بينما تواجه شريحة واسعة من البحرينيين صعوبات كبيرة في تسديد فواتير الكهرباء حتى مع تقسيطها، فإن سلطات النظام الخليفي تتغاضى عن تجاوزات مالية باهظة في قيمة فواتير الكهرباء التابعة لجهات حكومية.
فقد أعلن وزير شؤون الكهرباء والماء، وائل المبارك، أن لدى هيئة الكهرباء والماء في نظام خدمات المشتركين للوزارات والجهات والهيئات الحكومية 3550 حسابا حكوميا.
وتتجاوز فواتيرها لـ3 سنوات 110 ملايين دينار أكثر من 9 ملايين دينار لفئة السكني.
امتيازات
وأشار في رد على استفسار برلماني إلى أن حسابات الكهرباء مصنفة إلى فئتين، سكني وغير سكني.
وقال إن مجموع الفواتير المصدرة للفئة غير السكنية للعام 2018 بلغت 24,056 مليون دينار و2,893 مليون دينار لفئة الاستهلاك السكني بمجموع 26,949 مليون دينار لهذه السنة.
وتابع: في العام 2019، بلغ مجموع الفواتير المصدرة لفئة الاستهلاك السكني وغير السكني 35,202 مليون دينار بواقع 31,913 مليون دينار لغير السكني و3,218 مليون دينار لفئة الاستهلاك السكني.
أما العام 2020 فقد بلغت الفواتير المصدرة للفئتين 48,630 مليون دينار بواقع 45,412 مليون دينار لغير السكني و3,218 مليون دينار للسكني.
وردا على سؤال إذا ما كانت هذه الحسابات مدعومة، أجاب الوزير أنه بموجب القرار رقم 1 لسنة 2016 بشأن تعرفة الكهرباء والماء، فإن الفئة تحصل على الدعم هي فئة البحريني في المسكن الأول.
ويحصل على دعم لخدمتي الكهرباء والماء والفئة غير السكنية وتحصل على دعم للكهرباء حتى استهلاك 5 آلاف وحدة فقط وأي حسابات غير مدرجة في هاتين الفئتين لا تحصل على دعم.
وأضاف: جميع مشتركي فئة الاستهلاك غير المنزلي يحصلون على دعم للكهرباء حتى استهلاك 5 آلاف وحدة كهرباء، ولا يوجد تصنيف في نظام خدمات المشتركين يصنف حجم الدعم المقدم للجهات الحكومية.
وإنما يتم احتساب كامل الدعم المقدم لهذه الفئة حيث بلغ في العام 2020 ما مجموعه 18.32 مليون دينار (جميع مشتركي فئة الاستهلاك غير المنزلي بما فيهم الجهات الحكومية). وهي مبالغ الدعم المقدمة حتى استهلاك 5 آلاف وحدة.
العين على جيب المواطن
ويظهر الكشف عن هذه البيانات مدى تغول سلطات النظام على غالبية المواطنين الذين هم من ذوي الشرائح الضعيفة ووضع يدها داخل جيوبهم لتمويل نفقاتها.
إذ بات قطاع واسع من البحرينيين يعجز عن تسديد فواتير الكهرباء نتيجة للظروف الاقتصادية وغلاء المعيشة بسبب السياسات الفاشلة للنظام الخليفي.
وفي ظل وصول نسب الفقر والبطالة في البحرين إلى مستويات حرجة، فإن وزارة الكهرباء والماء لا تأبه لأحوال المواطنين غير المقتدرين ماليا.
إذ تلجأ إلى قطع الكهرباء عن غير المسددين منهم.
متطلبات أساسية
ويتساءل المواطنون عما إذا كانت الوزارة تطبق الأمر ذاته مع المؤسسات الحكومية والفنادق والشركات والمؤسسات الكبرى.
التي تراكمت عليها مبالغ ضخمة مستحقة منذ سنوات.
أم أنها تستقوي على المواطن العادي الذي بالكاد بات يتدبر أمور معيشته اليومية من مأكل ومشرب، خصوصا في ظل أزمة كورونا؟.
كان خمسة نواب في البرلمان وزارة الكهرباء والماء بوقف إجراءات قطع الكهرباء والماء عن المواطنين المتعثرين ماليا.
وأشار النواب في بيان مشترك إلى صعوبة حصول المواطنين على وظائف لأبنائهم مما تٌعتبر عراقيل كبيرة أمام قدرتهم على استيفاء كل متطلبات الحياة.
وشددوا على أن خدمة الكهرباء والماء أصبحت من المتطلبات الأساسية للإنسان ولا تقل عن حاجته للمأكل والمشرب والشعور بالأمان.
“وما يتعلق بصحته وتعليمه ومسكنه، وجميعها توفر له الاستقرار المعيشي”.
وشهد معدل البطالة في البحرين تصاعداً كبيراً عام 2020 وصل إلى ما نسبته 10% من سكان المملكة.
متأخرات بالملايين
وأشار النواب الخمسة إلى أن متأخرات الكهرباء لا تقتصر فقط على القطاع السكني للمواطنين في مسكنهم الأول.
“بل هناك قطاعات أخرى تتمثل بالحكومة وقطاعات الفنادق والمجمعات والشركات التجارية الكبرى، وغيرها من القطاعات”.
وأضافوا أنه من الأولى البدء في هذه القطاعات التي لا تقل متأخراتها عن عشرات الملايين من الدينارات وهي كافية في المرحلة الأولى من تحصيل المتأخرات.
مع الاستمرار في تحصيل متأخرات المواطنين وتقسيمها لفئات مع تأخير ذوي الدخل المحدود وعدم وضعهم في الأولويات وزيادة الأعباء المعيشية عليهم.
وأكدوا أن هذه المطالبة نابعة من مطالبات المواطنين اليومية والحالات التي ترد لأعضاء مجلس النواب بشكل مستمر.
ونبهوا إلى أنه رغم تجاوب وزارة الكهرباء والماء مع بعض الحالات وتذليل الصعوبات أمامهم إلا أن هذه الخطوة لا تتناسب مع حجم المعاناة الحقيقية لذوي الدخل المحدود.
وقد لا تصل هذه المساعدة أو تعاون الوزارة لجميع المحتاجين.
لذلك شددوا على وجوب النظر بعين الواقع ومن منطلق تحسين معيشة المواطن وحقه الدستوري بالأمن والأمان.
وتضمين الكهرباء والماء ضمن الأساسيات التي يجب توفيرها للمواطن وفقاً لأوضاعه المعيشية.
غضب متصاعد
ويتصاعد الغضب بين البحرينيين مع تفاقم عجز الميزانية وارتفاع نسب الفقر والبطالة إلى مستويات حرجة.
وزعمت السلطات أن الميزانية العامة للسنتين الماليتين 2021 و2022 وضعت المواطن “أولوية” في برامج وخطط الحكومة.
وذكر الفريق الحكومي أن مبادئ صياغة الميزانية “ارتكزت على المواطن وعلى مواصلة الدعم الاجتماعي للمواطنين الأكثر حاجة”.
الوقاع تكذب الحكومة
لكن القراءات الاقتصادية تشير الى عكس ذلك. فقد تضمنت الأرقام الموجودة في الميزانية رفع الدعم عن الكهرباء في العام 2022.
فضلا عن خفض الدعم الحكومي الذي يطال قطاعات الإسكان والكهرباء والمواد الغذائية بنسبة تزيد عن 31 في المائة بحلول العام القادم.
ويتزامن ذلك مع غياب أي زيادة في رواتب المواطنين الذين لم يلمسوا أي تحسن في الرواتب منذ 10 سنوات.