كشف برنامج تقصي الحقائق على قناة اللؤلؤة الذي يقدمه الحقوقي باقر درويش في حلقة تناولت قضية تاريخية بعنوان: “إسقاط الجنسية.. تدابير الانتقام السياسي” عن قضية ألف بحريني كانوا مقيمين في منطقتي القطيف والإحساء لأغراض تجارية ونزحوا إلى البحرين بعد اضطراب الأوضاع السياسية وتعرضهم للاضطهاد والضرائب القاسية بسنة 1929.
وسلط التقرير الضوء على كيف أنَّ حكومة البحرين مدعومة بالوكالة السياسية البريطانية رفضت منحهم الأوراق الثبوتية التي تؤكد أنَّهم بحرينيون وقامت بنفيهم مجددا للسعودية ما تسبب بتعرض عدد منهم للجلد والتعذيب.
والوثائق التي تم الكشف عنها هي من ملف رقم (19/163 I (C 33) الخاص بالعلاقات بين ابن سعود وشيخ البحرين، أنشطة المبعوث النجدي في البحرين، وهو من مخطوطات المكتبة البريطانية، وأيضا من المجلد الخامس لأرشيف الوثائق البريطانية الأصلية الصادر عن مركز أوال للدراسات، وهو ملف يعود تاريخه إلى 15 أبريل 1923- 31 يوليو 1931.
وجاء في الرسالة المؤرخة في 8 يناير 1930 من المقيم السياسي في الخليج (إتش. في. بيسكو) إلى وزير الخارجية في حكومة الهند النص التالي: “يشرفني أن أدعوكم للعودة إلى برقيتي رقم T-61، المؤرخة في 15 ديسمبر 1929، التي تفيد بأنَّه مابين 200 و 300 بحراني فرّوا من القطيف، ولجأوا إلى جزيرة المنامة التابعة للبحرين. وبعد ذلك أبلغني المعتمد السياسي أنَّ عدد اللاجئين البحارنة قد ارتفع إلى نحو 1000 شخص، وأنَّهم أجبروا على الرحيل مخلّفين عائلاتهم ورائهم”.
أسباب النزوح
وفي الفقرة الثالثة من الوثيقة يرد توضيح أسباب نزوح الألف بحريني: “كانت شكوى هؤلاء الأشخاص مفادها أنَّ سلطات القطيف كانت تجبي منهم ضرائب مرتفعة قسرا، وقد تعرضوا لأشكال الظلم كافة. ولكن يبدوا أنَّها الآن تجبي ضرائب إضافية على الحرب مما زاد الوضع سوءا وجعلهم يلجأون إلى البحرين. ولكن سلطات نجد منعتهم من نقل عائلاتهم، والكثير منهم لا يستطيعون الهجرة بسبب امتلاكهم لممتلكات لا يمكن نقلها”.
وفي رسالة سرية صادرة من المعتمد السياسي في 21 ديسمبر 1929 من المعتمد السياسي (تشارلز جوفري برايور) إلى المقيم السياسي في الخليج، يرد النص التالي: “ذهبت مع صاحب السعادة الشيخ حمد إلى الصيد في الصخير، وعندما توقفنا لتناول الغذاء، فوجئ برؤية وفد يقترب منَّا فوق التلال الرملية. تبيَّن أنَّ المجموعة من اللاجئين (إلى الإحساء)، وكانوا يريدون طلب المساعدة من الشيخ حمد. وعلى الرغم من عدم اهتمامه بأمرهم على اعتبار أنَّهم شيعة، وهم أهداف مناسبة للاضطهاد، إلا أنَّ سعادته أخبرهم أنَّ البحرين والإحساء لا يختلفان عن بعضهما”.
لا تعاطف
إلا أنَّه في رسالة أخرى يكشف المقيم السياسي في الخليج (إتش. في. بيسكو): “لم يكن صاحب السعادة متعاطفا مع شكاويهم لأنَّهم شيعة.. ومن ثم أحالهم للمعتمد السياسي”.
وتشير المقيمية البريطانية والقنصلية العامة إلى إجراء سابق لجئ إليه المعتمد السياسي في سنة 1927 في رفض عريضة قدمها البحارنة المقيمون بالقطيف بالسماح لهم بالعودة للبحرين، وورد في رسالته: “نظرا لأنَّ مقدمي العريضة يقطنون القطيف منذ أمد بعيد، ونظرا إلى الظروف التي هاجروا في ظلِّها في بادئ الأمر، فلا يحق لهم برأيي المطالبة بحماية من الشيخ حمد آل خليفة”.
وفي ذات الرسالة يقول “إتش. في. بيسكو”: أقترح إعلام حكومة نجد بأنذ عددا من الأشخاص الذين يسمون على المستوى المحلي بـ “البحارنة” ويدَّعون لأنفسهم الجنسية البحرينية، توجهوا من القطيف إلى البحرين، زاعمين تعرضهم للاضطهاد على يد السلطات في نجد، وقبل أن يباشر المعتمد السياسي في البحرين بالتحقق من صحة تظلماتهم المزعومة استدعاهم بموجب تعليمات من المقيم السياسي؛ للتأكد من حقهم بالمطالبة بالجنسية البحرينية، وفي غالبية الحالات ظهر بأنَّ هؤلاء الأشخاص قد استقروا في الأحساء منذ زمن بعيد، وقطعوا صلتهم بالبحرين… بناءا على ذلك تم إبلاغهم أنّه لا يمكن اعتبارهم رعايا بحرينيين.