أبرزت رابطة الصحافة البحرينية، واقع الوضع البائس للصحافة المحلية في البحرين قبيل استحقاق الانتخابات البرلمانية المرتقبة المزمعة في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وقالت الرابطة في تقرير لها تلقى “بحريني ليكس” نسخة منه، إن الوضع البائس للصحافة المحلية في البحرين يعبر عن طبيعة ومستوى الحريات الصحافية المخنوقة في البلاد.
ومن المقرر أن تفتح مراكز الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلس النواب البحريني لدورة انتخابية جديدة، في وقت حرج تمر به المنظومة التشريعية التي مررت قوانين أثارت فيها سخط الشارع مثل قانون التقاعد، قانون رفع ضريبة القيمة المضافة من 5٪ إلى 10٪، هذا بالإضافة لتوقيع اتفاقية التطبيع مع إسرائيل في ظل هذه الدورة البرلمانية دون أن يكون لها رأي أو موقف يمثل الصوت الرافض للاتفاقية وخيار التطبيع.
وعلى خلفية الأزمة السياسية في البلاد تعود إلى الواجهة التساؤلات عن جدوى المشاركة في الانتخابات من عدمها، خصوصا وأن المتقدمين للترشح أغلبهم ليسوا من خلفيات سياسية.
مما جعل الجدل القائم حول المشاركة والمقاطعة يأخذ حيزًا في الفضاء الاجتماعي والالكتروني، ولكن كالعادة، هو جدال يغيب عن الصحافة المحلية تماماً.
أطلقت الدولة ومؤسساتها الإعلامية دعوات تحفيزية للمشاركة فيما دعت المعارضة لمقاطعة الانتخابات، هذا إلى جانب إسقاط حق آلاف المواطنين في الانتخاب بعد إسقاط حقهم في الترشح بموجب قانون العزل السياسي الذي يمثل أزمة حقيقية في البلاد إذ يصادر حق المشاركة السياسية من آلاف البحرينيين.
ودعا المرجع الشيعي المسقطة جنسيته والمنفي في إيران الشيخ عيسى قاسم لمقاطعة هذه الانتخابات وكذلك جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المُعارضة الممنوعة من العمل داخل البحرين التي اعتبرت هذه الانتخابات “أسوء عملية انتخابية عرفها التاريخ ويمارس الحكم فيها دور المتحكم بتفاصيل الانتخابات وافرازاتها على مستوى المجلس النيابي لإنتاج مجلس هزيل مهمته الوحيدة تلميع صورة الفساد والجرائم الماسة بحقوق الإنسان وغياب دولة المواطنة والمؤسسات وغياب القانون”، بحسب بيان لها.
تناولت الصحافة المحلية في البحرين جانب المشاركة وشاركت في التحشيد له، فقد وزعت الصحف والقناة التلفزيونية الوحيدة التابعة للسلطة، مراسليها على المراكز الاشرافية للانتخابات منذ اليوم الأول لافتتاحها، لمقابلة الراغبين في الترشح والناخبين الذين راجعوا المقار لفحص وجود أسمائهم ضمن جداول الناخبين والتظلم في حال غابت.
في المقابل تجاهلت الصحافة المحلية تماما أي صوت من أصوات المعارضة، لم تنقل أي بيان أو تصريح أو حتى تعليق يشير إلى المقاطعة.
وفيما كشف النائب ممدوح الصالح أن نحو 400 من المواطنين على الأقل لم تدرج أسماؤهم في كشوف الناخبين” في إشارة لحذف أسماء الآلاف من المواطنين من سجلات الناخبين كعقاب على عدم مشاركتهم/ن في الانتخابات السابقة حسب إجراء تقوم به اللجنة المنظمة لزيادة نسبة المشاركة، وهو الأمر الذي لم تشر له أي من وسائل الإعلام بشكل مباشر.
وفي الوقت الذي يشكك الشارع في إنجازات مجلس النواب أو قدرته على الوقوف إلى جانب قضاياه، نشرت وسائل الإعلام المحلية بيانا لمجلس النواب الذي انتهت ولايته لتسليط الضوء على “إنجازاته” عقد 114 جلسة اعتيادية و 3 جلسات استثنائية و792 اجتماعاً للجان المجلس و 7 اجتماعاً لهيئة المكتب، بالإضافة لـ 47 مرسوماً بقانون.
وأقر 63 اقتراحاً بقانون، وقدم 539 اقتراحاً برغبة، ووجه 330 سؤالاً برلمانياً للوزراء وأعضاء الحكومة ولم يستجوب أي وزير، وهي أرقام احتفت بها الصحافة المحلية دون نقد.
وفي الوقت الذي تضج فيه مواقع التواصل الاجتماعي بالنقاشات عن جدوى المشاركة من عدمها في الانتخابات المقبلة، وعن أهلية المرشحين وغياب الكثير من الملفات المهمة عن البرامج الانتخابية.
كما أن غالبية البرامج تركز على الخدمات بدلا من التشريعات، من توفير الوظائف إلى توفير الخدمات الإسكانية وحتى أصحاب المشاريع المستقبلية.
لكن تغيب هذه النقاشات عن الصحافة المحلية التي تتغنى فقط بالدعوات لتكثيف المشاركة التي يطلقها المرشحون أو اللجنة العليا للانتخابات أو باقي مؤسسات الدولة الرسمية.
يكشف هذا الوضع البائس للصحافة المحلية في البحرين عن طبيعة ومستوى الحريات الصحافية المخنوقة في البلاد.
وهو بكل تأكيد ينبئ بطبيعة تناول الملفات السياسية في الانتخابات التي ستشهد مقاطعة شريحة واسعة من البحرينيين، إما منعاً من خلال قانون العزل السياسي الذي يكرس التمييز الطائفي في البحرين أو كنتيجة طبيعية لحالة فقدان الثقة بمجمل العملية السياسية ومخرجاتها.