النظام الخليفي يدين 13 بحرينيا في محاكمة جماعية جائرة
قالت “هيومن رايتس ووتش” و”معهد البحرين للحقوق والديمقراطية” اليوم إن محكمة بحرينية حكمت على 13 شخصا بالسَّجن إثر محاكمة جماعية جائرة شابتها انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة وادعاءات التعذيب.
وبحسب المنظمتان الحقوقيتان في بيان مشترك تلقى “بحريني ليكس” نسخة منه، تأتي هذه الإدانات ضمن موجة مستمرة لانتهاكات السلطات البحرينية لحرية التعبير، والتجمع، والإجراءات القانونية الواجبة.
وستستمع محكمة الاستئناف إلى الطعن في 10 ديسمبر/كانون الأول 2023، وخلاله ينبغي لها أن تحقق بمصداقية في ادعاءات المتهمين أنهم تعرضوا للتعذيب، والتي لم تحقق فيها المحكمة الدرجة الأولى بشكل مناسب.
قال مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية سيد أحمد الوداعي: “المحكمة، التي تمت مواجهتها بادعاءات التعذيب، لم تحقق في هذه الادعاءات، واعتمدت بدل ذلك على شهادة قوات الأمن، التي يُزعم أن بعضها ارتكب الانتهاكات”.
وأضاف أن “على محكمة الاستئناف التحقيق بشكل مناسب في ادعاءات التعذيب قبل محاكمة 10 ديسمبر/كانون الأول”.
في محاكمة جماعية لـ 65 متهما، أدانت المحكمة الجنائية الأولى في البحرين 13 متهما في 26 سبتمبر/أيلول بتهم استخدام القوة ضد حراس السجن وتخريب ممتلكات السجن، بعد مظاهرة سلمية نظمها النزلاء في سجن جو في أبريل/نيسان 2021.
تمت تبرئة الـ 52 متهما الآخرين. بالإضافة إلى الانتهاكات الجسيمة للإجراءات القانونية الواجبة، بما فيها حرمان السجناء من حقوقهم في حضور جلسات الاستماع التي تخصهم، لم تحقق المحكمة بشكل مناسب في ادعاءات المتهمين أنهم تعرضوا للتعذيب والقوة المفرطة من قبل حراس السجن.
بدأت مظاهرات أبريل/نيسان 2021 ردا على وفاة السجين عباس مال الله في 6 أبريل/نيسان. سُجن مال الله لمشاركته في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، ومن المرجح أن وفاته كانت بسبب الإهمال الطبي.
وفقا لتحقيق أجرته “منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين”، حرمت سلطات السجن مال الله من الرعاية الصحية الكافية وأخّرت منحه الرعاية الطبية بعد أن فقد وعيه في زنزانته ليلة وفاته.
ردا على ذلك، رفض بعض السجناء في مباني سجن جو الثلاثة العودة إلى زنازينهم، مطالبين بالمحاسبة على وفاة مال الله والحصول على الرعاية الصحية الكافية والتواصل المنتظم مع عائلاتهم.
بعد ذلك، احتجزت سلطات السجن جميع السجناء في المباني الثلاثة الذين لم يشاركوا في الاعتصام في الممر المؤدي إلى زنازينهم لأكثر من 10 أيام.
في 17 أبريل/نيسان، دخل موظفو السجن مع قوات خاصة من شرطة مكافحة الشغب إلى المباني الثلاثة واستخدموا القوة المفرطة ضد النزلاء المحتجين.
كما دخلت قوات الأمن بالقوة إلى زنزانة مغلقة فيها سجناء لم يشاركوا في الاحتجاج، واستخدمت القنابل الصوتية ورذاذ الفلفل ضدهم، بحسب شهادات السجناء للنيابة العامة.
قالت المتحدثة باسم “مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان” مارتا هورتادو إن قوات الشرطة الخاصة استخدمت “القوة غير الضرورية وغير المتناسبة” لفض “اعتصام سلمي”، وإن على السلطات البحرينية التحقيق في الاستخدام المفرط للقوة.
حلل معهد البحرين للحقوق والديمقراطية وهيومن رايتس ووتش أكثر من 3 آلاف صفحة من وثائق المحكمة لتقييم ادعاءات المتهمين أنهم تعرضوا للتعذيب.
قال حسن علي الشويخ، أحد المدانين الـ 13، في شهادة مكتوبة بخط اليد قُدّمت إلى المحكمة، إن النزلاء في زنزانته طلبوا من الشرطة التوقف عن ضرب النزلاء لأنهم كانوا يطالبون بحقوقهم.
وأضاف أنه والنزلاء والآخرين فوجئوا حينها بأن قوات مكافحة الشغب وصلت وفتحت باب زنزانتهم وألقت خمس قنابل صوتية داخل الزنزانة، ثم دخلت ورشّتهم برذاذ بالفلفل.
وصف سعيد عبدالامام سعيد هلال، وهو نزيل اعتدى عليه حراس السجن، الضرب في مقابلة مع النيابة العامة في 25 أبريل/نيسان 2023، وقال، بحسب نص المقابلة، إن قوات الشرطة جاءت إلى الزنزانة وضربته بالهراوات فوق عينه اليسرى، فسقط على الأرض وفقد الوعي.
وأضاف أنه عندما استيقظ في عيادة السجن، أبلغوه أن لديه كسرا في العظم فوق عينه اليسرى.
قال سيد علوي الوداعي في شهادة مكتوبة بخط اليد قُدّمت إلى المحكمة في 25 يوليو/تموز 2023 إن حراس السجن ضربوه هو والمساجين الآخرين بشدّة بالعصي وسحبوهم خارج الزنزانة، وأهانونهم وأهانوا دينهم، وبصقوا على وجوههم، ووضع أحدهم حذاءه في فمه.
قدّم أغلب السجناء المتهمين في المحاكمة تفاصيل عن الانتهاكات التي وقعت أثناء نقلهم في 17 أبريل/نيسان إلى مبنى آخر في السجن، يُعرف بالمبنى 15.
في وثائق المحكمة، شهد العديد منهم أن أحد حراس السجن استخدم بشكل متكرر أشياء معدنية، منها علبة رذاذ الفلفل ومفتاح العجلات المعدني، لضربهم.
قال أحد السجناء، يوسف أحمد عبد الله، إن عنصرا ضربه على رأسه 16 مرة، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة في الرأس لم تعالجها السلطات. كانت التقارير الطبية المقدمة إلى المحكمة من قبل أطباء النيابة العامة متسقة مع شهادة عبد الله عن إصاباته.
بعد ذلك، احتُجز السجناء بمعزل عن العالم الخارجي 19 يوما في المبنى 15، وتعرضوا لمزيد من الانتهاكات، منها الحرمان من العلاج الطبي، وفقا لشهادات المحكمة.
عام 2021، بدأت “وحدة التحقيق الخاصة” و”الأمانة العامة للتظلمات” في وزارة الداخلية تحقيقات منفصلة في الحوادث المتعلقة بالاحتجاج وتعامل سلطات السجن معها.
لم يُنشر تحقيق وحدة التحقيق الخاصة قط، ولم تقدم السلطات أي تفاصيل بشأن وضع التحقيق. أجرِي تحقيق الأمانة العامة للتظلمات فور وقوع أحداث 17 أبريل/نيسان 2021، ونُشر في 22 أبريل/نيسان، وأعلن أن الادعاءات كاذبة.
كما رأت “لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب” أن الأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقيق الخاصة غير فعالتين نظرا إلى أن الشكاوى تمر في النهاية عبر وزارة الداخلية.
وجدت هيومن رايتس ووتش ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية أن وزارة الداخلية نفسها ضالعة في تعذيب وإساءة معاملة السجناء.
لم تُجرِ الهيئتان تحقيقات سريعة ونزيهة وفعالة في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة وفقا لـ “اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، والبحرين دولة طرف فيها.
شابت المحاكمة انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة. خلال الجلستين الأُولَيَيْن وفي يوم صدور الحكم، لم يؤخَذ أي من السجناء الـ 62 المحتجزين في سجن جو إلى المحكمة، بما ينتهك حق المتهمين في حضور جلسات الاستماع الخاصة بهم.
تمكن النزلاء الثلاثة الآخرون، الذين لم يعودوا محتجزين في سجن جو، من الحضور. اعتمدت المحكمة في حكمها النهائي فقط على المقابلات التي أجرتها النيابة العامة عام 2021 ورفضت طلب محامي الدفاع استجواب حراس السجن الذين زُعم أنهم اعتدوا على النزلاء.
قالت المحكمة في حكمها النهائي إنه، بما أن المحكمة كوّنت إدانتها بناء على وثائق القضية والأدلة المؤيدة لها، فقد خلصت إلى عدم ضرورة سماع أقوال الشهود.
نشرت هيومن رايتس ووتش ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية تقارير كثيرة عن انتهاكات حقوق الإجراءات القانونية الواجبة في البحرين، بما فيها محاكمات صورية حُكم فيها على المتهمين بالإعدام.
وقد شابت هذه المحاكمات انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة، واستندت فقط أو بشكل أساسي إلى اعترافات مأخوذة تحت التعذيب أو سوء المعاملة.
يضمن القانونان الدولي والبحريني حق المتهمين في محاكمة عادلة، بما يشمل التمثيل القانوني في جميع مراحل الإجراءات واستدعاء الشهود واستجوابهم.
زادت الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل خاص دعمهما الدبلوماسي والاقتصادي للبحرين في السنوات الأخيرة، رغم انتهاكات البحرين الواسعة لحقوق الإنسان، وساهمتا في تلميع صورة هذه الانتهاكات بتصريحات أشادت بالسجل الحقوقي البحريني.
قالت نيكو جعفرنيا، باحثة البحرين واليمن في هيومن رايتس ووتش: “بدعمها المتزايد للبحرين، تعطي الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى حكومة البحرين الاستبدادية الضوء الأخضر لمواصلة انتهاكاتها المتفشية لحرية التجمع والإجراءات القانونية الواجبة”.
وتابعت “على هذه الدول استخدام مكانتها الدبلوماسية لضمان احترام السلطات البحرينية حقوق الإجراءات القانونية الواجبة وإنهاء معاملتها المسيئة للسجناء”.