتقلين في السجون البحرينية، والذي يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية بحسب مكاتب الإجراءات الخاصة في الأمم المتحدة.
من بين هؤلاء الضحايا، المدافع عن حقوق الإنسان الدكتور عبد الجليل السنكيس، القيادي البارز في المعارضة الأستاذ حسن مشيمع، المدافع عن حقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة، الأمين العام السابق لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، الناشط الحقوقي ناجي فتيل، وسجين الرأي علي حسن العرادي.
خليفة بن أحمد آل خليفة
شغل خليفة بن أحمد آل خليفة منصب مدير عام شرطة المحافظة الجنوبية منذ عام 2011 حتى عام 2016، حتى وصل إلى رتبة عميد.
وتحت قيادته، شاركت هذه القوات في أعمال انتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان مثل الدكتور سعيد السماهيجي، الذي اعتقل لنشره تغريدات تنتقد إعدام السعودية للسجناء السياسيين.
شارك خليفة أيضًا في العقاب الجماعي للسجناء السياسيين في سجن جو، في مارس 2015. وبحسب إفادات المعتقلين، فإن خليفة ترأس شخصيًا بعض جلسات التعذيب، حيث تعرض أحد السجناء للركل بشكل متكرر من قبل ستة حراس بينما كان يجلس ويراقب.
وقد قال للحراس “آذوه، لكن لا تقتلوه”، وشرعوا في تجريد السجين من ملابسه وتقييده بالسلاسل إلى سرير حديدي، ومواصلة ضربه، بما في ذلك على أعضائه التناسلية. ولم يتم توجيه أي اتهامات ضد هؤلاء الضباط أو المدير العام.
وتبرز التقارير أيضًا مسؤولية خليفة عن تعذيب عدد من طالبات جامعة البحرين مثل فاطمة البقالي إلى جانب معتقلات أخريات مثل الصحفية نزيهة سعد. جرائم خليفة ظلت تلاحقه أينما ذهب، وفي إحدى زياراته للعاصمة البريطانية لندن، بحرينيون تعرضوا للتعذيب على يده، واصفين إياه “الجلاد” ومذكّرينه بجرائمه بحق البحرينيين.
وبدلا من محاسبته عقب بروز اسمه في تقرير بسيوني، تم تعيين خليفة في عام 2016، نائبًا لرئيس الأمن العام، مما جعله الرجل الثاني في قيادة مديريات شرطة المحافظات الأربع بالإضافة إلى الوحدات الوطنية مثل قوات الأمن الخاصة وخفر السواحل.
ومنذ ذلك الوقت، شهدت حقبة ولايته بعضًا من أكثر الحوادث عنفًا التي ارتكبتها قوات الأمن خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك عمليات القتل المتكررة خارج نطاق القضاء طوال عام 2017 .
وفي يناير 2018، قام الملك بترقيته إلى رتبة لواء وعينه نائبًا للمفتش العام. اللواء خليفة مكلف الآن بمساعدة المفتش العام في معالجة الشكاوى المحالة من قبل الأمانة العامة للتظلمات ومحاسبة موظفي وزارة الداخلية بسبب الانتهاكات. وهؤلاء هم الموظفون الذين وجههم بنفسه لاعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان وتعذيب السجناء.
خليفة بن عبدالله آل خليفة
من بين الأسماء البارزة في تعذيب السجناء السياسيين، يبرز اسم خليفة بن عبدالله آل خليفة، رئيس جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، وهو جهاز حل محل جهاز أمن الدولة السابق المسؤول عن وفاة العشرات من المعتقلين تحت التعذيب.
شارك خليفة في عمليات التعذيب خلال التحقيق، ومن بين ضحاياه الشيخ عبدالله عيسى المحروس. قام خليفة بركل الشيخ المحروس مرارًا في البطن وأمر حراس السجن بالدوس على بطنه ما سبب له نزيفًا باطنيًا وأخضعه لعمليتين جراحيتين.
وعن هذا التعذيب يقول الشيخ المحروس: “كانوا يقفون بأحذيتهم على بطني وأنا طريح على الأرض، وكلما شكوت من ألم البطن ضربوني أكثر على بطني، فأصبت بمرض النزيف الداخلي والأوجاع الشديدة”. ويؤكد أنه تعرف على بعض معذبيه ومنهم “رئيس جهاز الأمن الوطني خليفة بن عبد الله آل خليفة ومجموعة من منتسبي الجهاز”.
كانت عمليات التعذيب تجرى بإشراف كبار المسؤولين وأفراد العائلة الحاكمة. أما الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب، فقد كان يتم تصوريها وعرضها على الإعلام الرسمي.
وبهذا تستعرض وزارة الداخلية إنجازاتها وتأرهب المعتقلين مبررة محاكماتهم الجائرة وغير القانونية. وقد أشار المعتقلون بأن أحد أفراد جهاز الأمن الوطني قد أبلغهم بأن “شيخًا” من أفراد الأسرة الحاكمة سيقابلهم لسماع أقوالهم ورفعها للملك بغرض الإفراج عنهم.
وكان خليفة قد أدّى آنذاك دور حلقة الوصل بين الملك وأقطاب المعارضة البحرينية، أحدهم الأستاذ حسن مشيمع الذي ورد اسمه ضمن الاعترافات بذلك الفيلم على انه المحرض الرئيس للخلية الإرهابية.
نورة آل خليفة
من بين الأسماء التي برزت في غرف التعذيب المظلمة، نورة آل خليفة، الأميرة التي عملت في شرطة مكافحة المخدرات، واتهمت بتعذيب نشطاء بحرينيين.
وقد خضعت نورة آل خليفة للمحاكمة بعد الشكاوى التي رفعت، لكن محكمة الاستئناف سرعان ما برّأتها من انتهاكات التعذيب.
من بين الحالات الموثقة، ما تعرض له الأخوان غسان وباسم ضيف اللذين كان يعملان في مجمع السليمانية الطبي والدكتور علي العكري، إلى جانب نساء اعتقلن وزج بهم في السجن في ظروف بالغة السوء وتعرضن للتعذيب على يد ابنة العائلة الحاكمة، كالشاعرة هي آيات القرمزي، القائمة بأعمال رئيس جمعيّة المعلمين البحرينيّة (في حينه) جليلة السلمان، المسعفة الدكتورة فاطمة حاجي، الدكتورة زهرة السماك، الدكتورة رولا الصفار، والدكتورة خلود الدرازي.
تعرضت الشاعرة القرمزي للتعذيب والاعتقال في مارس 2011، عندها كان عمرها 21 عامًا، بسبب إلقاء قصيدة تنتقد الحكم في البحرين.
كما تعرضت للضرب بالأسلاك وهي معصوبة العينيين وهددت بالاغتصاب. وقد استطاعت في إحدى جلسات التعذيب التعرف على نورة التي قامت بشتمها والبصق بداخل فمها وصعق وجهها بالكهرباء وصفعها مرات عدة.
وأساليب التعذيب هذه تعرضت لها أيضًا الطالبة فاطمة البقالي، بسبب كلمة ألقتها في ساحة الاعتصام اللؤلؤة، وقد تعرضت فاطمة للتهديدات بالاغتصاب في حال كشفت عن هذه الانتهاكات.
أما الدكتورة فاطمة حاجي، فقد تم تعذيبها بسبب تواصلها من منظمات حقوقية، فتعرضت للضرب بخرطوم المياه وللصعق بالكهرباء على يد الأميرة.
وتحت التعذيب، أجبرت على الاعتراف بأنها زودت النشطاء بوحدات دم قاموا بسكبها على أنفسهم للتظاهر بتعرضهم لإصابات. وتم التحرش بها جنسيًا من قبل مجموعة رجال بإشراف الأميرة، وهددت بالاغتصاب، وأجبرت على الوقوف على قدم واحدة والغناء والرقص وتقليد أصوات الحيوانات.