السجون المفتوحة في البحرين: دعاية كبيرة ونتائج متواضعة
حظي برنامج السجون المفتوحة في البحرين بحملات دعاية كبيرة من النظام الخليفي ومؤسساته في وقت تؤكد أوساط إعلامية وحقوقية أن نتائج البرنامج لا تزال متواضعة.
وفي فبراير عام 2023 قال وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في رده على سؤال نيابي إن المستفيدين من برنامج السجون المفتوحة في دفعته الأولى بلغوا نحو 48 شخصاً كمرحلة أولية، واعداً بأن يشمل البرنامج عدداً أكبر من المستفيدين في المستقبل.
وتعتبر السجون المفتوحة هي المرحلة الثانية بعد العقوبات البديلة، في العقوبات البديلة يتم استبدال عقوبة المحكوم من السجن إلى عقوبة أخرى لخدمة المجتمع مجاناً على أن يقضي مدة العقوبة حرّاً وأن يعود يومياً بعد أداء خدمة المجتمع هذه إلى منزله وبين عائلته.
أما السجون المفتوحة فهو برنامج وضع لأصحاب المدد الطويلة من المسجونين الذين يصعب الإفراج عنهم بشكل كامل لأسباب مختلفة.
وبموجب هذا البرنامج يتم إطلاق سراح السجين طوال اليوم، على أن يعود عند ساعة محددة للسجن للمبيت فيه، والهدف المعلن من هذا البرنامج “إدماج المحكوم في المجتمع وتهيئته للمشاركة في دورة الحياة الاجتماعية”.
ومنذ إعلان الحكومة البحرينية عن مبادرة العقوبات البديلة والسجون المفتوحة، تنهال الإشادات الدولية على البحرين لما تشكله هذه الخطوة من تقدم حقيقي في ملف حقوق الإنسان.
لكن السجون المفتوحة بقيت تطبّق على نطاق ضيّق ولا تشمل المعتقلين السياسيين إلا في حدود ضيقة للغاية بحسب ما أكدت رابطة الصحافة البحرينية.
وفي آخر إحصائية رسمية قالت النيابة العامة في تقريرها السنوي الذي نشرتها أواخر يناير/كانون الثاني 2024 إن عدد المستفيدين من برنامج العقوبات البديلة بلغ 6286 مستفيداً.
فيما بلغ عدد المستفيدين من برنامج السجون المفتوحة 105 مستفيدين فقط، بواقع 48 مستفيداً في الدفعة الأولى، و57 مستفيداً في الدفعة الثانية.
وعلى عكس برنامج العقوبات البديلة، فإن السجون المفتوحة أخذ حيّزاً واسعاً في صفحات الصحف وتقارير تلفزيون البحرين، بل وصل الأمر إلى إقامة حفل لتخريج الدفعة الأولى بحضور وزير الداخلية شخصياً، للترويج لهذا الإنجاز.
ومن الملاحظ أن الحكومة تتعامل مع برنامج السجون المفتوحة على أنه خطوة دعائية، فحتى الآن استثنت الحكومة قيادات المعارضة من هذا البرنامج، مع أنهم يعتبرون في عرف القانون مستوفين للشروط إذ أن أحكامهم السجنية طويلة ولا يشكلون خطراً حقيقياً على المجتمع.
وأكدت الرابطة أنه من المؤسف أنه ومنذ عام 2011 فإن أي مشروع أو برنامج يرتبط بالملف السياسي غالبًا ما يكون مرتبطًا بإحدى هاتين الغايتين، أن يكون ضرورة ملحّة لحل أزمة حقيقية أو إنه دعاية سياسية.
وشددت على أنه يمكن استخلاص أن برنامجاً مثل برنامج العقوبات البديلة، جاء لحل معضلة حقيقية تتمثل في اكتظاظ السجون وعدم وجود مبانٍ كافية لاحتجاز المعارضين، أو عدم وجود رغبة في تحمل الكلفة الاقتصادية من وراء احتجازهم.
أما بالنسبة لبرنامج السجون المفتوحة فهو لا يزال يدور في نطاق الدعاية السياسية التي تشمل أيضًا إنشاء الأمانة العامة للتظلمات، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ووحدة التحقيق الخاصة في النيابة العامة المكلفة بالتحقيق في قضايا تعذيب السجناء.
وقد كسبت البحرين فعلاً إشادات دولية وأممية وحتى حقوقية جرّاء إعلانها عن هذه المبادرة، وهي مبادرة إيجابية دون أدنى شك، لكن استثمار مثل هذه المبادرات سياسياً دون أن يكون له تأثير حقيقي ومعاش قد يكون مجدياً لفترة محددة من الزمن، إلا أنه بالتأكيد لن يكون فعّالاً لسنوات متعاقبة بل سيكون مدخلاً لاستمرار الأزمة السياسية والحقوقية في البلاد.
وختمت رابطة الصحافة البحرينية بأن حكومة البحرين مدعوّة هنا لإثبات جديتها في سعيها نحو تطبيق برنامج السجون المفتوحة، بإشراك المحكومين السياسيين وخصوصاً قيادات المعارضة فيه.