رفعت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ADHRB بيانات مفصلة لانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة.
وقدمت ADHRB بيانين حول قضايا حقوق الإنسان في البحرين تحت البند الثالث. ففي البيان الأول، لفتت انتباه المجلس إلى سوء معاملة السجناء السياسيين من قبل السلطات.
تشكل هذه الانتهاكات انتهاكاً جسيماً للمعايير والمواثيق الدولية. كثفت الحكومة قمعها ضد النشطاء منذ سنة 2011 مما أدى إلى الاعتقال والاحتجاز التعسفي والتعذيب والسجن للعديد من شخصيات المعارضة.
شرعت الحكومة البحرينية سياسة تجريم حرية التعبير، مظهرة تجاهلها للحقوق السياسية والمدنية. هناك حوالي 1500 سجين سياسي حالياً.
لقد انتهكت البحرين المعايير الدولية، بما في ذلك قواعد نيلسون مانديلا المتعلقة بمعاملة السجناء، فالإساءة التي يتعرض لها هؤلاء السجناء تشمل الإهمال الطبي والتمييز الديني والمضايقات.
كما أدت جائحة فيروس كورونا إلى تفاقم الوضع بإعطاء الحكومة ذريعة جديدة لارتكاب الانتهاكات وتكثيف معاناة السجناء السياسيين. حتى عندما تم الإفراج عن 1486 سجيناً بسبب فيروس كورونا، كان هناك 300 منهم فقط سجناء سياسيين.
وسلط البيان الضوء على قضيتي حسن مشيمع والدكتور عبد الجليل السنكيس، الناشطين البارزين اللذين عانيا من انتهاكات جسيمة، بما في ذلك الإهمال الطبي.
على سبيل المثال، مشيمع، وهو ناشط سياسي بارز وقائد إحدى مجموعات المعارضة الرئيسة، وهو يتعافى من مرض السرطان ويعاني من العديد من الأمراض المزمنة بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم والسكري وحُرم من الأدوية والفحوصات الدورية لفترات طويلة.
إضافةً إلى ذلك، غالباً ما تقدم له السلطات أدوية غير مطابقة لحالته. كما وضعته سلطات السجن في الحجر الصحي لمدة شهرين بحجة تقديم الرعاية له.
في مايو 2022، عانى من أعراض جديدة لمرض السكري بما في ذلك ورم غير طبيعي في القدمين مع بقع سوداء، وورم كبير في ساقه، وألم شديد في الركبة، وصعوبة في الحركة.
بعد شهرين فقط، في يوليو 2021، تم نقله إلى مركز كانو الطبي حيث بقي ولا يزال يعاني من ارتفاع شديد في نسبة السكر في الدم، ومستويات ضغط الدم، وأضرار غير محددة في كليتيه ومعدته، وكيس في عينه، واضطراب عضلة القلب.
الدكتور عبد الجليل السنكيس، ناشط بارز آخر، يعاني من العديد من الحالات المرضية المزمنة، بما في ذلك متلازمة شلل الأطفال الذي أصيب به منذ الطفولة.
حرمته السلطات باستمرار من الرعاية الطبية وتعدت عليه جسدياً ونفسياً. فمثلاً، رفضت السلطات استبدال السدادات المطاطية على عكازيه، مما أجبره على استخدام العكازات غير المريحة التي تسبب له الانزلاق باستمرار.
نتيجةً لسوء المعاملة، بدأ عدة إضرابات عن الطعام وكان آخرها في 8 يوليو 2021، منذ أكثر من 350 يوماً فتدهورت صحته بشكل كبير، فنُقل إلى المستشفى ثم إلى مركز كانو الطبي.
ومع ذلك، أهمل الأطباء حالته، ولم يقوموا بزيارته سوى مرةً واحدة كل أسبوعين أو ثلاثة، وكثيراً ما يتأخر طلبه للحصول على مسكنات الألم.
وقالت المنظمة “تمثل تلك الحالات انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولا سيما قواعد نيلسون مانديلا. ونتيجةً لذلك، دعا البيان البحرين إلى الإسقاط الفوري لكل التهم الموجهة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان المستهدفين بسبب نشاطهم والإفراج غير المشروط عن جميع السجناء السياسيين المحتجزين من دون تهمة أو بناءً على اتهامات كاذبة”.
كما وأنه على البحرين ضمان توفير الرعاية الطبية الكافية والضرورية لجميع السجناء، وإجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة في مزاعم سوء المعاملة والتعذيب، ومحاسبة المسؤولين لإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب، وإنهاء حملة منهجية الأعمال الانتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان.
الإهمال الطبي
تسلط حالتا مشيمع والسنكيس المذكورتان أعلاه الضوء على مدى إمعان البحرين في استخدام الإهمال الطبي بشكل ممنهج كسلاح ضد السجناء السياسيين. وعليه فإنّ البيان الثاني تحت البند الثالث يعالج موضوع الإهمال الطبي.
لقد استخدمت البحرين الإهمال الطبي الممنهج والمتعمد ضد السجناء السياسيين منتهكة القانون الدولي، كشكل من أشكال الإنتقام من نشاطهم. كانت الظروف الصحية في السجون سيئة للغاية.
تم الإبلاغ عن حالات وفاة بسبب هذه ظروف السجن، بما في ذلك عباس مال الله الذي كان يعاني من أمراض مزمنة مختلفة ولكنه حُرم من الرعاية المناسبة. هذا وقد تجلى الإهمال في النقص المزمن في عدد العاملين في العيادات الطبية، والإعطاء غير المناسب وغير الملائم للأدوية الروتينية، والوصول غير الكافي والمعرقل إلى المرافق الطبية الخارجية.
تفشي مرض السل
إن عدم الاستجابة في الوقت المناسب لتفشي مرض السل في سجن جو عام 2022 يدل على تجاهل البحرين لحقوق السجناء في الحصول على الرعاية الصحية.
بدأ تفشي المرض في يونيو 2022 عندما تم التأكد من إصابة حسن عبد الله حبيب بالسل. حبيب الذي عانى من أمراض مزمنة أخرى وحُرم باستمرار من الرعاية الطبية، ونُقل إلى مجمع طبي بسبب الألم الناجم عن فقر الدم المنجلي، فهناك تم تشخيصه بالسل.
على الرغم من حالته، نُقل مرةً أخرى إلى سجن جو دون أي سكن لحالته. رداً على ذلك، أصدرت وزارة الصحة البحرينية بياناً قالت فيه إن حالته مستقرة وإنه يتلقى الرعاية الكافية. لكن تبين التناقض مع البيان، ذلك في تسجيل صوتي لحبيب يكشف فيه مدى الإهمال الطبي في البحرين.
وقد اختتم البيان بدعوة البحرين إلى الإفراج غير المشروط عن جميع المعتقلين السياسيين، ولا سيما أولئك الذين يعانون من الأمراض، وتوفير الرعاية الطبية الملائمة لجميع السجناء، والامتثال للقواعد والمعايير الدولية المتعلقة بمعاملة السجناء، والسماح لمنظمات حقوق الإنسان بزيارة البحرين.
كما دعا البيان المسؤولين في وزارة الصحة ووزارة الداخلية ومؤسسات حقوق الإنسان الداخلية إلى التحلي بالشفافية بشأن المعلومات المتعلقة بالحالات الطبية داخل السجون.
ثقافة الإفلات من العقاب وانعدام المساءلة
سُلط الضوء بشكل أكبر على ثقافة الإفلات من العقاب في هذا البيان الثالث حول البحرين في إطار البند الرابع، والذي وجهت فيه ADHRB انتباه المجلس نحو انعدام المساءلة في البلاد.
على وجه الخصوص، يتم ترك ضباط الأمن الذين غالباً ما يسيئون استخدام سلطتهم وسوء معاملة السجناء دون أي عقاب. يتهرب هؤلاء الضباط الذين ينفذون القوانين القمعية التي تفرضها الحكومة من كل العقوبات فيما يعد انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي.
البحرين واحدة من أكثر الدول التي تخضع للشرطة في العالم مع ما يقارب 46 من أفراد الأمن لكل ألف مدني. وغالباً ما كان هذا الجهاز الأمني مسؤولاً عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقال التعسفي ومداهمات المنازل دون مذكرة قضائية؛ الاختفاء القسري؛ التعذيب؛ تدخل الإجراءات القانونية؛ ظروف احتجاز دون المستوى؛ الحرمان من الرعاية الصحية؛ القوة المفرطة ووحشية الشرطة بالإضافة إلى التمييز الديني.
وعلى سبيل المثال، تم اعتقال 6 أطفال من قرية سترة في ديسمبر 2021، وهم محرومون حتى الآن من حقوقهم الأساسية على الرغم من القوانين المتعلقة باحتجاز الأطفال.
استخدام التعذيب
علاوة على ذلك، استخدمت الأجهزة الأمنية التعذيب كأداة لاستجواب المعتقلين السياسيين. كان مدى وحشيتهم سيئ السمعة.
كما اتُهم أفراد من العائلة المالكة بتعذيب السجناء السياسيين. أما عن أكثر طرق التعذيب شيوعاً فهي الضرب أو الأسلحة أو بأدوات حادة.
وتشمل الأساليب الأخرى الوقوف القسري، أو التعليق، أو الضغط والصعق الكهربائي، والاعتداء الجنسي، لتصل إلى الاغتصاب. لا يتم استخدام التعذيب أثناء الاستجواب فقط، ولكن أيضاً خلال فترة الاعتقال.
يتهرب المسؤولون الذين يعذبون السجناء السياسيين من العقاب وتتم ترقيتهم. وقد رفضت البلاد باستمرار دخول الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة وإجرائها التحقيقات.
لهذه الأسباب دعت منظمة ADHRB دولة البحرين في بيانها إلى تنفيذ كامل التوصيات التي تلقتها من المكلفين بولايات الإجراءات الخاصة في الأمم المتحدة، وتشمل هذه التوصيات الإفراج عن جميع السجناء السياسيين، ووضع حد للإفلات من العقاب، وإصلاح الجهاز القضائي وآليات المساءلة القائمة.
كما دعت المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات على الجناة الرئيسيين في جميع مؤسسات وزارة الداخلية وداخل الحكومة البحرينية.