وصفت رابطة الصحافة البحرينية تغطية وسائل الإعلام البحرينية لمونديال كأس العالم في قطر 2022 بأنها “صحافة يُرثى لها”.
وفي 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، افتتحت قطر فعاليات مونديال كأس العالم لكرة القدم باحتفالية حضرها عدد من رؤساء وقادة دول خليجية وعربية.
خليجياً حضرت كل دولة بشخصية بارزة، جلس في منصة كبار الزوار ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الصباح، ووزير الثقافة والرياضة والشباب العماني، ذي يزن بن هيثم آل سعيد، ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فيما غاب الحضور الرسمي البحريني عن الافتتاح.
وأبرزت الرابطة الخلاف البحريني القطري الذي لم ينته بإعلان اتفاق العلا واستمر بين البلدين، ألقى بظلاله على مختلف مناحي الحياة التي تحكم العلاقة بين البلدين، واستمر التراشق الإعلامي بين البلدين.
إذ استمرت قناة الجزيرة القطرية في تغطية فعاليات المعارضة البحرينية، ونشر التقارير الحقوقية الناقدة للبحرين، واستمرت صحف البحرين في نشر القضايا المتعلقة بأحقية البحرين بالزبارة، وقضايا العمال المهاجرين في قطر.
هذه العلاقة المتوترة واكبتها تعليمات حكومية بحرينية للصحف المحلية بعدم تغطية فعاليات كأس العالم، وبالفعل فقد غابت في الأيام الأولى من المونديال عن صفحات الصحف وملاحقها الرياضية أي إشارة لانطلاق أهم بطولة رياضية على مستوى العالم.
وهو الأمر الذي لاقى استهجان المواطنين، وأصبح مادة للتندر والسخرية في وسائل التواصل الاجتماعي.
بعد أن وضعت الصحف في موقف لا يحسد عليه، قررت الصحف اليومية تغطية بقية فعاليات كأس العالم بعد حفل الافتتاح، مع استمرارها في نشر التغطيات السلبية عن قطر وحقوق المهاجرين.
لكن صحيفة الأيام المحلية ذهبت أبعد من ذلك، حين تعمدت حذف اسم منتخب قطر واعتبار مبارياته غير موجودة، فقد نشرت في صفحاتها الرياضية بتاريخ 25 نوفمبر في جدول (مباريات اليوم)، عن وجود ثلاث مباريات متجاهلة المباراة الرابعة التي تجمع بين قطر والسنغال.
لكن خسارة قطر الثانية في كأس العالم أدى لعدم تأهلها لدور الـ 16، وهو ما قامت الصحيفة نفسها بنشره عبر حسابها في انستغرام بعد المباراة مباشرة مع عنوان (قطر أول منتخب يودع كأس العالم 2022).
هذه السياسات غير المهنية في تغطية الأحداث تعود في أحد أهم أسبابها إلى عدم استقلالية الصحف في البلاد، وتبعيتها الكاملة للحكومة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وارتهانها الكامل للسلطات السياسية نظراً لاعتماد الصحف على الإعلانات الحكومية كمصدر الدخل الأهم في تغطية النفقات.
خصوصاً مع انحسار الإعلانات التجارية في الصحف المحلية بعد تحولها إلى نسخ متشابهة تنشر الأخبار ومقالات الرأي بالمضمون ذاته.
فقد أدى إغلاق صحيفة الوسط، الصحيفة المستقلة الوحيدة في البحرين، إلى انحدار مستوى التنافسية وتراجع سقف الحريات في البحرين، حيث غابت مساحة الرأي المستقل وتم تغييب الأصوات الناقدة للدولة.
وهكذا تحولت الصحف إلى مجرد نشرات تطبع البيانات الحكومية والأخبار الصادرة من وكالة أنباء البحرين، وهو ما أدى في إحدى صوره إلى عزوف القارئ البحريني عن اقتناء هذه الصحف وقراءتها أو الاطلاع على ما يكتب وينشر فيها.
وقالت الرابطة إن طريقة تغطية الصحف المحلية البحرينية لكأس العالم تبرهن على الواقع المؤسف لحال الصحافة في البحرين، حيث باتت الصحف تلفظ أنفاسها الأخيرة.
وأكدت أن البحرين مدعوّة لإجراء تغييرات جذرية تعيد الروح إلى الصحافة المحلية وتجعلها مرة أخرى “سلطة رابعة” ذات أهمية وتأثير في المجتمع.
وأضافت أن المجتمع الذي لا يملك صحافة حرة أو مستقلة، هو مشروع أزمات سياسية لا تنتهي، والتجارب حول العالم أثبتت أن حرية الصحافة هي أحد أركان المجتمع المستقر، وغيابها مؤشر على وجود الاضطرابات والقمع في أي بلد كان.
وأكدت أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكل حلفاء البحرين مدعوين للضغط على البحرين من أجل وقف تدهور حرية الصحافة في البلاد، وإن إعادة الاعتبار للصحافة المحلية في البحرين ينتج عن اتخاذ عدد من الخطوات والإجراءات، من أبرزها:
– عودة صحيفة الوسط للصدور.
– وقف التدخل في عمل الصحف المحلية.
– إيجاد قانون عصري ينظم الصحف الإلكترونية، ويسمح لها بالتواجد في الفعاليات والمؤتمرات الرسمية.
– وقف ملاحقة نشطاء الإنترنت، وكف يد الأجهزة الأمنية عنهم.