يحاول ملك النظام الخليفي الحاكم في البحرين حمد بن عيسى آل خليفة فرض رؤية بالقوة على البحرينيين تقوم على أن المصلحة الوطنية فقط مع إسرائيل وبالتطبيع معها.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه المنطقة حرب إبادة جماعية على غزة وحرب شعواء على لبنان ليبرز الوضع في البحرين: حكومة لا تتوانى عن الترهيب واستخدام القوة لإخضاع جميع المنددين بهمجية إسرائيل.
وأبرز موقع (مرآة البحرين) المعارض منع السلطات الخليفية صلوات الجمعة، ضرب المصلين والمتظاهرين، اعتقال العلماء، استدعاء وتوقيف نشطاء، وحظر جميع الاحتجاجات السلمية التي تنظمها قوى سياسية ومؤسسات المجتمع المدني نصرةً لفلسطين ولبنان.
وقال الموقع إنه لا مكان في البحرين اليوم -من وجهة نظر الملك- لكل ما من شأنه أن يمس بإسرائيل. فإما أن تكون مع إسرائيل أو على أقل تقدير لا تتجرأ على إدانتها في وطن أنا أحكمه، وأهيمن على قراره السياسي والسيادي وثرواته ومقدراته.
في مقابل ذلك، تصر القوى الوطنية والإسلامية على التعبير في البحرين عن ضمير الشعب الذي يرفض ويلفظ هذا الكيان ولا يريد له أن يُدنّس وطنه عبر ما فرضته العائلة الحاكمة على الجميع من تطبيع للعلاقات وتواطؤ وتآمر على قضايا الأمتين العربية والإسلامية.
آية الله الشيخ عيسى قاسم قال عبر منصة إكس “البحرين بلد الإسلام والإيمان، وشعبها شعب الإسلام والإيمان، يُطالَب وهو كذلك -وكأنّه في تل أبيب ومن حزب الليكود- بمعاداة غزة ولبنان ونصر الله وهنيّة، وكلّ قائد غيور من قادة الأمة، وكلّ بلد عزيز إسلامي حرّ، وموالاة نتنياهو. طلبكم مستحيل، وأمنيتكم جنونية”.
إذًا، هذه هي هوية الشعب كما يراها الشيخ عيسى قاسم، هوية في جانبها الإنساني والوطني والأخلاقي لا تنفك عن قضايا الأمة، وهي هوية يريد الملك تغييرها بالقوة لتصبح البحرين وكأنها تل أبيب ثانية خاضعة لحزب ليكود من نوع آخر.
هكذا عبّر قاسم عن حقيقة الموقف الشعبي، بينما اختار الملك عباراته بعناية خلال افتتاح دور الانعقاد الثالث الأحد (13 أكتوبر 2023)، متجنبا أن يأتي على ذكر الكيان الصهيوني فضلا عن إدانة جرائمه.
في حقيقة الموقف، يرى الملك أنه يتشارك الأهداف مع هذا الكيان، وهو التخلص من حركات التحرر الوطني، وإلغاء مفاهيم المقاومة والتغيير من قواميس الشعوب حتى يأمن هو ومن على شاكلته على نفوذه وسلطته.
لقد استخدم عبارات منمّقة ومدروسة جيدا كعادته. “لقد أكدنا مراراً على وجوب الوقف الفوري للحرب في قطاع غزة”، هذا هو كل قاموس الملك في وصف ما يجري، “وقف الحرب في غزة”، حتى لم يقل وقف الحرب على غزة، فمن منظوره من بدأ الحرب هي حماس ولإسرائيل حق الدفاع عن نفسها.
والأدهى من ذلك أنه خلص للقول، “وبالتالي فإن فض الاشتباك أصبح ضرورة قصوى”. هكذا يحاول الملك إنكار حرب الإبادة وتصويرها على أنها مشاجرة، كالتي تحدث بين أبنائه على من يعين مسؤول هناك ومسؤول هناك.
أما جرائم حلفائه في لبنان فلم يرَ فيها إلا “نيران حرب طالت لبنان”، قبل أن يحذر “أطراف النزاع” من مخاطر الحرب الشاملة.
هكذا هو انقلاب المفاهيم “اشتباك” بدل حرب الإبادة، و”أطراف نزاع” بدلا عن طرف واحد يمارس الوحشية والإبادة في أقسى أشكالها، وكيان لم يترك محرقة إلا وارتكبها بحق الأبرياء والعزل.