قال مركز البحرين لحقوق الإنسان إن البحرين أصبحت أول دولة عربية ذات أكبر عدد من سجناء الرأي في السنوات الماضية بعد أن بلغ عدد معتقليها في وقت واحد حوالي 4500 سجين سياسي يعيشون في ظروف غير إنسانية.
وذكر المركز في تقرير له تلقى “بحريني ليكس” نسخة منه، أنه في العقد الماضي أو نحو ذلك، ظهرت العديد من التقارير حول الوضع السيئ للسجون في البحرين.
مما أدّى إلى دعوات من المجتمع الدولي لحقوق الإنسان لتحسين أوضاع السجون فيها ووقف سوء المعاملة؛ ولا سيما تجاه السجناء الذين تعرّضوا للاعتقال التعسفي والاحتجاز والمحاكمات الجائرة لمواقفهم المناهضة للحكومة.
والجدير بالذكر هنا أن البحرين قد اعتقلت في العقد الماضي ما يقارب من 15 ألف شخص بسبب آرائهم السياسية، وقد أصبحت بذلك أول دولة عربية ذات أكبر عدد من السجناء في السنوات الماضية بناءً على تقرير نشره معهد أبحاث السياسة الجنائية، حيث بلغ عدد معتقليها في وقت واحد حوالي 4500 سجين سياسي يعيشون في ظروف غير إنسانية.
من جهة، يتم إيداع عدد كبير من السجناء في مؤسسات إصلاحية لا تستوفي الحد الأدنى من القواعد القياسية لمعاملة السجناء، وحيث تتجلى فيها بيئة خصبة للتعذيب وسوء المعاملة لانتزاع الاعترافات.
ومن ناحية أخرى، تمثّل هذه السجون رمزًا للقمع وأداة للاضطهاد تستخدم لإسكات الأصوات المخالفة للرأي الرسمي للحكومة.
ومنذ عام 2011، أصبح ملف الأسرى في البحرين من أهم الملفات التي تواصل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية الإشارة إليها؛ ومع ذلك، فإنّ الإهمال منتشر على نطاق واسع من حيث توفير الرعاية الطبية المناسبة.
وأشار المركز إلى ملفات وشهادات سجناء تعرضوا لتعذيب جسدي ونفسي شديد ولا يزالون يعانون من آثار صحية متعاقبة.
وكذلك تسجّيل حالات وفاة داخل السجون نتيجة الإهمال المنهجي والتأخير في توفير العلاج وسوء المعاملة المتعمد أو/و الحرمان من الرعاية المناسبة لكل من المحتجزين في مراكز الاحتجاز والسجناء في السجن المركزي، ولم تتخذ السلطات أي إجراء قانوني أو تحقيق مناسب للوقوف على السبب الفعلي لهذه الوفيات.
على سبيل المثال، في نوفمبر 2015، كان سجن البحرين الرئيسي، “مركز الإصلاح والتأهيل في جو” (المعروف باسم سجن جو المركزي)، يضم ما يقرب من 2500 سجين مسجّل رسميًا، مع وجود اثنين فقط من المهنيين الطبيين، واحد لكل وردية.
ومع ذلك، شوهدت خطوات إيجابية في 2 يوليو 2017، بالموافقة على مشروع قانون العقوبات والتدابير البديلة، والذي يسمح للقاضي الأمر بعقوبة بديلة للعقوبة الأصلية.
مثل العمل في خدمة المجتمع، الإقامة الجبرية في مكان محدد، وحظر الذهاب إلى مكان أو أماكن معينة، والتعهد بعدم التعرض أو الاتصال بأشخاص أو كيانات معينة، أو الخضوع للمراقبة الإلكترونية، أو حضور برامج إعادة التأهيل والتدريب، و/أو إصلاح الضرر بسبب الجريمة.
وفي عام 2017 وبعد مرسوم ملكي، شرعت البحرين في قانون العقوبات البديلة، وفي يناير من هذا العام، غردت النيابة العامة أنّ 3741 سجينًا استفادوا من العقوبات البديلة الذين قضى معظمهم بالفعل مدة كبيرة من عقوبتهم. ووجدنا أن حوالي 700 منهم كانوا سجناء سياسيين، مما يجعلهم 18٪ فقط من المستفيدين من هذا القانون.
كما أعلنت البحرين مؤخرًا عن “مجموعة من الإجراءات لتوسيع نطاق الأحكام البديلة بالتوازي مع بدء تنفيذ برنامج السجون المفتوحة، في اتجاه يهدف إلى الحد من الاكتظاظ داخل السجون”.
ودعا ولي عهد البحرين إلى تنفيذ برنامج السجون المفتوحة خلال الأشهر المقبلة، مؤكدًا أن هذه البرامج تأتي في سياق استمرار تطوير النظام التشريعي الذي يدعم مسيرة التنمية في الدولة التي يتصورها.
وتأتي هذه الإجراءات بعد أشهر قليلة من إصدار الملك حمد بن عيسى مرسومًا لتنفيذ قانون العقوبات البديلة وإسقاط شرط قضاء نصف مدة العقوبة.
وشمل هذا المرسوم المعارضين والنشطاء السياسيين، ولكن مع رصد مستوى من التمييز عند تطبيق العقوبات البديلة على هذه الفئة من السجناء.
برنامج السجن المفتوح، وكما يوحي الاسم؛ يعني أن السجناء لا يتم حبسهم في بيئة سجن كلاسيكية ولكن في أماكن مفتوحة حيث لا يقضون معظم الوقت في زنازينهم ويتم السماح لهم بالعمل داخل السجن أو خارجه لكسب لقمة العيش، وحضور ورش العمل، والتعليم، والسماح لهم بالاتصال بحرية وزيارة العائلة، حتى أن البعض قد يسمح له بالخروج لبضع ساعات خارج هذه المرافق.
إنّه لمن الصحيح معاقبة كل شخص يرتكب جريمة، لكن هذا لا يعني أن عليه أن يدفع ثمنها بحياته. وبالتالي، ينبغي إعطاء هؤلاء فرصة ثانية، ولهذا تم تطوير مفهوم السجون المفتوحة لأول مرة في المملكة المتحدة في الثلاثينيات من القرن الماضي واستند إلى فكرة “الجزرة” بدلاً من “العصا”.
تم تطوير السجون المفتوحة لإعادة تأهيل السجناء الذين شارفت عقوبتهم على الانتهاء، وفي وقت سابق، كان السجن شكلاً بسيطًا من أشكال العقوبة.
لكن الآن يعتبر نظام الحد الأدنى من الأمن في السجن المفتوح شكلاً حديثًا للعقوبة، ولقد نوقش موضوع السجن المفتوح أولاً في مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين الذي عقد في جنيف عام 1955.
مزايا أنظمة السجون المفتوحة هي:
الحد من الاكتظاظ في السجون الذي يتسبب في كافة أنواع الإهمال وسوء المعاملة والمعاناة وإعاقة عملية إعادة تأهيل وإصلاح السجناء.
تشجيع المشرّعين الجنائيين البحرينيين لتمرير إجراءات عقابية أقل حدّية، وأن يكونوا أقل قمعًا وأقل خشونةً، بل أكثر وقايةً.
إزالة المضاعفات الخطيرة لعقوبات الحرمان من الحرية، فهي من العوامل التي تساهم بشكل سلبي في عودة المجرمين إلى الجريمة.
تقليل التكاليف التشغيلية لإدارة السجون التقليدية.
بناءً على كل ما سبق، فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يدعو الحكومة البحرينية وسلطاتها المعنية بشؤون الأسرى مثل مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين إلى:
استبدال أحكام السجن بالعقوبات البديلة وأنظمة السجون المفتوحة بشكل فعّال والتوسع في تنفيذها لتشمل الجميع دون تمييز.
الالتزام بالقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، لا سيما تلك المتعلقة بالعلاج والخدمات الطبية.
ضمان احترام حقوق السجناء.
السماح للجان المحلية والدولية بزيارة السجون ومراقبة شؤونها.
الإفراج عن السجناء المسجونين بسبب آرائهم السياسية أو للتعبير عن وجهات نظرهم المختلفة.