Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
انتهاكات حقوق الإنسان

البحرين: التعذيب والإهمال الطبي كسياسة دولة لا كحالات فردية

تعكس شهادات المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي في البحرين واقعًا صادمًا لا تنتهي معاناته عند بوابة السجن، بل تمتد سنوات طويلة بعد الإفراج، لتتحول حياتهم إلى صراع يومي مع ما خلّفه التعذيب من أوجاع جسدية ونفسية في ظل تبني نهج التعذيب كسياسة دولة لا كحالات فردية.

فالدولة التي تُغرق العالم بخطاب “الإصلاح” و“حماية حقوق الإنسان” تمارس في مراكز الاحتجاز أبشع الانتهاكات، وتُعيد إنتاجها بصورة ممنهجة تجعل من التعذيب سياسة رسمية لا عَرَضًا جانبيًا.

وسلط تقرير يستند إلى شهادات مباشرة، وتوثيقات طبية، وتقارير منظمات دولية أبرزها منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB)، الضوء على سلسلة من الفضائح التي تفضح هشاشة الخطاب الرسمي، وتكشف حجم الجحيم الذي يعيشه السجناء السابقون والحاليون على حد سواء.

التعذيب… دوامة لا تتوقف داخل السجن وخارجه

يعد التعذيب في البحرين أداة سياسية تستهدف إذلال السجناء وكسر إرادتهم قبل أن تحطم أجسادهم.

فمعظم المعتقلين السياسيين يدخلون السجن ليجدوا أنفسهم أمام منظومة عقابية متكاملة: ضرب، صعق كهربائي، حرمان من النوم، تعرية، تهديد بالاعتداء الجنسي، وإجبار على الوقوف ساعات طويلة.

وتكشف شهادات عديدة أن آثار التعذيب تمتد لسنوات، مسببةً إصابات في العمود الفقري، تلفًا في الأعصاب، فقدانًا للقدرة على الحركة أو السيطرة على وظائف الجسم، واضطرابات نفسية حادة مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة.

وبعض هؤلاء أُصيب بإعاقات دائمة، وبعضهم خرج فاقدًا للسمع أو النظر أو الأسنان، فيما آخرون لم يخرجوا إلا إلى القبور نتيجة المرض والإهمال.

الإهمال الطبي… عقاب بطيء يذيب السجناء جسديًا ونفسيًا

حتى بعد توقف الصعق والضرب، تبدأ مرحلة أخرى أشد قسوة: الإهمال الطبي المتعمّد، حيث يتحول العلاج إلى “مكرمة” لا تُمنح إلا انتقائيًا.

وتؤكد آلاف الحالات الموثقة أن السجون البحرينية تحرم المعتقلين من الدواء، وتمنع نقل المرضى إلى المستشفيات، وتؤجل العمليات الجراحية لأشهر وسنوات.

وتوضح تقارير ADHRB أن سجون البحرين تحوّلت إلى مقابر صحية، حيث يُترك مرضى القلب، والسكري، والسرطان، ومصابي التعذيب دون علاج، فيما تُرفض طلبات العلاج النفسي رغم انتشار حالات الهلوسة والاكتئاب ومحاولات الانتحار.

حامد جعفر المحفوظ مثال صارخ على ذل حيث خرج من السجن بعد سنوات وهو بلا أسنان نتيجة الإهمال الطبي.

محمد حسن عبدالله «الرمل» نُقل عشرات المرات بين المستشفى والسجن دون أن يرى اختصاصيًا.

سيد كاظم عباس هو أحد الضحايا الذين انتهت حياتهم بسبب ورم دماغي لم يشخّص في الوقت المناسب، لتتحول قصته إلى رمز لسياسة الموت البطيء.

أما القاصر علي مهدي عليوي، فقد خرج من السجن وهو يعاني من هلاوس واضطراب عقلي بعد تعرّضه لتعذيب وإهمال نفسي ممنهج، في فضيحة تكشف التعامل القاسي مع الأطفال داخل السجون.

السجون البحرينية… نظام يعمل بلا رقيب ولا محاسبة

من عام 2011 إلى 2019 وحدهما، وثّقت منظمات حقوقية ما لا يقل عن 570 حالة تعذيب تورط فيها مسؤولون كبار بوزارة الداخلية، بينهم شخصيات من العائلة الحاكمة نفسها.

ومع ذلك… لا أحد يحاسب، ولا تحقيق يُفتح، ولا قاضٍ يملك الجرأة على المساس بـ“مقدسات السلطة”.

وتتكرر أسماء الضباط المتورطين في التعذيب والإهمال الطبي في شهادات السجناء: هشام الزياني، بدر الرويعي، أحمد العمادي، علي عراد، وغيرهم، جميعهم يمارسون الانتهاكات دون خوف من المساءلة.

في المقابل فإن المؤسسات الرقابية — كالأمانة العامة للتظلمات ومؤسسة حقوق الإنسان — ليست سوى واجهات تُستخدم لتبييض الانتهاكات بدلًا من معالجتها.

والبحرين اليوم هي دولة بمعدل موظفين أمنيين من الأعلى في العالم (46 موظفًا لكل 1000 مواطن)، ما يعكس طبيعة النظام القائم على السيطرة الأمنية لا الإدارة الديمقراطية.

قيادات المعارضة… الهدف الدائم للانتقام السياسي

تشير التقارير إلى أن أبرز قادة المعارضة يتعرضون لأسوأ أشكال الإهمال الطبي كعقاب سياسي.

حسن مشيمع، الذي يعاني من أمراض مزمنة عدة، يُحرم من الفحوصات الضرورية لمعرفة ما إذا عاد السرطان.

الدكتور عبد الجليل السنكيس يعيش هشاشة صحية خطيرة، تتدهور يومًا بعد يوم بسبب حرمانه من العلاج الأساسي ومن جلسات العلاج الطبيعي، وإبقاؤه في ظروف تعذيب بطيء.

هؤلاء لا يُعاقبون لأنهم خطر على الأمن، بل لأنهم خطر على رواية السلطة، ولأنهم يذكّرون العالم بأن البحرين دولة تُسكت معارضيها لا عبر الحوار، بل عبر الألم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى