Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
انتهاكات حقوق الإنسان

الإفراجات لا تغلق ملف سجناء الرأي في البحرين

الحرية الكاملة والعدالة الانتقالية غائبتان عن المشهد

رغم الإفراج عن أعداد كبيرة من سجناء الرأي في البحرين خلال الفترات الماضية، لا يزال ملف معتقلي الرأي مفتوحاً على مصراعيه، محاطاً بجملة من التعقيدات القانونية والحقوقية والإنسانية، وسط انتقادات لغياب مسار العدالة الانتقالية وإجراءات جبر الضرر، الأمر الذي يُبقي الأزمة الحقوقية قائمة ويعمق معاناة المفرج عنهم.

وأكّد باقر درويش، رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان، في تصريح صحفي، أنّ الحديث المتكرر عن «العقوبات البديلة» لم ينعكس على الأرض بشكل فعّال، بل شاب تطبيقه العديد من «المنغصات».

وشدد درويش على قاعدة حقوقية أساسية تقول: «الحرية الكاملة وجبر الضرر حق أصيل لكافة سجناء الرأي، وتطبيق الإجراءات المخصصة للسجناء الجنائيين ليس الحل الأمثل لإقفال هذا الملف».

الإفراجات لا توقف عجلة الاعتقالات

على الرغم من الإفراج عن أعداد معتبرة من سجناء الرأي، يشير درويش إلى أنّ معدّل الاعتقالات التعسفية لم يتوقف، موضحاً أن نسبة الاعتقالات خلال عام 2025 بلغت 39,9% مقارنة بأعداد المفرج عنهم، ما يعكس استمرار سياسة الاعتقال كأداة للضغط السياسي والاجتماعي.

وقال درويش: «تبييض السجون دون تحقيق العدالة الانتقالية لا يكفي لإغلاق أبواب السجون السياسية في البحرين، إذ إن رحلة المعاناة للمفرج عنهم تبدأ عند الخروج من السجن، حين يواجهون تحديات الحصول على وظيفة أو العودة إلى أعمالهم السابقة، والتأهيل النفسي والجسدي، فضلاً عن تأمين حقوقهم القانونية والمعيشية والسكنية، أو استكمال التعليم، إضافة إلى تبعات الاعتقال السياسي».

تجزئة الحقوق والتسويات الجزئية

وانتقد درويش ما وصفه بخطاب «تجزئة الحقوق» الذي تتبناه السلطات، معتبراً أنه يقتصر على الحد الأدنى ولا يلبي مطالب العدالة الشاملة. وأشار إلى أنّ بعض الأصوات في الرأي العام باتت تنساق خلف هذا الخطاب «تحت ذرائع مختلفة»، محذراً من الاكتفاء بالتعبير عن الفرح بالإفراج عن المعتقلين دون المطالبة بحقوقهم الكاملة.

وضرب مثالاً على ذلك قائلاً: «بدلاً من تحويل معتقلي الرأي إلى السجون المفتوحة، كان الأولى منحهم الحرية الكاملة، وإغلاق سجن جو المركزي سيئ السمعة، بوصفه رمزاً لحقبة من الانتهاكات يجب أن تُطوى وتُعالج تداعياتها».

ضحايا لا مجرمون

شدد درويش على ضرورة تصويب الخطاب الحقوقي في البحرين، مؤكداً أن معتقلي الرأي هم «ضحايا ومن حقهم نيل الحرية الكاملة بما يحفظ كرامتهم»، وأنه «ليس من حق أي جهة التنازل عن حقوقهم أو تبرير سلبها، مهما كانت الظروف».

وأضاف: «الأصل في تعبيد الطريق نحو إغلاق السجون السياسية هو التأكيد على الإصلاح الجذري والجاد، ومبدأ المساءلة وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، لقطع الطريق أمام ما تشكل من مجتمع الجناة من بعض العناصر الأمنية وغيرهم ممن ارتكبوا الانتهاكات».

العدالة الانتقالية الغائبة

انتقد درويش تغييب مصطلح العدالة الانتقالية عن الخطاب الحقوقي في البحرين، مؤكداً أن أي حلّ حقيقي للملف الحقوقي يجب أن يتضمن خارطة طريق واضحة تشمل المحاسبة، وجبر الضرر، وضمان عدم تكرار الانتهاكات، وتفعيل دور المجتمع المدني في مسارات الإصلاح السياسي والحقوقي.

كما أشار إلى أن حتى في حال الوصول إلى «تبييض السجون»، فإن أكثر من 20 ألف حالة اعتقال تعسفي في السنوات الماضية ليست مجرد أرقام حقوقية، بل تتطلب مساراً للعدالة والتعويضات، مؤكداً أن «الحديث لا يجب أن ينحصر بالمعتقلين الحاليين فقط».

ولفت درويش إلى أن المفرج عنهم بحاجة إلى حراك مجتمعي واسع يضمن احتضانهم اجتماعياً ونفسياً ومادياً، لا سيما في ظل تقاعس الدولة عن أداء واجبها في إعادة التأهيل والتعويض والرعاية، مشيراً إلى ضرورة التكافل الاجتماعي لضمان إدماجهم الكامل في المجتمع.

وختم درويش بالقول: «عدم التأثر بضغط السلطة في النظر إلى سجناء الرأي باعتبارهم غير الضحايا الذين هم عليه فعلاً، يفرض تكافلاً مجتمعياً شاملاً. هؤلاء الأشخاص يستحقون التكريم والاحترام على معاناتهم، وليس الاكتفاء بالفرح بخروجهم من السجون بينما تُترك حقوقهم الأساسية معلقة».

ويبقى ملف سجناء الرأي في البحرين مفتوحاً، وسط تساؤلات متزايدة حول جدية السلطات في إغلاق هذا الملف جذرياً، ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان، التي لا تزال تلقي بظلالها على صورة المملكة في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 + عشرين =

زر الذهاب إلى الأعلى