يجد المزيد من سجناء الرأي في سجون النظام الخليفي الحاكم في البحرين أنفسهم ضحايا التعذيب وسوء المعاملة مع توالي نقلهم إلى المستشفيات بفعل تدهور حالتهم الصحية.
وأوردت هيئة شئون الأسرى في البحرين نقلا عن عائلة الأسير أحمد عبد الله العجيمي بأنه تم نقله من سجن جو المركزي إلى المستشفى في الساعات الأخيرة بعد تدهور خطير في صحته.
وأشارت عائلة العجيمي بأنها تلقت اتصالا من رفقائه بالسجن، أخبروهم بمعاناته من تشنجات عصبية (صرع)، ويتعرض للإغماء بشكل متكرر مما استدعى نقله بشكل عاجل للمشفى خارج السجن.
وقالت والدة الأسير العجيمي “ابني كان سليم لا يعاني من أي أمراض وبكامل صحته، إلا أنه عند دخول السجن أصبح مريض بعدة أمراض وبعضها مزمن وخطير”.
وحملت الأم المكلومة على نجلها وزارة الداخلية وإدارة السجن مسؤولية الانتكاسة الصحية التي يتعرض لها ابنها.
واعتقل الأسير أحمد عبدالله سلمان العجيمي في أول نوفمبر/تشرين الثاني 2017 وهو محكوم بالسجن 7 أعوام.
في سياق قريب نقلت إدارة سجن جو المركزي القيادي المعتقل الشيخ ميرزا المحروس إلى المستشفى يوم الثلاثاء الماضي بعد انتكاسة صحية تعرض لها.
وكانت عائلة المحروس سبق أن قالت إنه أبلغهم بمعاناته من مرض القولون الذي تسبب في عدم قدرته على الأكل والشرب، علما أنه معتقل منذ عام 2011 ومحكوم بالسجن لمدة 15 عامًا.
ويتخذ النظام الخليفي الحاكم في البحرين من التعذيب الممنهج المستمر أداة للانتقام من سجناء الرأي والمعارضين وسحق أي نوع من الحريات العامة وانتقاد سياساته.
وقالت منظمة سلام للديموقراطية وحقوق الانسان إن التعذيب الممنهج مستمر مع محاولات السلطات البحرينية تغييب حقيقة ما تعرّضَ ويتعرّض له المعتقلين على خلفية سياسية في السجون، ومراكز الاحتجاز.
وأبرزت المنظمة تبرير تجاوزات الأجهزة الأمنية والنيابة العامة التي ارتكبت أفظع الجرائم والتعذيب أثناء التحقيق والاستجواب لمعتقلي الرأي والسياسيين من النساء والرجال والأطفال والكبار، مع تستّر وصمت القضاء عن جرائم التعذيب.
وقالت إن الجرائم الممنهجة والمقصودة بحق البشرية ومنها التعذيب هي جرائم لا تسقط بالتقادم، وجبر الضرر بالانتصاف للضحايا واجب على الدولة مهما طال الزمن.
وأضافت أن مرتكبي جرائم التعذيب لا تحميهم مراسيم أو قوانين مهما كانت قوتها ومصدرها، والتجاوزات الجسيمة لحق الإنسان في عدم تعرضه للتعذيب والذي لا يمكن لأي سياق شرعي أن يبرره، لاقت إطارها القانوني في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي أُقرت في العام 1984 ودخلت حيز التنفيذ في 26 حزيران/ يونيو 1987.
ومملكة البحرين في توقيعها على بنود الاتفاقية بموجب المرسوم بقانون رقم (4) لسنة 1998،دون التصديق على البروتوكول الاختياري للاتفاقية، التزمت باتخاذ إجراءات تشريعية وقضائية وإدارية لمنع جريمة التعذيب، وألقت على عاتقها في المادة 14 ضمان حصول الضحية على الإنصاف والتعويض العادل .
وقد أكدت البحرين في تصديقها على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بموجب القانون رقم 56 لسنة 2006، على التزامها مرة أخرى بمنع إخضاع أحد للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة الإنسانية، وذلك بحسب ما نصّت عليه المادة السابعة منه.
ونوهت المنظمة الحقوقية إلى عشرات من التقارير المحلية والاممية بما فيها الشكاوى المرفوعة للإجراءات الخاصة وثّقت أمثلة عديدة مماثلة لحالة السجناء السياسيين.
أبرز هؤلاء الحقوقيين البارزين عبد الهادي الخواجة، ناجي فتيل، وعبد الجليل السنكيس، والناشطين الحقوقيين مثل ابتسام الصائغ.
وأظهرت معاناة ضحايا التعذيب من المعتقلين والسجناء السياسيين في سجن جوّ المركزي، ومبنى الإدارة العامة للتحقيقات والمباحث الجنائية، والمجمَّع الأمني في مدينة المحرق وغيره من مراكز الاحتجاز.
وأكدت على الانتهاكات الجسيمة التي تتسبب بها الأجهزة الأمنية أثناء الاحتجاز، والتحقيق.
فقد عانى المعتقلون في البحرين من التعذيب الممنهج والمعاملة القاسية والمهينة لضباط الأمن في الداخلية و جهاز الأمن الوطني، والتي اختلفت أساليبها بين المعاملة السيئة، الضرب، الاعتداء الجنسي، الإهمال الطبي، المنع من العلاج.
وفي السياق علّق المستشار القانوني لمنظمة سلام إبراهيم سرحان: “إن آلام التعذيب لازالت تلاحقني نفسيا ومشاهد التعذيب في غرف الموت لا تغيب عن مخيلتي، لم تكسر إرادتي ولم أتخلى عن نشاطي الحقوقي بل ازدادت عزيمتي لمناهضة التعذيب والدفاع عن الضحايا من أجل مستقبل يشعر فيه الإنسان بكامل إنسانيته وكرامته”.
وأكدت منظمة سلام أن سنوات من التعذيب والنظام البحريني يعجز عن التعويض وتوفير الإنصاف لعشرات ضحايا التعذيب وعوائلهم بالتغاضي عن مزاعم التعذيب واحجامها، و تبرئة العديد من مرتكبي، وإصدار أحكام مخففة بحق قلة أدينوا بما يتعارض مع خطورة جرائمهم.
وتابعت قائلة “إن كانت حكومة البحرين جادة في الإصلاح الحقوقي الشامل، وجب عليها إنصاف وتعويض ضحايا التعذيب عبر اتباع نظام محدد من الإجراءات والمراحل، على النحو المنصوص عليه في التعليق العام رقم 3 للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب بشأن تنفيذ المادة 14 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب”.
وشددت على وجوب رد الحقوق وسعي لإعادة الضحية إلى وضعها السابق للانتهاك مع مراعاة الظروف المحددة لكل حالة. ويتطلب ذلك معالجة الأسباب الهيكلية، أي معالجة عواقب التعذيب مثل التمييز والاضطهاد الطائفي واتخاذ خطوات لعكس آثاره.
ودعت إلى التعويض المالي وغير المالي المناسب لتغطية الأضرار، بما في ذلك النفقات الطبية، وفقدان الدخل، والفرص. كما ينبغي أن يشتمل التعويض على المساعدة القانونية والتكاليف الأخرى المتعلقة بالتماس الإنصاف.
وحثت المنظمة الحقوقية على ضرورة اتخاذ تدابير وقائية لمكافحة الإفلات من العقاب وضمان عدم تكرار التعذيب. والالتزام بالمعايير الدولية للإجراءات القانونية الواجبة، وتدريب مسؤولي إنفاذ القانون، وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وتفعيل المراقبة المستقلة لمرافق الاحتجاز، وإجراء إصلاحات قانونية.