صعد سجناء الرأي خطواتهم الاحتجاجية في سجن “جو” سيء السمعة التابع للنظام الخليفي الحاكم في البحرين في ظل سياسة قمع حكومية ممنهجة.
وكشفت هيئة شئون الأسرى البحرينيين عن اعتصام 15 سجينا من المعزولين أمنيًا في سجن جو المركزي في ساحات مبنى 4 في السجن احتجاجًا على عزلهم والإجراءات الإنتقامية التي ترتكب بحقهم.
وذكرت الهيئة أن السجناء كانوا أعلنوا تمردهم قبل أن تتدخل القوات الخاصة وتنقلهم إلى زنازين انفرادية حتى أعلنت إدارة السجن الثلاثاء الماضي بأنها ستنظر في إجراءات عزلهم الأمني التعسفي عن بقية الأسرى. لكنها نكثت وعودها، ليعود الأسرى للاعتصام في باحة المبنى.
ومع دخول إضراب الأسرى البحرانيين في السجون الخليفية يومه الواحد والعشرين، أكدت مصادر من داخل السجن وفدًا رفعيًا يتكون من غادة حميد، القاضي إبراهيم الزايد، عيسى راشد العربي، وشخص آخر لمفاوضة اللجنة المنظمة للإضراب.
وجرى اللقاء عند الساعة الواحدة والنصف من فجر يوم (26 أغسطس/آب 2023) وبحضور مدير سجن جو المركزي هشام الزياني.
وطلب الوفد المفاوض من قبل الحكومة من الأسرى فك الإضراب عن الطعام، ووقفوا الخطوة بالغير مناسبة، وأن هناك طرق أخرى للوصول لحل ولكن ليس بالإضراب عن الطعام.
وكان الوفد الحكومي حادًا وبنبرة صوت التهديد والوعيد، لكن ممثلي الأسرى المضربين قالوا بأن الأضراب ليس تحديًا، وهو خطوة من أجل حقوق مسلوبة، وسينتهي الإضراب متى ما تمت إعادة الحقوق.
في سياق ذلك، تتواصل المظاهرات والمسيرات المساندة للأسرى البحرانيين المضربين عن الطعام في كل أنحاء البحرين.
ويدخل إضراب سجناء الرأي في سجون النظام الخليفي الحاكم في البحرين أسبوعه الرابع في وقت يتنامى حصوله على تأييد شعبي ونقابي وأهلي واسع النطاق.
وبحسب أوساط حقوقية ارتفع عدد سجناء الرأي في سجن “جَوْ” المركزي المضربين عن الطعام إلى 804 في وقت يبقي العدد مرشحا أكثر للازدياد.
وأشار مدير “معهد البحرين للحقوق والديمقراطية” (بيرد)، أحمد الوداعي إلى اعتراف رسمي من مسؤول حكومي بحريني لصحيفة “وول ستريت جورنال” بأن عدد المعتقلين المضربين عن الطعام تجاوز 700 فيما العدد الحقيقي أكثر من 800.
يأتي ذلك فيما وجهت 79 شخصية بحرينية، مِن نقابيين وأكاديميين وناشطين سياسيين ومحامين ومهندسين وكتاباً وشعراء، نداءً إلى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء سلمان بن حمد آل خليفة، عبرت فيه عن مساندتها لمطالب السجناء المضربين عن الطعام.
وأكدت تلك الشخصيات في بيان مشترك اطلع عليه “بحريني ليكس”، أن مطالب سجناء الرأي المضربين عن الطعام “تتماشى مع الحقوق المُقرة في الدستور والميثاق وتعهدات البحرين الدولية وخطتها الوطنية لحقوق الإنسان 2022-2026 الهادفة إلى اتخاذ خطوات لتحسين الأوضاع الحقوقية”.
وشددت الشخصيات على أن “الإصلاح الحقيقي يتطلب إغلاق ملف الاعتقال السياسي بالإفراج عن المشاركين في النشاطات السلمية المطالِبة بالتغيير الديمقراطي”.
وذكرت أن ذلك مطلب حثت عليه هيئات ومنظمات حقوقية أممية عديدة وأكد عليه تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق (المعروف بـ “تقرير بسيوني”) الذي طالب بإلغاء أو تخفيف كل الأحكام الصادرة بالإدانة على الأشخاص المتهمين بجرائم تتعلق بحرية التعبير السياسي.
وقالت إنه “برغم استحداث البحرين نظامَيْ السجون المفتوحة والعقوبات البديلة، لا يزال هناك عدد كبير من السجناء الذين يقضون أحكاما طويلة تتعلق بنشاطهم السياسي ويكابدون ظروف سجن قاسية، الأمر الذي دفع مئات منهم لإضراب مفتوح عن الطعام لتحسين ظروفهم”.
وأضافت أنه “برغم أن الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل أعلنت عن أنها “تتابع أوضاع من قاموا بإرجاع وجباتهم، للتأكد من جودة الخدمات المقدمة والوقوف على مطالبهم في إطار الالتزام بالقانون ومراعاة حقوق الانسان”، فإن الإضراب لا يزال قائماً في غياب إجراءات عملية لتلبية مطالب السجناء العادلة”.
وأكدت الشخصيات على شرعية مطالب السجناء المضربين عن الطعام، وهي: وقف سياسة العزل الأمني الذي قد يطول أشهرا أو سنوات ويصاحبه أحيانا تقييد للأيدي والأرجل، إنهاء سياسة الإهمال الطبي حيث ينتظر السجين المريض أشهراً قد تزيد على العام لعرضه على طبيب مختص.
كما يطالب السجناء بإنهاء سياسة الحجز في الزنازين مدة 23 ساعة يومياً لما تتركه من أثر سلبي على صحة السجين النفسية والجسدية، وإعادة العمل بنظام اخراج السجناء خلال ساعات النهار للاستفادة من مرافق السجن من ملاعب ومكتبات ومساجد لصلاة الجماعة وممارسة النشاطات والهوايات المختلفة.
ودعت الشخصيات الموقعة على البيان إلى “إنهاء سياسة التضييق على الزيارات العائلية التي تقتصر على مدة نصف ساعة كل شهر من خلف حاجز زجاجي يمنع اتصال السجين المباشر بأهله”.
وشددت على أن “الحق في التعليم الجامعي، حيث لا توجد آليه واضحة في السجن لتقديم طلبات الدراسة الجامعية أو الانضمام لدورات تعليمية ومهنية خاصة”.
واعتبرت الشخصيات أن “تحقيق هذه المطالب ليس بالأمر الصعب، بل يتسق مع أهداف قانون مؤسسة الإصلاح والتأهيل التي اتبعت هذه الممارسات الصحيحة في الفترة التي تلت إصدار “تقرير بسيوني”، ومن شأن تنفيذها تحسين أوضاع السجون بشكل يفيد السجناء ويطمئن أهلهم ويحقق أهداف “الإصلاح والتأهيل” الذي ترفع شعاره مؤسسة السجون ويسهم في تحقيق الأمن الاجتماعي”.